باب ما جاء في "تمكين المرأة" بين الواقع والمفهوم

باب ما جاء في "تمكين المرأة" بين الواقع والمفهوم

لعل أخطر ممارسة تحدث لدينا هي بعض عشوائية الترشيح والتعيين النسائي في مناصب قيادية وإدارية داخل بعض الجهات والهيئات الحكومية، التي سرعان ما انتهى عدد منها بسبب كشف تجاوزات فكرية ووطنية وعنصرية للشخصية المرشحة؛ لأنه وبغض النظر عن مدى استحقاق ومشروعية الترشيح والمنصب فإنه يُحدث صدوعًا عميقه في عملية تأسيس أو عمل الجهة أو الهيئة الحكومية.

إن الإشكالية التي تقع فيها بعض الجهات والهيئات الحكومية هي محاولة سرعة المنافسة والسباق في استعراض أكبر عدد في "تمكين المرأة" للمناصب القيادية بلا إدراك لمعنى 2030 الإدارية، ودون فهم حقيقي لأهداف الرؤية الوطنية، والتمكين والممارسة المهنية والفنية والإدارية، ودون استشعار لأهمية التعامل والتكيف مع إشكاليات الواقع الذي يتطلب الحيادية والإنصاف والشفافية، وتكثيف التركيز والجهد لتشكيل قوة عمل مميزة وخدمة قادرة على التغيير بجودة وكفاءة عالية لتحقيق المزيد من الإنجازات التي تعزز تنافسية الدولة في مختلف المجالات.

ولكي تعمل بعض هذه القطاعات والهيئات الحكومية على فهم "الرؤية الوطنية"، واستراتيجية تمكين المرأة السعودية تحديدًا، لا بد أن تكون هناك إعادة لقراءة الرؤية كما يتمثلها الواقع ومتغيراته واحتياجاته، وليس كما في انبثاق التسابق والتنافس إعلاميًّا، أو انبثاق المحسوبية في الترشيح والتعيين. هذا بالإضافة إلى منح حق التمكين للمرأة في اتخاذ جميع القرارات التي تحقق الأهداف الاستراتيجية، وإعطائها الصلاحيات كافة في مشاركتها كمًّا ونوعًا في رسم السياسات وصناعة القرارات داخل الجهة أو الهيئة الحكومية. وبمعنى أكثر مكاشفة ووضوحًا أن لا يكون التمكين صوريًّا فقط يُضاف إلى لغة الأرقام والإحصاءات، أو مفردة من اللفظ تبهر المواطنة والمواطن (أول سيدة).

وأخيرًا: لا شك أن هناك قطاعات خاصة، وعددًا من الجهات والهيئات حكومية، نجحت في تفعيل استراتيجية (تمكين المرأة)؛ كونها تؤمن بأن تمكين المرأة هو تمكين للمجتمع بأكمله، وعملية تكاملية لمنحنى التطور الاقتصادي والاجتماعي والتنمية المستدامة، وما هو مطلوب من بعض الجهات والهيئات التي تعثرت في تمكين المرأة هو الاستفادة من نجاح القطاعات الأخرى من خلال تطويرها واعتمادها معايير موضوعية وشفافة وموحدة لاختيار القيادات النسائية من المستويات الإدارية كافة، ووفقًا لمعايير الكفاءة والخبرة والتأهيل.

همسة: الذاكرة الإلكترونية في منصات التواصل باتت رقيبًا قويًّا، يصنع معركة، إما أن تكسب فيها وطنًا ومواطنًا، أو تخسر. لكن ليكن التمكين بشروط قبل أن تكون مهنية وفنية بحتة، أهمها المسح الأمني؛ فالإخلاص للوطن أول شرط، ثم تأتي بعدها مهارات التواصل، ومستوى الوعي والمسؤولية، وفهم الواقع وتطلعات المستقبل.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org