منطق "أبو الخير".. وسخرية الغير

منطق "أبو الخير".. وسخرية الغير

يُحكى أنه في عام 1898م زار الإمبراطور الألماني غليوم الثاني (دمشق)، وعند مدخل القلعة لاحظت زوجته الإمبراطورة حمارًا أبيض جميلاً -أكرمكم الله -؛ فطلبت ﻣﻦ والي الشام (ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻋﺎﺻﻢ ﺑﺎﺷﺎ) ﺃﻥ ﻳﺄﺗﻴﻬﺎ به لتأخذه إلى ﺑﺮﻟﻴﻦ تذكارًا من دمشق. وبعد عناء توصل الوالي لصاحب الحمار، ويدعى (أبو الخير تللو)، وطلب منه أن يهدي الحمار لزوجة الإمبراطور، فاعتذر (أبو الخير)، وحينها عرض عليه الوالي شراءه، فرفض أيضًا.. وقال أبو الخير: "يا أفندينا٬ لدي ستة رؤوس من الخيل، لو أحببت أن أهديها ﻛﻠﻬﺎ للإمبراطورة ومن دون مقابل.. ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺤﻤﺎﺭ فلا". استغرب الوالي وسأله عن السبب، فأجابه تللو مبتسمًا: "يا ﺳﻴﺪﻱ إذا أخذوا ﺍﻟﺤﻤﺎﺭ إﻟﻰ ﺑﻼﺩﻫﻢ فستكتب ﺟﺮﺍﺋﺪ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻋﻨﻪ، وسيسأل الناس: من أين أتيتم بهذا الحمار؟ ﻓﻴﺮﺩﻭﻥ ﻋﻠﻴهم: ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺎﻡ، ﻭﻳﺼﺒﺢ هذا ﺍﻟﺤﻤﺎﺭ ﺍﻟﺸﺎﻣﻲ ﺣﺪﻳﺚ ﺍﻟﻨﺎﺱ وسخريتهم، ويقول الناس هل يعقل أن إمبراطورة ألمانيا لم تجد لدينا في دمشق ما يعجبها غير الحمير!! لذلك لن أقدمه لها هدية ولن أبيعه".

نقل الوالي الخبر للإمبراطور والإمبراطورة، فضحكا، وقاما بمنحه وسامًا رمزيًّا.

ما فعله "تللو" كان عين الصواب، ويمثل عمق الانتماء للوطن، لكنه لو كان بيننا لفضل الحمار على بعض البشر؛ فالحمار مهما ابتعد عن بيت صاحبه يعود إليه، وهذا - بلا شك - شكل من أشكال الوفاء والانتماء.. الغريب أن يلجأ المواطن لدويلة أجنبية معادية، ويسيء لسمعة وطنه. والأغرب أن تردد هذه الدويلة شعارات الجيرة والعروبة والإسلام والوطنية، وغيرها من الشعارات، وهي كالسرطان ينخر في جسد الأمة، بل لا تألو جهدًا في التفريق بين الشعوب.

مؤخرًا تم انطلاق مونديال كأس العالم في روسيا بحضور صاحب السمو الملكي (ولي العهد)، الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله -، ولم يكن مستغربًا أن تقوم القناة الناقلة بكل خبث ودناءة بتجاهل حضور مقامه الكريم، بل عدم التطرق لذلك إطلاقًا.. ليس ذلك فحسب، بل تم تسييس الرياضة في مخالفة واضحة لجميع قيم وقوانين الاتحاد الدولي لكرة القدم FIFA بعدم الخلط بين السياسة وكرة القدم نظرًا لما تحمله الرياضة من رسالة إنسانية سامية للتقريب بين الشعوب.. بل تم دس السم في العسل من خلال الإساءة لدول الجوار في كل مباراة واستديو تحليلي، وخصوصًا الإساءة للمملكة العربية السعودية في كل محفل. لم يكتفِ القائمون على القناة الناقلة لنهائيات كأس العالم بذلك، بل اغتنموا فرصة الإعلان عن فوز ملف أمريكا وكندا والمكسيك باستضافة نهائيات كأس العالم عام 2026؛ وقاموا بنفث سمومهم النتنة في الإيقاع بين السعودية ودولة المغرب الشقيقة.. وللأسف انجرف بعض الأشقاء خلف ذلك، وبدأت الإساءات تجاهنا من كل حدب وصوب..

وبالعودة لقصة (الحمار) نكتشف أن هناك أناسًا يخافون على سمعة بلادهم من أن تمسها ألسن (الحمير)، وهناك (حمير) تبيع بكل شيء!!

هجمة.. مرتدة!!

قبل سنوات كانت قنوات الجزيرة القطرية تهاجم قنوات ART) راديو وتلفزيون العرب)، وتجرم احتكار النقل التلفزيوني للعبة الشعبية الأولى في العالم، وأنها لعبة الفقراء، وليست لعبة الأغنياء، وإذا بقنوات bein Sports تحتكر البطولات ذاتها، بل تسخِّر جميع امكانياتها الإعلامية والتقنية لتلويث الرياضة؛ لتكون لعبة سياسية قذرة، هدفها التخريب بين شعوب المنطقة بلا وعي (كمثل الحمار يحمل أسفارًا)، بعد أن انكشفت ألاعيبهم وأهدافهم وخططهم الفاشلة، ولم يبقَ لديهم مزيدٌ من الحمير لتصديرها، وقد تنقرض.. وأخشى ما أخشاه أن تصبح حمير "قطر" في خطر.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org