صحة الإنسان في ميزان الأرباح والخسائر

صحة الإنسان في ميزان الأرباح والخسائر

اللافت أن وزارة الصحة تبنت شعار "المريض أولاً" في حين يأتي نطاق الإنسان أشمل من نطاق المريض، وصحته قبل سقمه أولاً!

ربما نتفق على ألا مساومة على حياة الإنسان.. كما لا تخضع لحسابات الربح والخسارة؛ فلا مجال لإطلاق الشعارات الملتبسة، ولا يوجد حيز للتورية والمواربة.. فالموضوع جد خطير؛ لذا فعلينا وضع النقاط على الحروف بشأنه، ثم تحييد العلاقات البينية والعامة ذات الصلة إن وُجدت ما لم تجير لحساب حياة الإنسان.

يمكن التحرك في المساحة الحرة المتاحة.. بينما يجب التوقف أمام بوابة الصحة العامة.. تأملوا ما الذي أصاب الناس من جراء الاستهانة والتسطيح عند تشخيص القضايا المهمة؟ الشلل والسمنة والسكري، وغيرها من الأمراض المتوطنة وأمراض المناطق الحارة تفتك بالوالد والوالدة، فالأخ، والابن (قنطار وقاية خير من درهم علاج) إن كنتم تعقلون.

الواقع أن التشخيص هو أول خطوة في طريق الحلول الناجعة المؤثرة والمستدامة.. فلأننا كنا نستغرق الغايات عبر عقود طويلة، ونترك الجذور؛ فوصلنا لمنحنى حرج على مستوى الصحة عموما.. فقد كنا كمن يهرق الماء، ويستنفد الجهد بعيدًا عن مصدر الحريق..!

لقد انصبت كل الجهود على معالجة العوالق على السطح، وهي تمثل ١٠٪ فقط من أصل المشكلة الغاطس بالعمق وحجمه ٩٠٪.. فنهرع بموجب هذا المسح السطحي للتوسع في مراكز التأهيل الطبيعي والوظيفي ومقاعد الابتعاث.

(هذا جيد)، ولكن لماذا نتعسر عند التوعية الاستباقية والوقائية؟ إن القطاع الصحي الخاص هو الرابح الأكبر من موارنة وزارة الصحة وطواقمها الطبية عالية التأهيل، التي أنفقت عليها الدولة المليارات في التعليم والتدريب المستمر. فما دامت الوزارة تعتبره شريكًا أصيلاً في تقديم الخدمات الطبية، مع أننا نشهد غيابًا جليًّا له عن الساحة في جانب المسؤولية المجتمعية، تحديدًا التوعية بالأمراض القاتلة الصامتة، فأسترعي عناية مقام وزارة الصحة بإضافة فقرة إلى نظام التراخيص الطبية، تُلزم المنشأة الصحية الجديدة أو المجددة للترخيص بتقديم ما يؤكد ارتباطها بعقد مع (مؤسسة) معتمدة لدى الوزارة.. أو (بقطاع الاستثمار بالوزارة) على أساس أنها جهة معتبرة، ومعنية بالأمر؛ ذلك لتنفيذ برنامج توعية صحية طوال جريان مدة الترخيص. كما أنه يتوافر لديها إمكانات بشرية وتقنية عالية التأهيل والتجهيز غير مستثمرة بشكل مؤثر، وعوائد مالية وفيرة، تكفي لتطوير القطاع. فقيمة رسالة جوال، أو بضع ثوانٍ تلفزيونية، أو بث مقاطع فيديو على منصات التواصل الاجتماعي والشبكة العنكبوتية (حسب حجم المنشأة ومستواها)، لن تهوي بأرباحهم وعوائد منشآتهم الفلكية.

عندئذ تقوم وكالة الصحة العامة بوزارة الصحة والجهات الرقابية الرسمية بمراقبة التنفيذ، وقياس مناسيب التأثير، ثم تحرير مخالفات مادية مؤثرة ومتصاعدة ضد المنشأة المتهاونة.. كما يمكن الاستفادة من مؤسسات المجتمع المدني لإبداء ملاحظاتهم إزاء تطبيق الخدمة.

من جانب الوزارة فقد بدأت فعليًّا حراكًا ملموسًا في التوعية.. يُذكر فيُشكر.. لكنها جهود تحتاج لإسناد فعال لدرء مخاطر تكاد تعصف بالمواطنين.. نجني الآن أثرها.. كم سيعاني منها الأجيال القادمة ما لم نتحرك ككتلة واحدة تجاهها.

إن حياة الناس ينبغي ألا تخضع لحسابات الربح والخسارة أبدًا.

Related Stories

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org