عندما يجتمع الفساد الفكري والمادي

عندما يجتمع الفساد الفكري والمادي

كنا نتوهم قديمًا أن من لديه فساد فكري بعيد عن الفساد المادي بحكم ما يروِّج له من أفكار وقيم توحي للمتلقي بأنه صاحب مبدأ ونزاهة، ولا يمكن أن يستولي على المال، ويترفع عن المعاملات المشبوهة.. ولكن مع توالي الأحداث، وتعاقب الأيام، بدأت تتضح الصورة، وتنكشف الخفايا، وتظهر النوايا. وبالرغم من فظاعة هذا الأمر وشناعته إلا أنه يحمل ـ في رأيي ـ جانبًا مشرقًا، يكشف للناس -وبالأخص العامة- معدن هؤلاء، وأنهم منتهزو فرص، وأن ما أشاعوه، وللملأ أظهروه، مجرد سراب، يحسبه الظمآن ماء، يسقط مع أول تجربة..

ابتعدوا عن المال العام لصعوبة وصولهم إليه، وعندما وصلوا تغيّرت قناعاتهم، وبدؤوا في النهب تحت مسميات عديدة، وحجج واهية، تتيح لهم أخذ ما يستطيعون في أقل وقت ممكن قبل انكشاف أمرهم، وانفضاح حقيقتهم أمام المخدوعين الذين غرهم الكلام المعسول والشعارات الرنانة.. ويا لها من صدمة، يكمن جمالها في أنها أظهرت الحقيقة، وبيّنت للناس خفايا جماعة، تُظهر الأخوة والتآخي وهي بعيدة عن ذلك، بل تسعى للوصول إلى مآربها بالوسائل والطرق كافة. وما أبعد الاسم عن واقع الحال؛ إذ يختفي التآخي والأخوة والدفـاع عن الشعارات الرنانة مع تعارض المصالح الشخصية.

الفساد موجود وباقٍ ما دامت النفوس المريضة تعيش بيننا. وأخبث الفساد عندما يتلبس بالدين. نماذج هذه الجماعة كثيرة، ولكننا نعيش عصرًا انكشفت فيه الحقائق، وبانت الخفايا، ولم يعد هناك مجال للتلاعب بالألفاظ والشعارات البراقة، فخيمة (القذافي) عرّت الجميع الذين باعوا ضمائرهم من أجل المال، وغيرهم هربوا من أوطانهم بحثًا عن ملاذ آمن محمَّلين بما بددوه من أموال.. ولكن في النهاية انكشف المستور، ولم يعد هناك مجال للتلاعب بالعقول.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org