التمريض يحترق.. فمن ينصفه؟

زاوية حديث الأطباء للدكتور حسن الخضيري
زاوية حديث الأطباء للدكتور حسن الخضيري

يحتفل العالم في 12 مايو من كل عام باليوم العالمي للتمريض، وإن كانت الاحتفالات حسب ما أتابع مجرد شعارات يصحبها بعض الكيك والشاي والمكسرات، وتعود في كثير من الأحيان حليمة لعادتها القديمة في انتظار العيد التالي.

يعاني الفريق الصحي بكل أطيافه من الاحتراق الوظيفي، وفي مقدمتهم التمريض وأهله، والذي ربما يحترق منذ زمن (رأي شخصي من طبيب يدرك أهمية التمريض، ويرى أن دوره ربما يفوق بقية أدوار المهتمين بالمريض)، ولعل تحذير المجلس الدولي للممرضات من احتمال نقص يصل إلى 13 مليون ممرض بحلول عام 2030 ما لم يتم اتخاذ إجراءات جذرية أكبر دليل على كارثة قد تحل بالتمريض جراء الاحتراق.

يُعرّف احتراق الممرضة على أنه "استنفاد القوة الجسدية أو العاطفية أو الدافع؛ نتيجة الإجهاد أو الإحباط لفترات طويلة"، ونلحظ أنه ويومًا بعد يوم يتزايد عبء المريض على التمريض، فعلى سبيل المثال في العناية المركزة، وبسبب النقص قد يصل الحال إلى أن يكون لدى كل ممرضة ثلاثة مرضى للعناية بهم.

الاحتراق محرقة وربما مقبرة لكل المهن ومنها التمريض، والذي قد يرتبط بالضغوط المرتبطة بالعمل؛ مثل غياب الشعور بالانتماء للمجتمع، نقص الموارد وغياب العدالة، وزيادة الإجهاد ونقص الرحمة، إضافة إلى عدم التقدير وربما قلة الاحترام من الإدارة والقيادة، والعمل لنوبات أطول والتي قد يترتب عليها الحرمان من النوم، ناهيك عن العمل تحت أشد الضغوط.

أهل التمريض يحملون قلبًا ينبض وعقلًا يفكر لدرجة الاحتراق أحيانًا من أجل خدمة المريض، وقد يصل الحال أحياناً للتعب بسبب التعاطف الشديد مع المريض، ومما يزيد الطين بلة أن يصل الحال إلى الإرهاق الجسدي والعقلي والانسحاب العاطفي؛ بسبب اعتنائهم بنوع من المرضى أو المصابين بصدمات نفسية على مدى فترة طويلة من الزمن.

هذه التضحيات والتعب لا يضر فقط بالممرضات، ولكن الضرر قد يمتد للمرضى ومؤسسات الرعاية الصحية؛ بسبب الآثار السلبية على سلامة المرضى، وانخفاض جودة الرعاية المقدمة، وانخفاض المدفوعات، والضغط المالي على المنظمة.

التفنن في تقديم الخدمة والتعرض المستمر للمرضى الذين يمرون بصدمات شديدة ومآسٍ يجعل من المستحيل على الممرضات إخراج أنفسهن من المواقف السلبية، إضافة إلى ساعات العمل الطويلة، ناهيك عن القيود الزمنية التي تحدّ من تقديم رعاية للمرضى عالية الجودة، والطامة الكبرى الافتقار إلى الفصل بين الحدود الشخصية والمهنية، كل ذلك قد يقود الممرضات للشعور بأن السبيل الوحيد للخروج من المستنقع هو ترك مهنة التمريض تمامًا.

في الوقت الذي يتزايد الطلب على مهنتي الطب والتمريض قال أكثر من ثلث الممرضات (34%) إنه من المحتمل جدًا أن يتركوا عملهم بحلول نهاية عام 2022، وأشار 44% منهم إلى أن الإرهاق والبيئة الشديدة التوتر سبب لرغبتهم في المغادرة، أشارت الممرضات إلى أن الفوائد والأجور هي السبب الرئيسي الثاني (27%) لترك وظائفهم.

تم تحليل البيانات من أكثر من 400.000 ملف تعريف لممرضي الصحة، واستطلعت أكثر من 2500 ممرضة مسجلة في الولايات المتحدة في فبراير 2022، حيث وجد الاستطلاع أن 40% يخططن لمتابعة دور التمريض في مكان آخر، فيما يخطط ما يقرب من ثلث الممرضات (32%) لمغادرة الميدان كليًا أو التقاعد.

وجد الاستطلاع أيضًا أن 42% من الممرضات انتقلن لشغل دور جديد في التمريض منذ يناير 2021، وكان السبب الرئيسي لانتقالهن إلى دور جديد هو زيادة الأجر (أفاد 58% بأن هذا هو العامل المحفز لهن)، وقد شملت الأسباب الأخرى للتغير البحث عن دور مختلف (33%)، وتحسين الجدول الزمني (31%)، والموقع المفضل (25%)، والتقدم الوظيفي أو فرص التدريب (24%) وتحسين التوظيف بشكل عام (24%).

ختامًا.. ألم يحِن الأوان لأن يُعاد النظر في مهنة التمريض ويُنصف أهلها على كل الأصعدة؟؟؟

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org