الحِرف المهنية وأرباب الأُسر

تم النشر في

ربما يعلم الجميع أن أغلب أرباب الأُسر والمتقاعدين، وكذلك الموظفون وغيرهم، في الكثير من الدول المتقدمة، لا يحتاجون لأصحاب الحِرف المهنية في منازلهم، مثل النجار والكهربائي والسباك والحداد، إلا نادرًا، وفي الحالات القصوى؛ إذ يقومون بتلك الأعمال من تلقاء أنفسهم، وبدون تدخُّل هؤلاء الحرفيين. وربما مرت في أذهاننا، سواء في الأفلام الوثائقية، أو من خلال زيارتنا لبعض تلك الدول، أن أغلب المنازل، وبخاصة في مواقف السيارات، تحتوي على العدد والأدوات كافة التي يحتاج إليها الحرفي؛ إذ تجد أصحاب تلك المنازل يقومون بها شخصيًّا بدون تدخُّل خارجي بعد أن تدربوا على ذلك، سواء من والديهم، أو من خلال الالتحاق بمعاهد تدريب خاصة، تعطي دورات بسيطة بتلك الأعمال.

مشكلتنا أننا لا نفقه شيئًا في هذه الأمور؛ إذ لو احترقت لمبة أو تسرَّب صنبور ماء، وغيرهما من الأمور البسيطة، نلجأ لطلب الحرفي؛ وهو ما يضاعف الأعباء على أرباب الأُسر من جهة، ويجعلنا محتاجين دومًا لهؤلاء الحرفيين باستمرار، وما يتبع ذلك أيضًا من حاجة البلد لهم، بينما في واقع الأمر لو تدربنا قليلاً لاستطعنا تقليص تلك الحاجة إلى النصف؛ ولا نحتاج إليهم إلا في الضرورة القصوى.

بعض الأعمال تحتاج لحرفي محترف، مثل تلف بعض الأجهزة، كالغسالة والفرن وخلافه، أو مشكلة كبيرة في تمديد الكهرباء والأسلاك، أو السباكة والنجارة.. وغيرها. أما بعض المشاكل فهي بسيطة؛ ولا تحتاج لتدخُّل ذلك الحرفي، ويمكن القيام بها شخصيًّا من صاحب الحاجة، ولكننا لا نعرف طريقة التعامل، وتنقصنا التجربة بحكم أننا تعودنا على ذلك.

أعتقد أن وجود معاهد تدريب خاصة، تعطي دورات بسيطة حول كيفية التعامل مع تلك الحِرف، مهمٌّ جدًّا لاحتياج أرباب الأسر؛ إذ لا يصبحون تحت تصرُّف تلك العمالة وابتزازهم باستمرار؛ لأن نصف حاجتنا من تلك الأعمال نستطيع القيام بها شخصيًّا دون تدخُّلهم.

يروي أحد الزملاء أنه درس في بريطانيا، وسكن لدى عائلة خارج لندن، وكان ربُّ العائلة يقوم بتلك الأدوار بنفسه، لدرجة أنه لم يشاهد حِرفيًّا واحدًا يدخل المنزل طوال عام كامل.

المعاهد الخاصة ليست مفيدة لتدريب أرباب الأُسر للقيام بتلك الأعمال فقط، وإنما يمكن أن يتدرب من خلالها الشباب راغبو افتتاح أعمال خاصة في هذا المجال؛ إذ يستطيعون التوجه للأعمال الحرة مستقبلاً.

صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org