إمام وخطيب الحرم المكي: المتطاولون على المملكة متهمون بمقصدهم أو إمعات

العقلاء يدركون أن هذه البلاد لو تأثر موقعها فسوف تتوسع دائرة القلق والفشل والتمزق
إمام وخطيب الحرم المكي: المتطاولون على المملكة متهمون بمقصدهم أو إمعات

أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن حميد، المسلمين بتقوى الله عز وجل.

وقال "بن حميد" في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام: التعاطي مع الأحداث وأخذ العبر يكون بصدق التعلق بالله، ثم بالعقل الحصيف، والهدوء الحذر, والحكمة ضالة المؤمن، وليس التذمر مصلحا للأمم، والنقد وحده لا يقدم مشروعاً، وردود الأفعال المجردة لا تبني رؤية راشدة.

وأضاف: في بعض اللحظات والمحطات قد يحتاج المرء إلى التأكيد على الثوابت، والتركيز على الأسس أمام سيل الإعلام الجارف بأدواته ومواقعه، وما يحفل به من تلبيس في الطرح، وانحراف في التحليل، وتعسف في التفسير، وعبث بالكلمات والمصطلحات، ناهيكم بالتضليل، والتزييف، وخلط الأوراق، كل ذلك لإيجاد مزيد من التوتر والبلبلة عن طريق معرفات مجاهيل في مصالح ضيقة، أو نائحة مستأجرة.

وأردف: حين يتداعى المرجفون، ويتطاول المتربصون، فإن الذب عن الدين، ولزوم الجماعة، والاجتماع على القيادة، يكون لزامًا متحتمًا من أجل صد الشائعات، وإبقاء اللحمة، والحفاظ على الوحدة .

وتابع: العاقل المتأمل يرى من حوله سفنا تُخرق، وأخرى تغرق، فالحذر الحذر من مفسد، أو حاقد، أو طامع، أو حاسد، أو جاهل ليتعدى على السفينة فيخرقها ثم يغرقها، وقد يكون ذلك من خلال حديث مكذوب، أو استدلال محرف، أو تعليق مريب أو تفسير متعسف.

وقال "بن حميد": معاشر المسلمين إن شئتم نموذج لهذه السفينة المستهدفة فتأملوا ما يحاول فيه بعض المتربصين، وذوي الأغراض، والأهواء، والمتطرفين من النيل من حصن الدين، وقبلة المسلمين بلاد الحرمين الشريفين مأرز الإيمان، ورافعة لواء الشرع، وتحكيم الكتاب والسنة، غايتها في رايتها: "لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم"، توحيد الله شعارها، والحكم بما أنزل الله دستورها، والبيعة على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم نهجها، والدين والحكم فيها أخوان، مما ينتظم سياسة الدين والدنيا.

وأضاف: العقيدة، والوحدة الوطنية، ولزوم الجماعة، والحفاظ على البيعة، وحماية المقدسات هي الأعلى والأغلى في أهداف الدولة وخططها وبرامجها.

وأردف: دولة عربية إسلامية حافظة أمن الحرمين الشريفين، وراعيتُهما، وخادمتهما، محافظةٌ على المقدسات، والشعائر، والمشاعر معقل التوحيد والسنة، ودار المسلمين، وطن يسكن التاريخ، ويسكنه التاريخ إنها دولة كبيرة بدينها، وأهلها، وقيادتها، وتاريخها، مؤثرة في ميزانها، وموقعها، واقتصادها، وسياستها، وقوتها، وقرارها وستبقى لها أدوارها، وعلاقاتها الواسعة الرزينة الرصينة، ونفوذها النفاذ.

وقال "بن حميد": العقلاء يدركون أن هذه البلاد لو تأثر موقعها، فسوف تتوسع دائرة القلق، والفشل، والتمزق في المنطقة، وخارج المنطقة وإن المتربصين، وذوي الأهواء، والقوى المتطرفة، يستهدفون هذه البلاد بسمعتها، وتأثيرها، وقوتها، ووحدتها، وثقلها الديني، والسياسي، والاقتصادي، والعسكري، وانظر في من يحاول التطاول على بلاد الحرمين الشريفين لا تكاد تراه إلا متهمًا في مقصده، أو إمعة يسير خلف كل ناعق، ناهيكم عن أن كثيرًا مما يطرح ما هو إلا تنفيس عن غايات مدخولة، وقد قال الإمام الشافعي رحمه الله: "تتبع سهام المخالفين حتى ترشدك إلى الحق".

وأضاف: مما هو معروف أن هذا الاستهداف لم يكن وليد الساعة، بل هو قديم يتجدد، أو يتلون، حسب الظروف والمستجدات والأغراض، وفي كل ذلك تخرج هذه الدولة المباركة مرفوعة الرأس منتصرة لصدقها مع ربها، ومع شعبها، ومع المسلمين، وصدق علاقتها، ووضوح منهجها، وجلاء تعاملها بل كثير ما انقلبت القضايا المثارة ضد أصحابها، بل إنها تفسد عليهم أهدافهم، وتخرج هذه البلاد منتصرة، قد زادتها قوة إلى قوتها، وعزًا إلى عزها .

وأردف: من القواعد المشهورة أن الأزمات تَشُدُّ من قوة الدولة المستقرة، وتؤكد مكانتها، ورسوخها، وتَعاظُمَ دورِها، ومن المعلوم أن هذه البلاد المباركة من أكثر الدول استقرارًا.

وحذر من الإفراط في التعميم، ثم التوظيف، والتسييس، والاستهداف، والهجوم، والخلط في القضايا، بل التلبيس في الطرح، والتحليل، والتفسير، فاستقرار الحكم يغيظ المتربصين، والالتفاف حول القيادة يكيد الشانئين، في تصيد مقيت، وتلفيقات آثمة.

وحذر "بن حميد" من إضاعة المكاسب، وإزالة النعمة، نعمة علو الدين، واجتماع الكلمة، ورغد العيش، وبسط الأمن، والالتفاف حول ولاة الأمر، والنصح الصادق، والسعي في الإصلاح، والوقوف في وجه كل متربص، والتحدث بنعم الله في إبداء المحاسن، والخوف من التنكر للنعم بالتبرم، وتعداد النقائص.

وأشار إلى أن منع الفتن أسهل من دفعها، ومن لم يعتبر جعل نفسه عبرة لمن يعتبر، ومن لم يقرأ التاريخ نسيه التاريخ.

وأضاف: حفظ الله بلاد الحرمين الشريفين وحفظ عليها إيمانها، وأمنها، وزاد من لحمتها وتماسكها، وكبت عدوها، ونصرها على كل من أراد بها سوءًا، ونعوذ بالله من التقلبات السياسية، والحروب الأهلية، والتحزبات، والطائفية، والتوجهات العنصرية، والمسالك التصنيفية، وحفظ بلاد المسلمين أجمعين، وجمع كلمتهم على الحق والهدى والسنة إنه سميع مجيب.

وأكد أن الكمال عزيز، والخطأ والقصور من شأن البشر، والذين لا يخطئون هم الذين لا يعملون، ومسار الدولة والأمة يتطلب العقل، والحكمة، والأناة، والسير بخطى ثابتة غير متوقفة، في حكمة، ووعي، وتمييز بين الثابت، والمتغير، في قوة راشدة، وتنمية مخططة، وحزم، وعزم يحيط بذلك كله رحمة ورفق وإحسان والنقص يعالج، والمعوج يقوم تحت مظلة الولاية الشرعية.

وقال "بن حميد": اعلموا أن المبالغة في ملاحقة التغريدات، والإكثار في تتبع أخبار القائمين على بؤر التوتر، يوقع في ضلال، وحيرة، وإرباك، عاقبته التشتت، والانشقاق، والتصدعات، وهدم المكتسبات، وحاصله فوضى فكرية، وتعليقات يائسة، ومداخلات بائسة، يختلط فيها الحابل بالنابل، ونتيجتها الفرقة، وعاقبتها نفوس سوداء، وأحقاد متبادلة من غير مسوغ ولا معقولية، والسلامة في ذلك الأخذ بالقاعدة السليمانية قاعدة سليمان بن داود عليهما وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org