ما فائدة العقل في الخمسـين؟

تم النشر في

بعضنا حينما يصل سن الخمسين وبضع سنين بعدها يستذكر الماضي، وتحديدًا الجانب المظلم منه؛ فيراجع كشف حساباته، ويخلص لنتيجة الشعور بالندم الشديد والمرارة في أبهى صورها؛ وذلك بسبب أفعال وأقوال في فترة شبابه، سواء من تضحيات لأشخاص على حساب آخرين، أو إقدامه على قرارات خاطئة، يراها بمنظور العمر الحالي الذي يعيشه، ويغلب عليه التحسر والندم؛ إذ يري -كما هي قناعاته في عمر الخمسين- أن لو عادت به حقبة من الزمن للوراء لما تصرف بتلك الصورة وهو في عشرينيات العمر وثلاثينياته..!!

الشخص منا في الخمسين يعتقد حد الجزم والتأكيد أنه في مرحلة نضج نهائي، وعقلية مكتملة الجوانب والأركان، فيؤنبه ضميره فيما فعل سابقًا في فترة شبابه البكر والمتأخر، فقد يكون قد خسر زميل مدرسة، أو جارًا من جيرانه، أو شخصًا من جماعته المقربين..!! ويبدأ في لوم نفسه وجلدها بسياط الحسرات حد الشعور بعدم تحمل المشهد في ذهنيته الآنية.

وفي المقابل يبدأ في طرح الأسئلة في حواره مع النفس وروحه التي باتت أكثر لينًا وشفافية بفعل السنين وتجارب الحياة: لماذا الآن أشعر بالعقل الراجح؟! لماذا لم تكن لدي هذه الميزة من التفكر والتصرفات الصحيحة في زمن مضى..؟! ما فائدة العقل والرزانة بعد فوات الأوان والوقت الضائع..؟

قد يكون هناك من حالفه الحظ، وكان في شبابه ومراحل عمره المبكر أكثر حنكة، وذا فكر منير، ويعيش مراحل حياته باتزان في اتخاذ الصواب من القرارات والأفعال. وهو أمر مؤكد؛ فالناجحون كما نرى اليوم هم من كان يتعامل بهذا النهج من العقلية الرصينة والنضج الثقافي والفكري فترة شبابه..!!

ومن هنا لا بد من تقديم نصيحة لشبابنا اليوم وهم في مراحل أعمارهم المبكرة وشبابهم المتقد أن لا تخسروا زميل دراسة أو عمل، أو جارًا، أو حتى بائع خضار، أو مشجعًا لفريق منافس لفريقك المفضل؛ لأنك حينما تصل للخمسين ستشعر بالخطأ الفادح الذي ارتكبته وأقدمت عليه.. وحينها لن يكون بمقدورك إصلاح ما أفسد الدهر، ولن تجني من التفكير فيما مضى من تهورات سوى الندم وتأنيب الضمير..!!

صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org