نتائج الربع الأول من العام 2022.. مؤشرات وليست توقعات

بداية لا بد من التأكيد على جزئية مهمة جدًا في الآونة الأخيرة، وهي حجم الشفافية التي تتعامل بها المؤسسات المالية الحكومية، وفي مقدمتها وزارة المالية والبنك المركزي السعودي، شفافية تؤكد على أن العمل كله يتم وفق مخطط ممنهج لتحقيق الصالح العام، وفي نفس الوقت فرصة حقيقية لكل المهتمين بالشأن العام وليس الاقتصادي فقط، للاطلاع سواء للاستفادة أو المعرفة أو المساهمة في تقديم آراء ومقترحات إيجابية، وهذا هو نهج الرؤية، وهذه هي أهم نتائج برنامج التحول الوطني الذي أطلقه وقاده سمو سيدي ولي العهد، ومن هنا وبعد إعلان نتائج الربع الأول من ميزانية العام 2022 في المملكة، فلا بد والوقوف عن بعد النقاط وتوضيح بعض الحيثيات والجزيئات المهمة جدًا.

بداية كما هو في العنوان أعلاه، أن هذه النتائج تعتبر مؤشرات لما تم تنفيذه على أرض الواقع، وهي مقارنة فعلية بين الموازنة التقديرية للدولة، وبين الميزانية الفعلية خلال نفس القترة، وما أقصده بالمؤشرات، أنها تعطينا دلائل واضحة على مدى تطابق المقدر مع الفعلي، وعلى مدى نجاعة سياسات ضبط النفقات وترشيد الاستهلاك، وأيضًا مؤشرات ودلائل على التوجه العام سواء للاقتصاد المحلي أو العالمي خلال هذه الفترة من الربع الأول من العام 2022، ولا يمكن اعتبار أن هذه النتائج توقعات مسبقة، لأنها أساس تمت على أسس تقديرية، وعادة في الموازنات العامة التقديرية يكون هنالك نوع من الحذر في عملية التقدير، خاصة في دولة مثل السعودية، فإن توسيع مساحة التقدير قد تؤدي إلى نزيف في عدد من المجالات، أو طغيان ملفات على ملفات أخرى، وفي نفس الوقت فإن التشديد الكثير في التقدير المتحفظ، قد يؤدي إلى خنق المسيرة وتحقيق معدلات نمو متدنية.

ومما لاحظناه في نتائج الربع الأول، فإن مجرد الإعلان عن تحقيق وفورات مالية وفائض في الميزانية بنسبة ارتفاع عن العام السابق بلغت 36%، فهذا دليل على أن هنالك عملًا مثمرًا ليس في تنفيذ البرامج والميزانية، بل في دقة وسلامة توقعات القائمين على إعداد الموازنة العامة للدولة، لأنه وفي ظل ما تبقى من سلبيات جائحة كورونا، وفي ظل الحرب الروسية الأوكرانية، وما يشهده العالم من تضخمات، فإن وصول المملكة إلى تحقيق فائض حقيقي بين المقدر والفعلي، يعني أن إدارة موازنة الدولة قد بنت وصنفت وبوبت أرقامها على أسس علمية سليمة وصحيحة، ومع تجاوز جزئية ارتفاع سعر برميل النفط، الذي حقق عوائد أعلى من العام الماضي لنفس الفترة بنسبة 58%، وهو معدل مرتفع جدًا لأسباب جيوسياسية، ولكن ارتفاع أو انخفاض سعر برميل النفط، لم يعد هو الفيصل الرئيسي في التحكم بمفاصل عملية النمو والتطوير، ولا هو أساس بناء موازنة الدولة العامة.

كذلك لا بد من الإشارة إلى أن ارتفاع العوائد غير النفطية بمعدل 7% عن مثيله في العام السابق، وهو معدل نوعًا ما غير مرتفع، وبالتالي فإنه مؤشر حقيقي لا بد والعمل عليه وتطويره وتحليل عدم ارتفاعه بشكل ملحوظ في الربع الأول من كل عام، خاصة وأن معدل المصروفات العامة لنفس الفترة من العام السابق قد ارتفع في الربع الأول من العام الحالي، وهذا الارتفاع له أسبابه ومبرراته سواء التشغيلية أو ارتفاع أسعار المواد الخام أو تغيرت القيم السوقية في الربع الأول من هذا العام، ولكن بمحصلة نتيجة الربع الأول فإن تحقيق فائض بلغ حوالي الـ 51 مليون ريال، مقابل عجز في الربع الأول من العام الماضي والذي يبلغ ما يقارب الـ 7 مليون ريال، هذا الفائض بحد ذاته يعطينا مؤشرات أننا نسير على المسار الصحيح، وأن التقديرات منطقية وذكية، وأن معدل النمو العام يرتفع بشكل متوازن شامل وليس في قطاع أو قطاعات محددة.

التعافي الملحوظ وجدية الحكومة بتنفيذ جدولها الزمني، خاصة وأن العمل يجري على قدم وساق لتجاوز نتائج جائحة كرورنا وتحقيق التعافي السريع، إضافة إلى استمرار الحكومة بمعالجة مشاكلها الاقتصادية التنظيمية الإدارية، ومحاربة الفساد وأدواته، كذلك عملية التعاطي مع المتغيرات الداخلية والخارجية، بشكل يضمن مصالح الدولة السعودية العليا، وثبات الدولة أيضًا على قواعد أساسية لا تتنازل عنها، هذا ما جعل منها قوة اقتصادية على مستوى العالم كله.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org