"فاحش لا مؤاخذة".. كتّاب يطوفون على "أزمة فاتورة الكهرباء": تجربة وإغاظة وخطأ

"القشقري" يصف.. والتقييم وعقلية الموظف مع "الجميعـة" و"الدوسري".. و"الطاير" يحـلل
"فاحش لا مؤاخذة".. كتّاب يطوفون على "أزمة فاتورة الكهرباء": تجربة وإغاظة وخطأ

تتواصل ردود الأفعال والمناقشات حول أزمة فاتورة الكهرباء؛ فيرى بعض كتّاب الصحافة أن الفاتورة مرتفعة بالفعل لكثير من المواطنين، لافتين إلى حالات ارتفاع الفاتورة برغم ترشيد الاستهلاك؛ فيما يرى كتّاب آخرون أن الأزمة تكمن في التعامل الإعلامي لشركة الكهرباء، والتي لم تهيئ المواطن بالوعي الكافي؛ بل أصدرت الفواتير بعقلية الموظف لا عقلية المسؤول السياسي، ويطالب فريقٌ ثالث الشركةَ بوضع مشكلة الطقس الحار وانتشار التكييف في الاعتبار؛ أسوة بالدول التي تراعي برودة الطقس في كلفة التدفئة.

فاحش لا مؤاخذة

وفي مقاله "اللهم ادفع عنا غلا الكهرباء!!" بصحيفة "المدينة"، يؤكد الكاتب الصحفي طلال القشقري أن ارتفاع الفاتورة "فاحش" ويقول: "هذا الارتفاع الكبير في فاتورة الكهرباء؛ بل الفاحش لا مؤاخذة، إلى أين يسير؟! هل إلى قمم الجبال يتسلق؟! وهو بوتيرة ارتفاعه يبدو ليس ثابتاً؛ بمعنى أن نسبته تتغير للأكثر والأكثر، والمستهلك سواءً كان مواطناً أو مقيماً أصبح حائراً في الأمر، مثل حيرة الأرامل والثكالى؛ فهو إن رشّد استخدام الكهرباء أم لم يرشّد فالفاتورة ستأتيه مرتفعة مرتفعة، والبعض يشكو أنه سافر وأطفأ كل الأجهزة الكهربائية حتى جرس الباب ومع ذلك أتته الفاتورة مرتفعة؛ وكأنه كان في بيته ولم يغادره".

تجربة شخصية

ويروي "القشقري" تجربته الشخصية مع فاتورة الكهرباء ويقول: "عندما أقول إن الارتفاع كبير، أقصد 100% أو 200% أو 300%، أو مضاعفاتها، ولا مانع من ضرب مثال شخصي؛ ففاتورتي أنا للشهر الحالي تجاوزت الـ1500، واقتربت من الـ2000ريال، لفيلا صغيرة نصفها مخصص للضيوف الذين لا يحلون إلا في المناسبات القليلة، ويقطن فيها 5 أشخاص يشهد الله أنهم جميعاً متحلّون بثقافة الترشيد الكهربائي، وكانت الفاتورة في السنوات القليلة الماضية لا تتجاوز الـ250 ريالاً في الشتاء والـ500 ريال في الصيف، ثم صارت من أصدقاء الـ1000فالـ1500، والـ2000، والقادم مجهول!".

كفى إغاظةً للناس

ويُنهي القشقري قائلاً: "هذا الارتفاع مرهق لمن كان وضعه المادي طيباً؛ فما بالكم بمتواضع الدخل الذي يؤثّر فقدان المائة والمائتي والثلاثمائة ريال على وضعه؟ و"يلخبط" ميزانيته؟! ويجعله يعيد حساباته؟ ويجعل راتبه يتحول من حالة الصلابة والسيولة النقدية إلى حالة التبخر الوميضي السريع؟ وتحولت الكهرباء من خدمة أساسية لا غنى عنها إلى خدمة استنزافية حادة لدخل المواطن والمقيم، ومن يطلع علينا من شركة الكهرباء أو من هيئة تنظيم الكهرباء أو من مجلس الشورى أو من هنا أو من هناك؛ لا يساند المستهلك الحائر المسكين؛ بل يستعرض بما لديه من فنون لإغاظة الناس، والوضع يستلزم أن ندعو الله أن يدفع عنا الغلاء ما ظهر منه وما بطن!".

مشكلة التكييف

وفي مقاله "الكهرباء" بصحيفة "الجزيرة"، يتوقف الكاتب الصحفي الدكتور عبدالله بن موسى الطاير، أمام مشكلة التكييف الناشئة عن الطقس الحار وأساليب البناء في المملكة، ويقول: "صحيح أن تعرفة الكهرباء في السعودية من الأرخص في العالم وهي مع الزيادة التي بلغت نحو 26% مع مطلع هذا العام تبقى في ذيل القائمة على مستوى العالم؛ ولكن هل نعتبر ذلك مؤشراً على أن فواتير الاستهلاك الحالية في متناول الجميع؛ وذلك لأسباب عدة منها حرارة الطقس التي تستمر لأكثر من 9 أشهر، ولا يمكن تحمل درجات الحرارة المرتفعة فيها دون مكيف، كما أن كود البناء في المملكة لم يكن مطبقاً؛ مما يعني أن غالبية المنشآت السكنية ليست صديقة لتوفير الطاقة؛ لا من حيث مساحات البناء ولا المواد المستخدمة فيه من عزل وخلافه".

وأضاف: "كما أن حجم الأسر، والخصوصية التي تعوّد عليها أفراد الأسرة خلال العقود الماضية؛ تجعل عدد المساحات المشغولة في المبنى الواحد هي الأكبر عالمياً؛ فالبيت الذي تسكنه أسرة بمعدل 5 أشخاص تجد فيه خمس غرف على الأقل تحتاج إلى تكييف على مدار الساعة في أشهر الصيف، وهو من النادر أن تجده في بلدان أخرى في محيطنا باستثناء دول الخليج".

تناقض الاستهلاكً والدخل!

ويشير "الطاير" إلى خلل في أحد معايير حساب الفاتورة ويقول: "صحيح أن الدولة ألزمت شركة الكهرباء بفئات للاستهلاك؛ على اعتبار أن الأعلى استهلاكاً هو الأكثر دخلاً؛ ولكن هذا المعيار غير مستقيم؛ لأن بعض الأسر الفقيرة أو متوسطة الدخل يسكن في بعض بيوتها أكثر من عشرة أشخاص؛ جميعهم يحتاجون إلى التكييف؛ وبذلك فإن وضعهم في شرائح الاستهلاك الأغلى فيه مشقة كبيرة عليهم".

خطأ شركة الكهرباء

وينهي "الطاير" لافتاً إلى خطأ وقعت فيه الشركة، ويقول: "لا أعتقد أن هناك بلداً في العالم يحتاج الكهرباء للتكييف أكثر من تسعة أشهر في السنة على مدار الساعة كما هو الحال في المملكة ودول الخليج، وغياب هذه المعلومة أو إغفالها بالاعتماد على البيانات الدولية؛ هو الذي أوقع الشركة السعودية للكهرباء والمواطن في هذا المأزق، ولا مناص من إيجاد حلول مناسبة للتبريد كما تعمل الدول الباردة مع التدفئة".

الفاتورة.. "أزمة إعلام"

وفي مقاله "فاتورة الكهرباء.. واحتواء الأزمات الإعلامية قبل اتخاذ القرار!" بصحيفة "الرياض" يرى الكاتب الصحفي الدكتور أحمد الجميعـة، أن الأزمة تكمن في التعامل الإعلامي لشركة الكهرباء، والتي لم تهيئ المواطن بالوعي الكافي؛ برغم أن قرار زيادة أسعار تعرفة الكهرباء هو جزء من برنامج مطروح ومعروف للتحول في قطاع الطاقة في السعودية".

يقول "الجميعـة": "علينا أن نعترف أن مشكلة شركة الكهرباء لا تزال إعلامية وليست فنية؛ فالواقع يقول: إن الشركة -غالباً- لا تخرج إعلامياً إلا بلغة منجزات، أو عند أزمات انقطاع الخدمة، أو أزمة فواتير، أو عند نهاية السنة لمخاطبة المساهمين، وكل ذلك مهم؛ ولكن ليس أهم من التعاطي مع الإعلام على الدوام بصيغة صناعة المحتوى (تقديم معلومات جديدة ومفيدة للمستهلك)، وليس إداراته، أو إعادة إنتاجه؛ وهو ما يناسب واقع الجمهور النشط اليوم".

معيار التقييم الأول

ويضيف: "نحن على اتفاق أن جودة الخدمة أساس العلاقة مع الجمهور، وبناء صورته الذهنية عن الشركة، ومهما بذل من جهد إعلامي تبقى الخدمة المعيار الأول في التقييم؛ ولكن هذا الاتفاق بحاجة إلى دور إعلامي غير تقليدي في إقناع الجمهور بالجهد المبذول للشركة في تحقيق تلك الخدمة، وأن النقد على ساعات انقطاع لا يعكس مستوى الخدمة المميزة طوال أيام السنة، وارتفاع أسعار الفواتير التي يتحملها المواطن لم يمنع الشركة من تهيئة الجيل الجديد من العدادات الذكية مستقبلاً، إلى جانب أن الحملات الإعلانية والإعلامية التي أثقلت كاهل الشركة مادياً لم تقيّم من محكمين خارج الشركة لتقدير العائد، ومعرفة القصور وتصويبه في ممارسات أخرى؛ حيث لا تزال رسالة الشركة مبهرة في تصميمها؛ ولكنها بحاجة إلى ما هو أعمق في مضمونها.. الواقع الإعلامي للشركة لا يزال أقل بكثير مما يفترض أن يكون عليه، والدليل أن الوعي الجماهيري تَوَقّف عند المعرفة من دون المشاركة".

مسؤول بعقلية موظف

وفي مقاله "موظف الفواتير" بصحيفة "الجزيرة"؛ يرى الكاتب الصحفي سعد الدوسري، أن أزمة فاتورة الكهرباء تجسد مشكلة أخرى عندما يقوم على تنفيذ البرامج والرؤى الطموحة "مسؤول بعقلية موظف"، ويقول: "لن يقبل السعوديون كل التبريرات التي طرحها بعض المسؤولين، خارج الشركة السعودية للكهرباء أو داخلها.. هي تبريرات لا ترتبط بما يحدث على أرض الواقع؛ كأن يحدثك مهندس مصاعد عن مشكلة جهاز أكسجين في العناية المركزة".

ويضيف: "لقد نصت رؤية 2030، على تنويع مصادر الدخل؛ بما يعود على المواطن والمقيم بالرفاهية؛ لذلك راهن الجميع عليها، واعتبروها المحرك الأساس للتغيير، ولقد سبق وأشرت في أكثر من مقال، وأكثر من تغريدة، إلى أن عقلية «الموظف»، هي التي قد تؤثر سلباً على برامج الرؤية، وتُحِيلها من برامج بناء إلى برامج هدم؛ لأنه في النهاية مهموم بحلول آخر ساعة من ساعات الدوام؛ لكي يذهب لمنزله قرير العين. هو لا يهمه المستقبل؛ بقدر ما تهمه الوظيفة. الأولوية لديه هي البصمة في موعدها الصباحي وما بعد الظهر؛ أما فيما بينهما، فلا علاقة له به. ومن هنا تنشأ المنغصات، وعلى رأسها تزايد رسوم الكهرباء والماء!".

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org