خطيب الحرم المكي: العيد شعيرة من شعائر الله يتجلى فيها الفرح بفضله وبرحمته

الثبيتي: من ثمار قبول رمضان التي يكافئ الله تعالى بها الصالحين محو السيئات
خطيب الحرم المكي: العيد شعيرة من شعائر الله يتجلى فيها الفرح بفضله وبرحمته

أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور ماهر بن حمد المعيقلي، المسلمين بتقوى الله عز وجل والعمل على طاعته واجتناب نواهيه.

وهنأ المسلمين في خطبة الجمعة، اليوم في المسجد الحرام، بعيد الفطر المبارك؛ موضحاً أن العيد شعيرة من شعائر الله، يتجلى فيها الفرح بفضله وبرحمته، وجوده وإحسانه، العيد يوم جمال وزينة، وفرح وسعادة. العيد موسم لإصلاح ذات البين، وصلة الأرحام والإحسان، وتجديد المحبة والمودة، وفي الحديث المتفق على صحته، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أَحب أن يُبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره، فليصل رحمه).

وبيّن أن من معاني الصيام وآثاره المحمودة؛ أنه يبعث القوة في نفوس الصائمين؛ فتجد العبد يمتنع عن الطعام والشراب والجماع وسائر المفطرات بإرادته برغم أنه اعتاد هذه المباحات سائر العام؛ إلا أنه في نهار رمضان يتركها لله وابتغاء ما عنده من الأجر، وهذا انتصار عظيم للمسلم على هواه وشهوته، وتفوق كبير على نفسه؛ وهو بذلك يهيئ نفسه لتحمل المشاق والقيام بالمهام الجسام من جهاد وبذل وتضحية وإقدام.

وأفاد الشيخ المعيقلي بأن الشرائع بأحكامها، والعبادات بأنواعها، نِعَم من الله تبارك وتعالى، وجب حمده وشكره عليها، من خلال إظهار أثر النعمة على الألسنة، ثناءً واعترافاً، وعلى القلوب محبةً وشهوداً، وعلى الجوارح طاعةً وانقياداً، قال تعالى {ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون}؛ مشيراً إلى أن الشكر من صفات الرحمن جل جلاله، وتقدست أسماؤه، فالله شاكر وشكور، والشكر منه تعالى مجازاة العبد والثناء عليه بالجميل؛ فهو سبحانه بر رحيم كريم، يشكر قليل العمل، ويعفو عن كثير الزلل، ومن كرمه وجوده وفضله أنه لا يعذب عباده الشاكرين {ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكراً عليماً}؛ مبيناً أن الشكر من المقاصد العظمى التي خلق الخلق من أجلها {والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون}.

وأوضح إمام وخطيب المسجد الحرام، أن الله تعالى أثنى على أهل شكره، ووصف به خواص خلقه؛ فقال عن نوح عليه السلام: {إنه كان عبداً شكوراً}، وهو الذي دعا قومه ليلاً ونهاراً، سراً وجهاراً، ألف سنة إلا خمسين عاماً؛ فما آمن معه إلا قليل، وقال سبحانه في ثنائه على خليله: {إن إبراهيم كان أمةً قانتاً لله حنيفاً ولم يك من المشركين، شاكراً لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم}، وأما نبينا صلوات ربي وسلامه عليه، فقد لقي من قومه ما لقي، فكان أشكر الخلق لربه، وكان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، فقالت له عائشة رضي الله عنها وأرضاها: أتصنع هذا وقد غُفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال: (يا عائشة، أفلا أكون عبداً شكوراً).

وأكد أن رضا الله تعالى معلق بالشكر، فالنعم مهما صغرت، فشكرها سبب لحلول رضوان الله تعالى، ورضى العزيز الغفار أعظم نعيم في الجنة للشاكرين الأبرار؛ موضحاً أن من شكر النعم في أيام العيد، أن يظهر على المرء أثر نعمة الله عليه، من غير إسراف ولا كبرياء؛ ففي مسند الإمام أحمد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كلوا واشربوا، وتصدقوا والبسوا، في غير مخيلة ولا سرف، إن الله يحب أن ترى نعمته على عبده.

وقال الشيخ المعيقلي: إن من تقوى الله تعالى شكر النعم، وإذا أنعم الله على عبده بنعمة وهو غافل عن شكرها، متمادٍ في معصية واهبها؛ فاعلم أنما هو استدراج؛ ففي مسند الإمام أحمد، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب؛ فإنما هو استدراج)، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: {فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتةً فإذا هم مبلسون}.

وأشار إلى أن من أعظم النعم إدراك مواسم الطاعات، والمسارعة فيها بأنواع القربات، في وقت حرم البعض من اغتنامها، أو حال الأجل دون بلوغها، وإن من شكر النعمة بعد مواسم الطاعة المداومةُ على العبادة، والمداومة على القربات.. ومن العبادة الدائمة التي هي أحب الأعمال إلى الله تعالى، المحافظة على الفرائض؛ فالمؤمن ينتقل من عبادة إلى عبادة، ومن طاعة إلى طاعة، ومن شكر إلى شكر، إلى أن يلقى ربه.

واختتم خطبة الجمعة مذكراً بما مَنّ الله به على هذه البلاد المباركة، من أمن وأمان، واجتماع للكلمة، وألفة ومودة، مع ولاة أمر تدعون لهم ويدعون لكم، وتدينون لهم بالطاعة، ويدينون بالحرص على مصالحكم.

المدينة المنورة

وفي المدينة المنورة تَحَدّث إمام وخطيب المسجد النبوي بالمدينة المنورة الشيخ عبدالباري بن عواض الثبيتي، في خطبة الجمعة اليوم، عن موسم الطاعات في شهر رمضان وقال: إن المسلم يودع رمضان الذي كانت لياليه حلاوة ولنهاره طراوة ولنسماته نداوة، رحلت لياليه وبقي رونقها في النفوس وآثارها في القلوب، وإذا تأمل المسلم معاني سورة الشرح التي تخاطب آياتها رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وجدها تُصَوّر أعظم ثمرة يخرج بها المسلم من شهر رمضان والمنهج الذي يجب أن يسير عليه بعد رمضان؛ مستشهداً بقول الله تعالى {ألم نشرح لك صدرك، ووضعنا عنك وزرك، الذي أنقض ظهرك، ورفعنا لك ذكرك، فإن مع العسر يسراً، إن مع العسر يسراً، فإذا فرغت فانصب، وإلى ربك فارغب}.

وبيّن أن معنى "ألم نشرح لك صدرك" هو امتنان الله عز وجل على نبيه بنعمة من أعظم النعم، وهي نعمة انشراح الصدر التي هي من ثمار قبول رمضان، وأي توفيق أعظم من أن يهب الله عبده صدراً منشرحاً بعد أن ذاق حلاوة الإيمان في رمضان، ونورت معاني القرآن قلبه؛ فمن باشر طيب شيء ولذته لم يكد يصبر له؛ لأن النفس ذواقة تواقة.

وقال: شتان ما بين صدر منشرح يعيش الحياة في سرور وأمل، وصدر منغلق حرجاً تتقلب أيامه بين نكد وقلق؛ مشيراً إلى أن من ثمار قبول رمضان التي يكافئ الله تعالى بها الصالحين، وضعُ الأوزار ومحو السيئات والخطايا؛ فالإنسان إذا تخفف من الذنوب كان أقرب إلى السعادة؛ فالذنوب والمعاصي ثقلها على الإنسان عظيم وقيدها على جوارحه متين، تورثه الأسقام والأمراض؛ ذلك أن سقم الجسد بالأوجاع، وسقم القلوب بالذنوب؛ مستشهداً بقول الله تعالى: {ووضعنا عنك وزرك}.

ولفت إلى أن من أثقل الأوزار على عاتق الإنسان؛ تلك الذنوب التي يؤذي بها الآخرين من غيبة ونميمة وكذب وظلم؛ حيث شبه القرآن العظيم الأوزار بالأثقال التي تقسم الظهر قال تعالى {الذي أنقض ظهرك}.

وأوضح إمام وخطيب المسجد النبوي، أن الله سبحانه وتعالى رفع قدر النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ورفع ذكره؛ فلا يذكر الله جل وعلا إلا ذكر معه الرسول عليه أفضل الصلاة والتسليم؛ مستشهداً بقول الله تعالى: {ورفعنا لك ذكرك}.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org