فرضتها مشتركات فريدة.. لماذا تُعد العلاقات بين السعودية والإمارات استراتيجية؟

استند إلى مقومات غير قابلة للتغيير
فرضتها مشتركات فريدة.. لماذا تُعد العلاقات بين السعودية والإمارات استراتيجية؟

تتأسس العلاقات بين السعودية والإمارات على مجموعة من المقومات الحيوية، التي تجعل من إقامتها ضرورة حتمية، وفي الصدارة منها العامل الجغرافي، الذي فرض قيام هذه العلاقات، تجاوبًا مع دواعي الجوار الجغرافي؛ حيث يبلغ طول الحدود البرية المشتركة بين السعودية والإمارات 457 كيلومترًا؛ وهو ما أتاح سهولة التواصل والترابط بين البلدين وشعبيهما من ناحية، ووضع على عاقتهما تقاسُم مسؤولية حماية إقليمهما الجغرافي من ناحية أخرى.

روابط التفاهم
ومن المقومات ذات التأثير التحتي العميق في بنية العلاقات السعودية الإماراتية، انبثاقُها عن روابط الدين واللغة والعرق، التي توفر أرضية للتفاهم المشترك، وتمازج الرؤى، وتمنح مساحات واسعة للتقارب الثقافي والاجتماعي بين شعبي الدولتين؛ الأمر الذي يجعل العلاقات بين السعودية والإمارات في بعض مظاهرها نتاجًا مباشر لقواسم الدين واللغة والانتماء القومي المشترك، التي تفرض وجود العلاقات الثنائية باعتباره خيارًا لا غنى عنه، وترتقي بها إلى مقام العلاقات المصيرية.
وتنهض العلاقات بين السعودية والإمارات أيضًا على مجموعة من المصالح الاقتصادية المشتركة؛ فالمقومات الطبيعية والمتنوعة للبلدين أتاحت لهما خيارات عديدة لتحقيق التكامل بينهما؛ وذلك ما يشهده الواقع الاقتصادي بين البلدين بالفعل؛ فضلًا عن أنه دائم التطور بوتيرة تصاعدية؛ إذ قفزت السعودية لمرتبة الشريك التجاري الثالث للإمارات، بحجم تبادل تجاري غير نفطي بلغ 107.4 مليارات درهم، وبنسبة مساهمة 6.6% من إجمالي تجارة الإمارات بنهاية 2018، كما احتلت مرتبة الشريك التجاري الرابع عام 2017، وبلغت مساهمتها في تجارة الإمارات 4.9%.

التحديات الأمنية
وتحتل التحديات الأمنية المشتركة، التي تواجهها كل من السعودية والإمارات -ممثلة في الأطماع التوسعية للنظام الإيراني- أهمية كبيرة بين المقومات، التي تحتم وجود علاقات بين الدولتين؛ فالنظام الإيراني يحتل حاليًا ثلاث جزر إماراتية، كما يسعى منذ سنوات للإخلال بأمن السعودية انطلاقًا من اليمن، ويحاول جاهدًا أن يفرض هيمنته على مياه الخليج العربي؛ مما يجعل منه عدوًّا مشتركًا يتوجب التصدي لممارساته العدوانية، وهذا ما تفعله الدولتان بالفعل من خلال التنسيق السياسي والعسكري الهادف إلى اقتلاع النفوذ الإيراني من دول المنطقة.
ومحصلة لكل ما سبق؛ فإن العلاقات بين السعودية والإمارات نتاج لمجموعة من المقومات ذات الثقل الاستراتيجي، التي جعلت من العلاقات خيارًا لا بديل عنه على المستوى الثنائي، وحوّلتها إلى منطلق لتنسيق المواقف والسياسيات على الصعيد الخليجي والعربي والدولي، وما يميز تلك المقومات، أنها مقومات طبيعية يستحيل تغييرها، فمن المحال إلغاء الجوار الجغرافي للدولتين أو انتماءاتهما الدينية والثقافية والقومية؛ وهو ما يعني في المقابل اكتساب العلاقات لصفة الديمومة والاستمرارية.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org