عويل وصراخ.. هذا قصارى ما فعلته إيران رداً على عقوبات أمريكا فهل تقوى على محاربتها؟

الخسائر بالمليارات.. والأزمة تتفاقم
عويل وصراخ.. هذا قصارى ما فعلته إيران رداً على عقوبات أمريكا فهل تقوى على محاربتها؟

دفعت العقوبات الأخيرة التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية على إيران منذ مطلع شهر مايو الجاري، والمتمثلة في بدء سريان إلغاء الإعفاءات الأمريكية للدول الثماني المستوردة للنفط الإيراني، والعقوبات الموجهة ضد صناعات الحديد والصلب والألمنيوم والنحاس الإيرانية، النظام الإيراني إلى العويل والصراخ، والتهديد بإثارة القلاقل في المنطقة، وإغلاق مضيق هرمز، الذي يعد أهم شريان نفطي في العالم، والذي يمر منه ثلث إمدادات العالم من النفط، ما يثير تساؤلات حول مدى قوة تأثير العقوبات الأمريكية على طهران، والقطاعات التي ستتضرر به ودفعت إيران إلى إبداء كل هذا الانزعاج من العقوبات الأخيرة تحديداً، رغم أنها ترزح بالفعل ومنذ سنوات تحت تأثير عقوبات اقتصادية وعسكرية وعلمية دولية وأمريكية، طال بعضها الحرس الثوري الإيراني بإدراجه على القائمة السوداء الأمريكية.

تصفير النفط

لا يهدف إلغاء الإعفاءات الأمريكية للنفط الإيراني عند مجرد تقليص حصة طهران من تصدير النفط، بل الوصول بها إلى المستوى صفر الذي تمنع فيه إيران من تصدير أي نفط على الإطلاق، وهذا ما سيحدث بعد التزام كل من الصين والهند وكوريا الجنوبية وتركيا واليابان وتايوان وإيطاليا واليونان، بوقف استيرادها للنفط الإيراني لاسيما بعد أن منحتها واشنطن ستة أشهر انتهت بنهاية أبريل الماضي لتدبير مصادر نفطية بديلة؛ تجنباً لدخولها تحت طائلة العقوبات التي دخلت حيز التنفيذ مع بدء سريان إلغاء الإعفاءات في الأول من مايو.

ومنع إيران من تصدير نفطها سيحرمها من مليارات الدولارات، لاسيما أن صادرتها بلغت في مارس الماضي، بما بين 1.4 و1.65 مليون برميل يومياً، ما سيشدد الخناق عليها، ويفاقم أزمتها الاقتصادية، التي دفعت الشعب الإيراني العام الماضي إلى الخروج في الشوارع والتعبير عن سخطه من تردي أوضاعه المعيشية، لكن انزعاج إيران من العقوبات لا ينحصر في انعكاساتها على الوضع الاقتصادي، وإنما في الصعوبات الجمة التي ستواجهها في الاستمرار في تطوير برامجها للتسلح خصوصاً الصواريخ البالستية، وبرنامجها النووي لاسيما بعد أن أعلنت قبل أيام تحللها من أجزاء من الاتفاق النووي المبرم عام 2015، بالإضافة إلى تأثير شح العملات الصعبة على أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار في المنطقة والعالم، وفي صدارتها دعم المليشيات الموالية لها وتمويل الإرهاب.

تعطيل نووي

وتمضي العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على صناعات الحديد والصلب والألمنيوم والنحاس الإيرانية، في المسار نفسه وإن كانت مركزة في الأساس إلى التأثير على منع إيران من استئناف برنامجها النووي، وتعطيل مراحله، وإرغام النظام الإيراني على القبول بإبرام اتفاق نووي جديد مع واشنطن، ولا يقل تأثير عقوبات المعادن عن نظيرتها البترولية إذ إنها ستحرم إيران من 14 في المائة من إجمالي الصادرات غير النفطية، وتلك نسبة ضخمة تقدر عوائدها بالمليارات، فبحسب ما أعلنته منظمة التنمية والتجارة الإيرانية، فقد بلغت صادرات الحديد وحديد الزهر والصلب نحو 3.9 مليارات دولار خلال العام الماضي، فيما بلغت صادرات النحاس ومنتجات النحاس نحو 700 مليون دولار، بينما قدرت قيمة صادرات خام الحديد الإيراني أكثر من 840 مليون دولار، ما يعني أن إيران ستفقد عوائد بقيمة تصل إلى نحو 5.5 مليار دولار من عقوبات المعادن وحدها.

ولا يُتوقع مع إنهاك إيران اقتصادياً إلى هذه المستويات الضاغطة، وحرمانها من مليارات الدولارات أن تقوى على خوض مواجهة مسلحة مع واشنطن، ما يدخل تهديداتها في نطاق الحرب النفسية، فإيران تدرك حقائق ميزان القوى جيداً بينها وبين الولايات المتحدة، وتستوعب فارق قدرات التسلح بينهما لاسيما بعد أن جلبت واشنطن حاملة الطائرات إبراهام لينكون التي تعد من أضخم السفن الحربية في العالم، إلى مياه الخليج لرد إيران عن رعونة قد ترتكبها في عرقلة تدفق النفط من مضيق هرمز، ومحصلة لكل تلك الفروق الاستراتيجية أعلنت إيران صراحة وعبر المرشد علي خامنئي، أرفع مسؤول في النظام، أنها لن تدخل في حرب مع واشنطن لأي سبب، وذلك يكشف قدرات النظام الإيراني الحقيقية.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org