"الأراضي البيضاء".. بين الرسوم والزكاة وخفض أسعار "السكن"

"الأراضي البيضاء".. بين الرسوم والزكاة وخفض أسعار "السكن"
بروفايل "سبق" | خاص: قبل فترة وجّه صندوق النقد الدولي العديد من المقترحات للمملكة بضرورة البدء في ترشيد نفقاتها لحماية اقتصادها من أي تراجع طويل الأمد في أسعار النفط. وجاء من ضمن ذلك نصيحته بفرض ضرائب على العقارات الفاخرة والأراضي البيضاء.
 
 وفي سبتمبر 2014م اعتبر البعض أن هناك صدمة كبيرة لطموحات الكثير عندما لم تحسم هيئة كبار العلماء موقفها تجاه فرض رسوم على الأراضي البيضاء، ورفعت الملف إلى المجلس الاقتصادي الأعلى للنظر فيه.
 
المختصون والعقاريون تفاوتت تقديراتهم لحجم هذه الأراضي، فبعضهم يقول إنها من 10 إلى 30 في المائة من حجم النطاق العمراني، ومنهم من يثمنها مثل الكاتب الاقتصادي عصام الزامل بأن الرسوم ستقارب 50 مليار ريال في حال تطبيقها.. هذا فيما يؤكد مختصون آخرون أن قيمة تلك الأراضي حسب بعض التقديرات المتحفظة تتجاوز 3 ترليونات ريال.
 
- "يا تبيع يا تعمر"!!:
 
 هذا فيما تم تناقل العبارة الشهيرة لوزير الإسكان د.شويش الضويحي "يا تعمّر يا تبيع" وكأنها تمثل استراتيجية لوزارة الإسكان.
 
أهم الأسئلة السائدة طبعاً هي هل فعلاً بمجرد إقرار الرسوم والأدوات التي تجبر محتكري الأراضي على البيع أو على التطوير، هل سيهدم سدّ الاحتكار، وسيغرق السوق بمعروض ضخم من الأراضي، وستنخفض أسعار الأراضي لمستويات قياسية، وستكون أسعارها في متناول الغالبية العظمى من المواطنين؟!.
 
وفي تقرير لأمانة منطقة الرياض نشر في يناير 2012 كشفت عن وجود 904 آلاف قطعة أرض فضاء و1800 مخطط سكني في الرياض.
 
 وفي تقرير لها نقلت "الحياة" عن الهيئة العليا لتطوير الرياض توقعاتها أن تشكّل الأراضي البيضاء في النطاق العمراني للعاصمة العام 1450هـ ما تعداده 1413 قطعة أرض غير مطورة، تمثل نسبة 58 في المئة من إجمالي الأراضي المتوقع أن تصل إلى 2433 قطعة بالعاصمة الرياض وحدها.
 
*- حسم العلماء.. "مؤجل":
من جهتها لم تحسم هيئة كبار العلماء الأمر في اجتماعها الأخير. ووفقاً لتقرير لـ "الاقتصادية" فإن هناك تحفظاً شرعياً من بعض أعضاء هيئة كبار العلماء على فرض الرسوم، مرجعين ذلك إلى فتوى سابقة للهيئة قبل نحو عشرة أعوام الذي أقر فيها أغلبية الأعضاء بعدم جواز ذلك، لأن الأصل "حرمة أموال المسلمين".
 
كما أوردت الصحيفة نفسها عن الشيخ عبد الله بن سليمان بن منيع عضو مجلس هيئة كبار العلماء والمستشار في الديوان الملكي، عدم تأييده. وقال الشيخ المنيع: "لست مؤيداً للرسوم، وأنا مؤيد لفرض الزكاة، فالله -سبحانه وتعالى- أوجب الزكاة، فنحن نسمع ونطيع.. الله منحنا ما هو أفضل وأتم من فرض الرسوم، وفيه أجر وعبادة".
 
وكانت تقارير قد ذكرت في هذه الجزئية أن هيئة كبار العلماء استكتبت لدورتها التي لم تقر فيها الرسوم عدداً كبيراً من الأساتذة المتخصصين من مختلف جامعات المملكة، بلغ أكثر من 100 باحث.
 
*- حراك حكومي:
 قبل عام تقريباً أكدت وزارة الإسكان على لسان عدد من منسوبيها برئاسة نائب الوزير المهندس عباس بن هادي، خلال اجتماعهم بلجنة الإسكان والمياه والخدمات العامة بمجلس الشورى، ووفقا لما نشرته "الوطن" أن توجهها واضح من خلال الاستراتيجية كي يتم الانتهاء من قضية الأراضي البيضاء، مشيرة إلى أنها كلفت البلد مواردا هائلة.
 
وأكدت الوزارة حينها أنها تعتزم تطبيق حزمة من الحوافز والعقوبات على أصحاب الأراضي البيضاء التي تقع ضمن النطاق العمراني، وتم إيصال الخدمات إليها ولم تُبنَ.
 
 أما وزارة الشؤون البلدية والقروية فقد قال حمد العمر المتحدث الرسمي لها إن فرض رسوم على الأراضي البيضاء المملوكة للغير خارج اختصاص الوزارة. مؤكداً أنه في حال صدور أي توجيه حول هذا الموضوع ستقوم الوزارة بتنفيذ ما يخصها في ذلك.
 
من جانبه علق الدكتور طارق كوشك، المختص الاقتصادي وعضو هيئة التدريس في جامعة الملك عبد العزيز بأن هناك عددا من العقاريين يخلطون ما بين "زكاة الأراضي البيضاء" و "الرسوم على الأراضي البيضاء"، وذلك بغية الالتفاف على رجال الدين في هيئة كبار العلماء.
 
*- الجدوى من الرسوم:
الحديث حول الجدوى من فرض الرسوم لا يتوقف تقريباً. المؤيدون من الخبراء والمختصين في المجال العقاري ينادون بضرورة الإسراع في تطبيق فرض الرسوم على الأراضي البيضاء. مؤكدين أن أسعار الأراضي ستتجه نحو الانخفاض سواء أراد المضاربون أم لم يريدوا.
 
 ومن ذلك ما قاله المطور العقاري د.بسام بودي: "بلا شك أن انخفاض أسعار الأراضي سيساهم في انخفاض سعر المسكن وبالتالي سيتيح لشريحة اكبر من المواطنين الحصول على مساكن. ما نطمح له هو أن يكون هناك تشجيع وتشريع لتحويل الأراضي البيضاء من أراض خام مباشرة إلى مساكن جاهزة".
 
على الجانب المقابل يقول المطور العقاري حامد بن حمري «لا أعتقد أن الأراضي سوف تنخفض لأن العرض أكبر من الطلب بكثير. يجب فتح النطاق العمراني من أجل أن يتوازن العرض مع الطلب وبعد ما يتوازن العرض مع الطلب سوف تبدأ مرحلة صعود مرة أخرى أو انخفاض".
 
هذا فيما يؤكد الخبير الاقتصادي عصام الزامل أن "الأراضي ستنخفض بنسبة لا تقل عن 80 بالمائة. أسعار الأراضي ارتفعت بشكل مبالغ فيه خلال الأعوام العشرة الماضية حيث تضاعفت إلى 400 بالمائة من سعرها الحقيقي".
 
 أما المتخصص في التخطيط العمراني فهد الصالح فيرى أنه في حال تم إقرار الزكاة على الأراضي البيضاء فيجب أن يواكب ذلك قرارات مساندة تحد من عمليات المضاربة".
 
من جانبه قال عضو جمعية الاقتصاد السعودية الخبير الاقتصادي عبدالحميد العمري: "المستفيد من عدم إقرار رسوم الأراضي البيضاء لا يتجاوز 10 آلاف شخص وهم من تجار العقارات، بينما المستفيد الأكبر في حال إقراره نحو 20 مليون مواطن من طالبي السكن".
 
برأي مختلف يأتي الكاتب خالد الفريان: "أؤكد بكل قناعة أن الغرامات هو ما نحتاجه بشكل ملح ومن المؤمل من هيئة كبار العلماء الموقرة عدم الخلط بين موضوعي الغرامات والزكاة وتلمس معاناة المواطنين ومعايشة واقعهم".
 
- تحذيرات وحلول بديلة:
 أما المتخصص في أسواق العقار موسى عبد العزيز الموسى فيحذر من فرض الرسوم على الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني قائلاً: "فرض الرسوم على الأراضي سيزيد من أسعار الأراضي على المستفيد الأخير وهو المواطن. الحل هو ضرورة إيجاد آلية محددة من الدولة وتخطيط مسبق للمدينة يفرض على كل صاحب أرض بيضاء تطوير الأرض وفقاً للتخطيط مع تسريع الإجراءات وعرض الأراضي ويصبح هناك عرض كبير وخيارات متعددة للمواطن الباحث عن السكن وبالتالي أصحاب الأراضي سيبحثون ويتوددون للزبائن".
 
هذا فيما يرى المستثمر العقاري عادل العيسى بأن فرض الضرائب على الأراضي البيضاء لن يكون الحل لأزمة أسعار العقار.. الحل هو أن تتجه الدولة لتطوير الأراضي المملوكة لها خارج النطاق العمراني وذلك عبر منحها لمطورين عقاريين لتطويرها وإدخال كامل الخدمات الأساسية مقابل الحصول على نسبة العائد منها".
 
شيخ طائفة العقاريين في مدينة جدة خالد بن عبدالعزيز الغامدي يكشف أن الشريحة العظمى من المشتغلين بتجارة العقار ينتظرون إقرار الغرامات حيث يعد ذلك في صالح العقاريين على المدى البعيد. على سبيل المثال في منطقة أبحر شمال مدينة جدة وحدها ما يزيد عن 50 مليون متر مربع محيطة بها الخدمات من مختلف الجهات والجوانب، متوقعاً أن نسبة الأراضي والمساحات المتروكة في مختلف المملكة لا تقل عن 30% من النطاق السكني.
 
- مستقبل الاحتياج:
أخيراً التقارير تؤكد حاجة الدولة لبناء 1.65 مليون مسكن جديد بحلول العام المقبل 2015 لتلبية الطلب المتزايد على المساكن. وإذا كانت وزارة الإسكان قد قدرت الاحتياج الفعلي من الأراضي المطلوبة لسد الفجوة الإسكانية في السعودية بنحو 500 مليون متر مربع، وفرت منها وزارة الشؤون البلدية نحو 169 مليون متر مربع عبر 238 موقعا في مختلف المناطق، فهل يكون فرض الرسوم على "الأراضي البيضاء" حلاً كبيراً ومساهماً قوياً في حلحلة هذه المشكلة أم ستبقى قضية مثيرة للجدل يتم تناولها بين فترة وأخرى.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org