الهاربون من البيوت

مجالس كبيرة، وصوالين تزينت بأفخم الأثاث وأجمل الألوان وأروع اللوحات، وسجاد فاخر، وشاشات بجودة عالية، وصوتيات ممتعة.. إنها بعض مكونات بيوتنا التي أنعم بها الوهَّاب الرزَّاق علينا في المجتمع السعودي.

ورغم كل تلك الرفاهية إلا أننا نجد من لا يحب البقاء في بيته، والاستمتاع بتلك النِّعَم، وإيجاد الراحة والمتعة مع أسرته في تلك البيوت الجميلة.

الخروج المسائي اليومي أصبح عادة وروتينًا إلزاميًّا عند بعضنا، ممن نطلق عليهم (الهاربون من البيوت).

يعود من عمله، ثم ينام بعض الوقت، وينهض بعدها، وكأن هناك مَن يطرده من منزله! يتصل على هذا وذاك، وتتحرك أصابعه بكل توتر على شاشة جواله باحثة عن لقاء مقترح من أحد المعارف، وإن لم يكن هناك اقتراح اتجه إلى (استراحة)، تم إعدادها من قبل لتكون المنزل الرئيسي؛ يقضي فيها عدد ساعات أكثر من التي يقضيها مع زوجته وأبنائه!

انتقلت عدوى الهروب إلى السيدات؛ إذ أصبحت المقاهي المنتشرة الملجأ الأكثر جذبًا للنساء! أصبح الخروج المسائي للنساء عادة جديدة، تمارسها الكثير من النساء رغبة في تقليد الرجل، والتنصل من بعض الالتزامات الأسرية!

ظاهرة الهروب المسائي في المجتمع تتطلب دراسة اجتماعية، تحدد لماذا تحدث، وما هي أسباب عدم وجود الألفة داخل المنزل وبين أفراد الأسرة الواحدة.

من خلال ملاحظتي الشخصية أعتقد أن الصمت القاتل بين الأزواج هو أحد الأسباب، ويأتي بعد ذلك ظاهرة تقليد الآخرين، والتماشي مع توجه الناس.

لا يُمنع أن يكون للرجل مجموعة من الأصدقاء، يلتقيهم مرة أو مرتين خلال الأسبوع؛ فهذا من احتياجات النفس البشرية. وكذلك المرأة لا بأس من مقابلة الصديقات، والاستمتاع بأحاديثهن شريطة أن لا يؤثر ذلك الأمر في الواجبات الأسرية.

علينا جميعًا أن ننعم بمنازلنا، ونستمتع بها، ونفتح مجالسنا، ونبقى فيها، ونقضي مع أُسرنا وقتًا أكثر، ونبتكر طرقًا جديدة للحديث داخل الأسرة. الحياة تكون أكثر سعادة بوجود الجميع على سفرة طعام واحدة، ينعم فيها أفراد الأسرة برؤية بعضهم بعضًا.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org