بالأحداث المثبتة تاريخياً.. الأمم المتحدة في اليمن: وجه يبتسم ويد تصافح القَتَلَة و"غوتيرس" يتواطأ

أهانوا ممثليها وغضت الطرف عن جرائمهم ..
بالأحداث المثبتة تاريخياً.. الأمم المتحدة في اليمن: وجه يبتسم ويد تصافح القَتَلَة و"غوتيرس" يتواطأ

منذ محاولات الحوثيين الأولى السيطرة على محافظة عمران 50 كيلو متراً شمالي صنعاء، سلكت الأمم المتحدة مع التمرد الحوثي مسلكاً يتناقض مع شعاراتها ومبادئها المعلنة، وظل مبعوثها يضلل الرأي العام حينها بأن ثمة صراعاً يحدث بين "أطراف" لم يسمها في أغلب تقاريره لمجلس الأمن، لدرجة بدت فيها المنظمة الدولية وكأنها بمثابة غطاء دولي مهّد للحوثيين احتلال محافظة عمران، ومن ثم العاصمة صنعاء.

جرائم بحق الإنسانية:

وقبلها كان الحوثيون قد ارتكبوا جرائم حرب بحق الإنسانية في (دماج) حصاراً وقصفاً لمساكن طلاب العلم المكتظة بالنساء والأطفال ولم يدفعها ذلك حتى للتنديد وفقاً لأبسط المبادئ الإنسانية، بل وكان مبعوثها -آنذاك يناير 2014م - في صنعاء يقدم الحوثيين للمجتمع الدولي وللقوى السياسية في اليمن بطريقة وبأخرى ويمهد لسماع شروطهم جنباً إلى جنب وبمستوى أصحاب الحق والشرعية!

ومع استيلاء الحوثيين على محافظة عمران واقترابهم من حصار صنعاء اتصل مبعوث الأمم المتحدث السابق جمال بن عمر في يوليو 2014م بالرئيس هادي يعرب فيه عن إدانة مجلس الأمن لما فعله الحوثيون، ويحملهم مسئولية ما حدث، ما عدّه مراقبون ذراً للرماد على العيون، وفيما يشبه دعما للحوثيين – وقد كان كذلك في حقيقته- أشار على الرئيس هادي بمشاركة الحوثيين في مؤتمر الحوار الوطني، وأقنع القوى السياسية بضرورة حضور الحوثيين في مؤتمر الحوار الوطني، على الرغم من رفض غالبية اليمنيين لذلك؛ كونه الانقلابيين مليشيا لا تعترف بدولة، ولا بقانون، ولم يكن يصدر من المبعوث الأمم أي تنديد بما يقوم به الحوثيون في دماج وحاشد وعمران.

تناقض والتفاف:

وفي الحقيقة كان قرار مجلس الأمن للأمم المتحدة رقم 2201 والصادر في 15 فبراير 2015م الذي اتخذه مجلس الأمن بالإجماع ثمرة من ثمار جهود المملكة العربية السعودية وضغوطاتها واستخدامها لثقلها الدولي في استصدار قرار بتلك الأهمية اللافت والمتناقض أن الأمم المتحدة بعد قرارها كانت أول من يتقاعس ويلتف حوله وبشكل فاضح.

وفي يونيو 2016م كشف المتحدث السابق باسم قوات التحالف العربي العميد الركن أحمد عسيري أن لدى التحالف وثائق تثبت مخاطبة الأمم المتحدة عبر مفوضيتها في صنعاء المتمردين الحوثيين بصفتهم حكومة معترفاً بها ففي إحدى الوثائق، تضمنت مخاطبة الأمم المتحدة للمتمردين وتسميتهم بـ"معالي وزير الخارجية اليمني"، بينما وزير الخارجية موجود في عدن ضمن الحكومة المعترَف بها دولياً، وقد أحدثت تلك الفضيحة زلزالاً في الفضاء الدبلوماسي والإعلامي؛ مما حدا بالأمم المتحدة إلى تقديم اعتذار رسمي للحكومة اليمنية، بعد احتجاجها رسمياً.

صفحة سوداء:

لم تدم استقامة الأمم المتحدة طويلاً، بل عادت لتقديم نفسها بصورة المنحاز للمليشيا المسلحة خارج أطر القانون الدولي والإنساني، تجلى ذلك حين زار المنسق المقيم للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية جيمي ماكغولدريك صنعاء، في فبراير 2017م، ووضع يده بيد القتلة، وصافح المجرمين ممن يصنفهم مجلس الأمن بمجرمي حرب، وتعاقد مع شركات موالية للميليشيات لنقل المساعدات، من دون وجود مراقبين أمميين، واقتصر على التواصل مع مؤسسات خاضعة للمليشيات، ولم يعترف بالمناطق التي استعادتها الشرعية، ولم يزر عدن، حيث الحكومة الشرعية ومؤسساتها، وتجاهل ظاهرة تجنيد الأطفال لدى مليشيات الحوثي واعتقال الصحافيين والانتهاكات في السجون والمعتقلات والتغييب القسري للناشطين والمواطنين، إلى جانب عدم تنديده باستيلاء المليشيات على مساعدات إنسانية كثيرة، ومن ثم صارت تقارير المنسق الأممي مرجعاً للمنظمات الدولية.

تجاهل ودعم للانقلابيين:

بدوره قدم التحالف العربي شكوى بتجاهل المنسق الأممي للجهود المقدمة من التحالف والحكومة الشرعية، والتعاون مع لجنة التحقيق والتفتيش الأممية الخاصة باليمن ثم بعدها قدم مبعوث الأمم المتحدة خارطة سلام في نوفمبر 2016م تعترف بالمليشيا سلطة شرعية، وأعلن وزير خارجية اليمن المخلافي رفض الحكومة اليمنية لها، مسبباً الرفض بكونها "تثبّت ‏الانقلاب" الذي تنفذه مليشيا الحوثي والمخلوع صالح، ‏إضافة إلى أنها " تنسف المرجعيات وتكافئ الانقلابيين ‏على جرائمهم" حد وصفه.

وتؤكد معلومات بحسب حقوقيين يمنيين: إن منظمة الأمم المتحدة تعتمد على ناشطين ومنظمات محلية أغلبها موالية للحوثيين في تنفيذ تقارير ميدانية، وكذلك في توزيع المعونات الإنسانية، وهو الأمر الذي انعكس على تقاريرها النهائية.

تقرير "غوتيرس" المأفون:

ويأتي تقريرها سيئ الذكر الذي أدرجت فيه التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية على اللائحة السوداء التي تنتهك حقوق الأطفال ضمن سلسلة من الانحرافات الممنهجة التي باتت تهدد المنظمة الدولية وتخرجها عن مهامها إلى مهام مناقضة تماماً للقانون الدولي والإنساني الذي أنشئت لأجله.

والعجيب أن الأمم المتحدة طالبت مراراً بفتح ميناء الحديدة للمساعدات، على الرغم أن الميناء لم يغلق أمام المساعدات والسلع الغذائية والتجارية مطلقاً على خلاف ما يدعيه الحوثيون.

وفي أبريل 2017م قدمت الحكومة وقوات التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن طلباً للأمم المتحدة أن تقوم المنظمة الدولية نفسها بالإشراف على ميناء الحديدة متهمة مليشيا الحوثي وصالح الانقلابية باستخدامه لتهريب الأسلحة ونهب المساعدات الإنسانية والإغاثية، غير أن الأمم المتحدة رفضت ذلك الطلب.

أهانوا ممثليها..!:

وحتى الآن تحافظ الأمم المتحدة على أسباب غريبة لدعمها مليشيا خارجة عن النظام والقانون الدولي والإنساني، إلى درجة تجاهلها تعنت المليشيا حيث غادر المبعوث الدولي الى اليمن اسماعيل ولد الشيخ صنعاء في مايو 2017م بعدما إهانة الحوثيين له ولصورة المنظمة في شخصه فرفضوا مقابلته وقبلها خطته بالانسحاب من ميناء الحديدة.

وفي وقت سابق (فبراير 2017م) قامت مليشيا الحوثيين والمخلوع صالح بمنع الأمين العام المساعد للشؤون الإنسانية وشؤون الإغاثة بالأمم المتحدة لشؤون الإغاثة الطارئة ستيفن أوبراين من دخول تعز، وقامت باستهداف موكبه ومنعه من الوصول إلى مدينة تعز إدراكا منها لفداحة ما ارتكبته من انتهاكات طالت المدنيين.

ومع ذلك دعا بيان صادر عن الأمم المتحدة عقب الحادثة ما أسماه بـ "أطراف النزاع" إلى احترام القانون الإنساني الدولي، وقد جسدت جملة "أطراف النزاع" مغالطة فجة وتهرباً مكشوفاً من إدانة الحوثيين الذين قاموا بالاعتداء وإغلاق الطريق أمام المسؤول الأممي وقوافل المساعدات، ما عده مراقبون تواطؤاً مفضوحاً مع المليشيا، وخروجاً عن مقتضى المهنية وما ينبغي أن يكون وما يجب أن تفعله المنظمة الدولية إزاء المعرقلين إنها الأمم المتحدة التي باتت منظمة راعية للمليشيات الخارجة عن القانون الدولي.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org