لم تعد "الإنسانيات" حكرًا على الكبار، ولا الأغنياء دون الفقراء، ولا تعترف بالجنس والأعراق.. هي مكتسبات وقناعة، تتسلل من القلب عبر الجوارح؛ لتبث رحيق الأمل والعطاء في فضاء الحياة.
الطالب فهد الأسمري في الصف الثاني المتوسط فعل ما لم يفعله الكبار؛ فقد وقف أمام "بسطة" الخضار والفواكه، وبجانبه لافتة، تدعو غير القادرين ماليًّا إلى الحصول على ما يريدون بالمجان. ولم يمنعه "العوز" وهو يقبع تحت "شمس" الحاجة على "رصيف" الحرمان من تقديم كل ما يملك وكل ما وقف من أجله للناس.
يقول "الأسمري" في حديثه لـ"سبق": لم أستطع فتح محل للخضار والفواكه بسبب رأس المال، والإجراءات البلدية، فمنحني "الرصيف" مساحة من الحرية والبركة؛ فادخرت في الشهر الأول 10 آلاف ريال، واستمررت على هذه الحال حتى بدأت أعرف حالة الشارع "اقتصاديًّا"، ووجدت بعض المحتاجين حولي، لا يستطيعون الشراء.
وأضاف: تربينا في بيتنا على حب الناس، وتقديم العون والمساعدة لهم.. فقمت بتصدير هذه التربية النبوية من خلال لافتة، كتبتُ عليها: (أخي العزيز، إذا لم يكن لديك مالٌ فلا تستحِ وتترك عائلتك بلا أكل.. تفضل وخُذ ما تحتاج إليه لأبنائك من عندي؛ فرزقك ورزقي على الله).
وأشار بائع الفواكه بـ"المجان" إلى أن دعوات المحتاجين منحته الأمل والصبر، كما أن ردود أفعال أصحابه في حي "الحمدانية" كانت جميلة بالنسبة له، ووصل صداها لمدرسته (زين العابدين المتوسطة)؛ ونال التكريم من مدير التعليم بمدينة جدة الأستاذ عبدالله الثقفي، داعيًا الشباب السعودي إلى ممارسة العمل الحُرّ.