حالمون.. لصنع عالم جديد

حالمون.. لصنع عالم جديد

بعيدًا عن كرة القدم، والانتقالات، وصفقات الصيف الساخنة، أو مشروع خصخصة الأندية.. وبعيدًا عن اقتراب منافسات كأس العالم 2018 في روسيا خلال الأسابيع القادمة، فإنني أكتب هذا المقال من واقع خبرتي في مجال خدمات المحتوى والتجارة الإلكترونية والتحول الرقمي، إضافة إلىمجال الاتصالات وتقنية المعلومات؛ إذ شهد بلادنا طفرة اقتصادية وتنموية كبيرة، ومتزامنة مع التطور الكبير في تقنية المعلومات، والتركيز وبشكل كبير على التحول الرقمي الذي يشكل محورًا رئيسيًّا من أهداف رؤية 2030، وفي جميع المجالات؛ الأمر الذي حفز جميع الوزارات والجهات بالقطاعين العام والخاص للعمل بوتيرة أسرع من أجل مواكبة وتعزيز حوكمة هذا التحول، ووضع الآلية التنظيمية والدعم المناسب.

في فبراير الماضي اعتبر (سامر أبو لطيف) الرئيس التنفيذي، لشركة مايكروسوفت بالشرق الأوسط وإفريقيا، خلال النسخة الثانية من فعالية "مايكروسوفت ترانسفورم 2018"، التي نظمتها شركة مايكروسوفت السعودية بالتعاون مع مؤسسة مسك الخيرية في الرياض أن "هذه المرحلة بالغة الأهمية بالنسبة لتوجهات السعودية في التحول الرقمي الداعمة لبرنامج التحول الوطني.. ومن المتوقع أن تنمو الحوسبة السحابية في السعوديةبنسبة 25 ٪ بحلول عام 2022 للمُضي بالسعودية في رحلتها؛ لتصبح مركزًا للتقنية في المنطقة. وستبلغ قيمة الاقتصاد الرقمي أكثر من 100 تريليون دولار أمريكي على مستوى العالم بحلول عام 2025". وتتمتع بلادنا بوضع يتيح لنا الاستفادة من هذه الفرصة المهمة؛ إذ سيسهم التحول الرقمي في دفع عجلة رؤية السعودية. كما أكد جيمي ويلي، المدير العالمي لشؤون الدفاع والاستخبارات في مايكروسوفت، خلال الفعالية ذاتها "أهمية التحول الرقمي في ظل البيئة الأمنية الحالية لإدارة البيانات في بيئة سحابية مختلطة، من خلال توسيع نطاقات احتياجات المهمات، وتوفير ميزة ذكية وآمنة للقوات المناورة، مع مواصلة الامتثال لقوانين الأمن والخصوصية".

وهو ما يقودنا بعيدًا عن المطالبة بتوطين الوظائف القيادية في القطاعات المهمة، وما ينتج عن تمكين غير المواطن على تلك المهام، وبمرتبات خيالية، يتم من خلالها تحويل مبالغ ضخمة وهائلة لخارج البلاد؛ الأمرالذي سيؤثر سلبًا على عجلة التنمية والاقتصاد الوطني، وفي ظل الأوضاعالأمنية والسياسية بالمنطقة، وتربُّص أعداء الوطن بأمن واستقرار البلاد، فإنه يجب أخذ الحذر من تمكين غير المواطن من المواقع الحساسة في جميع القطاعات الحكومية والهيئات والشركات، إضافة لضرورة التشديد على توطين العديد من الوظائف المهمة من أعلى الهرم لأدناه؛ لتشمل (شؤون الموظفين، والتقنية، والمالية، والقانونية والعقود والمشتريات.. وغيرها)، وكذلك المراجع الداخلي في جميع الشركات "إذ إنه من غير المنطق أن يتولى المقيم التحقيق مع المواطن واستجوابه". وهناك العديد من الأمثلة في العديد من الشركات التي تشكل مخالفات صريحة لتوطين الوظائف الحساسة.

ومع أهمية التركيز على الصناعات الرئيسية والتقنيات والابتكارات في القطاع الحكومي والهيئات، والمصارف، وشركات الاتصالات، وقطاعات التجزئة، والتصنيع والنفط والغاز.. وبناء حلول سحابية خاصة ملائمة لتلك الشركات للحفاظ على سرية المعلومات.. لماذا نجد بعض الشركات في القطاعات الحساسة المشار إليها تحت إدارات وقيادات غير وطنية رغم حساسية المعلومات التي تمكِّن أولئك المسؤولين من الاطلاع عليها؟! مع الأخذ في الاعتبار محاولات الاختراقات والهجمات الإلكترونية التي نتعرض لها مؤخرًا.. لن ننتهج منهج التخوين بوجود اختراقات أمنية، تم بسببها تسريب مثل هذه الإحداثيات أو المعلومات، ولكن - كما يقول المثل - "حرص ولا تخون"؛ فالحرص واجب، حتى أن بعض المسؤولين في بعض الشركات السعودية المساهمة، الذين تم استقطابهم، كانت لهم تجارب عمل في دول مثل قطر، والبعض غادر موقعه بعد حصوله على فرصة وظيفية في الدويلة ذاتها؛ ولهذا فقد أكد معالي المستشار بالديوان الملكي المشرف على مركز الدراسات والشؤون الإعلامية رئيس الاتحاد السعودي للأمن السيبراني، (الأستاذ/ سعود القحطاني)، ضرورة تعاون جميع القطاعات وتوطين هذه المواقع بما يتناسب مع ما قام به ويقوم به ولاة أمرنا من جهد كبير للنهوض بالبلاد وشبابها؛ إذ كان على رأس الأولويات توفير الفرص، وتمكين وتعليم الشباب بشكل عاجل، وإعداد كفاءات المستقبل. وعليه يجب أن تتناغم جميع القطاعات مع هذا التوجه بدعم رقابي كبير من الجهات المعنية، وعلى رأسها: هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، ومؤسسة النقد العربي السعودي، ووزارة العمل والتنمية الاجتماعية، ووزارة التجارة والاستثمار.. وغيرها؛ للتصدي للقطاعات والشركات والمنظمات التي ما زالت تكابر وتعاند تمكين المواطن ليكون الصانع والشريك الأول لتحقيق منهج تكاملي ناجح مع رؤية قادتنا؛ فالجميع بدون استثناء شريك في صناعة النجاح. نعم "كلنا حالمون".. هكذا رحَّب ولي العهد محمد بن سلمان - حفظه الله - "فقط" بالحالمين الذين يريدون صنع عالم جديد، وهو يقود بلادنا لمستقبل زاهر، ويطالب بمنح المواطن قيمته الحقيقية، ويعطيه الفرصة بأروع صورها، وأجمل معانيها، وأقوى مفرداتها.. كيف لا يكون والشعب السعودي جزء من الشغف والطموح لتجسيد الحلم الوطني الأول في وطن يمتلك كل عناصر النجاح؟

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org