"السياحة" تفي بوعدها لـ"سبق" وتبدأ ترميم "قصر السبيعي التاريخي" بشقراء

مدة الترميم المستعجلة ٤٥ يومًا وتليها مرحلة لاحقة وشاملة
"السياحة" تفي بوعدها لـ"سبق" وتبدأ ترميم "قصر السبيعي التاريخي" بشقراء

بدأت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في ترميم قصر السبيعي التاريخي ترميمًا مستعجلاً، (ترميم إنقاذ)، وذلك وفاءً لوعد متحدثها لـ"سبق" قبل عدة أشهر بترميمه خلال ميزانية ٢٠١٩.

وستكون مدة الترميم المستعجلة ٤٥ يوما، على أن يكون هناك مرحلة ترميم لاحقة وشاملة للقصر التاريخي الذي يعد أحد معالم المنطقة .

وجاء تفاعل "السياحة" إثر نشر "سبق" خبرًا عن تسببت الأمطار التي هطلت على محافظة شقراء في أول موسم الأمطار العام الحالي في سقوط أجزاء من قصر السبيعي التاريخي، وسط مطالبات من الأهالي بسرعة ترميمه.

وأعرب - وقتها - الأهالي والمهتمون بالسياحة والتراث في داخل وخارج المحافظة عن تذمرهم من الوضع الذي آل إليه القصر التاريخي الذي يُعد أهم القصور في المنطقة؛ إذ يعد القصر رمزًا تاريخيًّا ومَعلمًا وطنيًّا ومزارًا سياحيًّا لاعتبارات عدة؛ ما جعل مستخدمي وسائل التواصل يتفاعلون مع إغلاق القصر بعد سقوط أجزاء منه.

وتواصلت - حينها - "سبق" مع متحدث الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني والذي تفاعل مع استفسارات ومطالب المواطنين، وأجاب عن تساؤل الأهالي حول الأسباب التي وراء تأخر هيئة السياحة في صيانة القصر وترميمه قبل تعرُّض أجزاء منه للسقوط، قائلاً: "المشروع معتمد ضمن مشاريع برنامج خادم الحرمين للعناية بالتراث الحضاري للمملكة، وخاضع لأولوية الاعتمادات المالية اللازمة، ويتوقع اعتمادها في العام 2019".

وأضاف: "القصر تم عمل الصيانة العاجلة له خلال هذا العام، ولكن كثافة الأمطار أدت لتأثر القصر، وسقوط جزء منه".

وحول السماح بدخول القصر في الوقت الحالي قال "متحدث السياحة": "نظرًا للوضع الحالي للقصر، ولسلامة الزوار، فإن الزيارة غير متاحة تمهيدًا لأعمال الصيانة والترميم.. ويُسمح للزوار بزيارة القصر من الخارج".

وتابع: "موظفو القصر الآن في مقر مؤقت تابع للجنة التراث في شقراء بعد التنسيق معهم مشكورين، ومع محافظ شقراء".

وحول الإجراءات التي ستقوم بها الهيئة حاليًا تجاه القصر قال: "يجري حاليًا تقييم الحالة الإنشائية، وإعداد الدراسات الفنية اللازمة للقصر، وسيتم طرح ترميم كامل للقصر خلال العام المقبل - إن شاء الله -، ويُتوقع أن يتم استكمال أعمال الترميم خلال العام 2019 م".

وحظي قصر السبيعي بمتابعة مستمرة من محافظ شقراء عادل بن عبدالله البواردي، من خلال تواصله المباشر مع الجهات ذات العلاقة لإعادة ترميم القصر وفتح أبوابه للسياح والمهتمين بالآثر والتاريخ .

من جهة أخرى، تحدث الإعلامي محمد الحسيني لـ"سبق" عن قصر السبيعي قائلاً: "قصر السبيعي في شقراء من الأماكن التي تسكن القلب بمجرد رؤيتها؛ فمنه يفوح شذى التاريخ المخلوط بصور ودلالات لا يمكن نسيانها. ويكفي هذا القصر ليكون شاهدًا على التاريخ عبارة أوردها الكاتب والمؤرخ إبراهيم بن عبدالرحمن السدحان في كتابه "البيعة"؛ فهو يذكر على لسان ابن عمه "محمد بن عبدالله السدحان" - رحمه الله - قوله: "إن الملك عبدالعزيز آل سعود كان إذا قدم إلى مدينة شقراء يجلس في بيت عبدالرحمن السبيعي، ويستقبل جماعة أهل شقراء في ذلك البيت عند السلام عليه، وذلك عام 1327هـ، وعام 1333هـ، وعام 1340هـ، وعام 1347هـ، وعام 1356هـ، وكان أكثر جلوسه في حجرة المختصر".

وأضاف الحسيني: "لا شك أن القصر يستمد تاريخه من الحوادث التي عاصرها، والفترة التاريخية التي كان شاهدًا عليها؛ إذ كان يقيم فيه الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - في رحلاته من الرياض إلى الحجاز ذهابًا وإيابًا، ويمكث فيه مدة من الزمن، يتفقد فيه أحوال المواطنين، ويلبي متطلباتهم".

وتابع: "قصر السبيعي ليس مَعلمًا أثريًّا مجردًا من كل محتوى؛ فالتاريخ يشهد لما لهذا القصر من أدوار متعددة في معركة البناء والتوحيد؛ فقد كان القصر دار حرب ودفاع، كما كان القصر بيت مال واقتصاد؛ فإليه تُجبى زكوات الوشم والسر وبعض عالية نجد، بل كان دارًا للشورى؛ ففيه يجتمع أهل الحل والعقد للتشاور في الخطابات الموجهة إليهم من الملك المؤسس -رحمه الله-".

وأردف: "الفترة التاريخية التي عاصرها قصر السبيعي هي فترة مهمة في عمر الوطن لتأسيس الدولة السعودية، وهو يذكّر الجميع بالجهود الكبيرة التي بُذلت في سبيل توحيد الكلمة. ولا شك في أن هذا البيت وما كان يحدث فيه من اجتماعات للملك المؤسس -رحمه الله -، وما كان يصدره من أوامر وتكاليف، يؤرخ لهذه الفترة المهمة، التي تتبادر إلى ذهن زائري القصر بمجرد دخوله والتجول فيه".

وأكمل: "تاريخ بناء القصر يعود إلى العقد الثالث من القرن الرابع عشر (عام 1327هـ تقريبًا). وقد بناه الشيخ عبدالله بن محمد السبيعي والد الشيخ عبدالرحمن السبيعي - رحمهما الله -، وكان "معلم" البناء في ذلك الوقت هو "إبراهيم بن سلامه" - رحمه الله - من أهالي ثادق".

والتقت "سبق" الدكتور عبداللطيف بن محمد الحميد، أستاذ التاريخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الذي قال: "إن أهمية قصر السبيعي التاريخي في شقراء تعود لكونه مقرًّا لاستقبال الملك عبدالعزيز في زياراته لشقراء، ومركزًا ماليًّا لتوزيع القواعد السنوية "البروات" من البر والتمر على القضاة والأمراء والأئمة والمؤذنين وأهل العادات السنوية في شقراء والوشم والسر".

وأضاف: "يتميز قصر السبيعي بالجودة والجَمال، وقام ببنائه أساتذة ومعلمون وطنيون. وتم بناء القصر، وتنفيذ وتركيب النوافذ والسقوف والأعتاب والأبواب، إضافة إلى الأعمال الفنية من زخارف وألوان، باستخدام مواد من البيئة المحلية من طين وأخشاب وحجر.. وغيرها".

ولفت إلى أنه عندما قدم الملك عبدالعزيز إلى مدينة شقراء، ورأى البناء الجديد في قصر عبدالرحمن السبيعي، وتجول داخله، أعجبه بناؤه وحُسن تصميمه وجَمال زخرفته؛ فسأل الملك عبدالعزيزالشيخ السبيعي عن اسم الرجل الذي قام ببناء الزيادة الجديدة في القصر، فأخبره باسمه، وأنه من أهل ثادق، فقال الملك أرسل إلى "معلم" البناء ليأتي إلينا في الرياض؛ لأننا عازمون على بناء قصر المربع وقصور الفوطة.

واستطرد: "بعدما انتهت معركة السبلة بانتصار الملك عبدالعزيز جاء ومعه مجموعة من الجيش، فخيم الجيش في الباطن الجنوبي لمدينة شقراء، بينما سكن الملك عبدالعزيز في قصر السبيعي، ثم أرسل لعائلاته في الرياض للحضور إلى شقراء، وعندما قدموا سكنوا في بيوت مخصصة لهم، وكان بيت السبيعي مقر الملك عبدالعزيز - رحمه الله -، ومكان تجهيز الوجبات الغذائية لعائلاته، وجلس الملك عبدالعزيز وعائلاته في مدينة شقراء أكثر من عشرين يومًا، ثم سافروا إلى مكة المكرمة للحج عام 1347هـ".

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org