الطلاق.. حقائق مخيفة

الطلاق.. حقائق مخيفة

عندما شرع الإسلام الطلاق جعل له شروطًا وأحكامًا يجب الالتزام بها، ولم يترك الأمور تسير هكذا اعتباطًا أو وفق الأهواء، والأمزجة؛ وإنما وضع أحكامًا يجب على الطرفين الالتزام بها، وقبل ذلك أعطى فرصة للطرفين لمراجعة النفس، والتروي قبل الوصول إلى هذا الأمر فقد قال تعالى: {الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان}.

موضوع الطلاق ليس جديدًا؛ فقد وجد منذ نزول الوحي على نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- ولكن الجديد الذي دعاني للكتابة عنه، هو الإحصاءات الهائلة التي تصدرها وزارة العدل كل شهر؛ فمن يطلع على هذه الإحصاءات قطعًا سيقف حائرًا تتملكه الدهشة، ويطير عقله الذهول منها؛ فهي والله بصدق تدعو إلى الحيرة والحسرة والدهشة والذهول!

فلك أن تتخيل في شهر واحد تصل نسبة الطلاق إلى الزواج (34.1)٪! أي أن ثلث الذين تزوجوا في ذلك الشهر قد طُلّقوا طلاقًا رسميًّا بصك من المحكمة، وقد حدث هذا في شهر شعبان من هذا العام ١٤٤٠هـ‍؛ فقد بلغت عدد صكوك الزواج (١٣٣٨١)، وبلغت صكوك الطلاق لنفس الشهر (٤٥٦٦).

وليت الأمر قد وقف عند هذا الحد؛ بل الأمر أدهى وأمرّ؛ فقد هالني الأمر وتملكتني الحيرة والدهشة أكثر وأكثر حين اطلعت على إحصائية وزارة العدل للشهر الذي يليه وهو شهر الخير والعبادة شهر القرآن والطاعة شهر رمضان من هذا العام أيضًا؛ فقد فُجِعت حين رأيت أن نسبة الطلاق قد زادت عن الشهر السابق فقد بلغت (٤١)٪! الله أكبر قاربت النصف إلا قليلًا! فمقابل (٥٨٠٠) صك زواج صادر من وزارة العدل صدر (٢٤٢٩) صك طلاق!

أليست هذه الأرقام تثير الدهشة، وتبعث على الحيرة، وتدعو إلى القلق، وتجعل العاقل يفقد صوابه، والحليم حيرانًا؟

أليست هذه الأرقام تحتّم علينا الوقوف صفًا واحدًا لمجابهة هذا الخطر الذي أصبح يهدد مجتمعنا، ويفتك بأمتنا، ويضعف قوتنا، ويهدد أمننا الاجتماعي؟

ألا تستنهض هذه الأرقام الدعاة والمفكرين وأصحاب الرأي والحكمة، والكتّاب، وأصحاب القرار لتسخير كل طاقاتهم وجهدهم لمجابهة هذه الآفة، وتحييد هذا الخطر، والحد من انتشاره، وإيجاد كل السبل والوسائل لحلول هذه المشكلة، وفك طلاسم هذه المعضلة؟

أليس من الأوْلى أن توجه الجهات المختصة من كليات ووزارات وهيئات ومؤسسات -سواء أكانت حكومية أو أهلية- كافة إمكانتها وطاقاتها لدراسة الأسباب، وإيجاد الحلول؟

أليس من واجبنا جميعًا أن نبحث عن أسباب هذه الكارثة، وعن حلول لها؟ بلى والله فهذه الآفة تفتك بالجميع، وواجب مكافحتها يقع على عواتقنا جميعًا.

لذا، ومن هذا المنطلق سأذكر بعض هذه الأسباب، وأعرج على أهم الحلول من وجهة نظر مجتهد؛ فإن أصبت فمن توفيق الله وامتنانه وفضله، وإن أخفقت فمن نفسي والشيطان.

فمن الأسباب التي تؤدي إلى الطلاق:

- ضعف الوازع الديني.

- عدم الإحساس بالمسؤولية، والقدرة على تحملها.

- سطحية مفهوم الزوجين للغاية، والحكمة من الزواج.

- قلة الوعي والإدراك، وضعف الثقافة لأحد الطرفين أو كليهما.

- الاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعي كمصدر للمعلومات، وإغفال المصادر الصحيحة لهذه المعلومات.

- اللجوء لغير المختصين وأصحاب الدين والرأي والحكمة، واستشارتهم في أمور الزواج والطلاق.

- حفلات الزواج وما يحدث فيها من مخالفات شرعية وتكلف، وأمور لا تمتّ للعقل والحكمة بصلة.

- القنوات الفضائية وما تبثه من حياة زائفة وكاذبة وخادعة عبر أفلامها ومسلسلاتها، وتأثر كثير من الفتيات بهذا الخداع والزيف، وتصورهن بأن هذه هي الحياة الحقة.

- بعض مشاهير هذا العصر، وما يبثونه من كذب وزيف عن حياتهم، وتأثر كثير من الناس بهم، وتصورهم أن الحياة هكذا يجب أن تكون!! وما علموا أن الأغلبية الساحقة منهم قد فشلوا في تكوين أسرة والعيش عيشة سعيدة.

هذه بعض أسباب الطلاق التي اجتهدت في رصدها؛ أما الحلول فمنها:

- تقوية الوازع الديني لدى الأمة.

- تفعيل دور الوالدين والأسرة في توعية الأبناء والبنات بأهمية بناء المجتمع؛ من خلال تكوين الأسرة والمحافظة عليها.

- توعية الأسر لأبنائها، وتثقيفهم بأمور الزواج قبل الإقبال عليه، وبيان أهميته.

- وعي الطرفين بأهمية التعاون بينهما للوصول بمركب الزواج إلى بر الأمان، وإدراكهم أن الحياة ليست مثالية؛ وإنما لا بد من بعض المنغصات.

- تفعيل دورات ما قبل الزواج، وجعلها إلزامية، وشرطًا من شروط صك الزواج.

- تفعيل دور الدعاة، وأصحاب الرأي، والمفكرين، والكتاب، ووسائل الإعلام في توعية المجتمع، وتثقيفه، والنهوض به، وبيانهم لأهمية دور الأسرة في ذلك.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org