التسوُّل مهنة قديمة، اعتاد الكثير عليها ممن ضعف لديهم الوازع الديني، وقلَّ الحياء من الناس، وبالأخص ــ وهم الأغلب ــ من رأوا فيها مهنة مريحة، تجلب المال الوفير بدون عناء ومشقة.. ونستثني من هؤلاء المحتاجين فعلاً الذين أجبرتهم الظروف على فعل ذلك رغمًا عن إرادتهم.
جميع المتسولين، سواء محتاجين بحق أو محتالين، يتفقون في شيء واحد، هو محاولة ألا يعرفهم أحد، ويلجؤون في سبيل تحقيق ذلك إلى الانتقال من مواقعهم الأصلية إلى مدن أخرى، أو دول أخرى، لا يعرفهم فيها أحد.. فما زال بعض الحياء موجودًا، والستر من المعارف والأقارب يطغى على كل شيء.
مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي بدأنا نلاحظ انتشارًا كبيرًا للشحاذة والتسوُّل ــ عافانا الله منها ــ على تويتر وسناب وغيرهما.. والغريب أن من يتصدرون لهذا الأمر لم يعد يعنيهم الستر كما في السابق، بل تجدهم على رؤوس الأشهاد عيانًا بيانًا يطلبون، ويشتكون الضعف والفاقة وقلة الحيلة، بالرغم من أنهم ليسوا محتاجين حقيقيين، وإنما زيادة في البطر، أو ربما يريدون الإنفاق والبذخ مجانًا من أموال العطايا والهبات.. وللأسف، إن جزءًا من هؤلاء أسماء معروفة لدى الناس في جميع المجالات.
تتنوع أساليبهم في نوعية المطالب، ولكنها تندرج في النهاية تحت عنوان "التسول".. أحدهم يتنقل من دولة لأخرى، ويستعرض سفراته، ويذكر في الأخير أنه لا يمتلك منزلاً! وآخر يقيم الولائم الكبيرة، ويذهب فيما بعد يطلب من الأثرياء المال! وقس على هذا الكثير..
ربما البعض أجبرتهم الظروف ولم يجدوا معينًا بعد الله إلا دعم الناس.. نسأل الله أن يفك كربتهم.. وأنا لا أتحدث عنهم، إنما أذكر من يدَّعون الفاقة، وهم ليسوا كذلك.
مشاهير السناب وما يستجدونه من أصحاب شركات الملابس والمطاعم وغيرهم والحضور لديهم، والأكل ببلاش، وارتداء الملابس ببلاش، والتعطر ببلاش.. جميع هذا تسول، ولكن بطرق جديدة.
أحد التابعين دخل عليه متسول يطلب حاجة، فقال له: "إن كنت صادقًا جعلك الله كاذبًا، وإن كنت كاذبًا جعلك الله صادقًا".