"الحوار العالمي" يشارك في فعاليات مؤتمر "قيم الوسطية والاعتدال" بمكة

في إطار اللقاء التاريخي لإعلان وثيقة مكة بتنظيم من رابطة العالم الإسلامي
"الحوار العالمي" يشارك في فعاليات مؤتمر "قيم الوسطية والاعتدال" بمكة

شارك مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات بفيينا، في فعاليات المؤتمر العالمي: (قيم الوسطية والاعتدال في نصوص الكتاب والسُنّة)، الذي نظمته رابطة العالم الإسلامي برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز- حفظه الله -.

وانطلقت جلسات المؤتمر العالمي يوم الاثنين ٢٢ رمضان ١٤٤٠ الموافق ٢٧ مايو ٢٠١٩، في إطار اللقاء التاريخي لإعلان وثيقة مكة المكرمة، حيث شهد المؤتمر جلسات علمية عالية المستوى لتأصيل الوسطية والاعتدال، من خلال عددٍ من الموضوعات والقضايا المهمة وتقديم الحلول والعلاجات الناجعة في هذا الخصوص.

وألقى الأمين العام للمركز فيصل بن معمر، كلمة في جلسة الوفود - استهلها برفع خالص الشكر والتقدير لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله - على رعايته لهذا المؤتمر العالمي وكل ما فيه خير للإسلام والمسلمين، مشددًا على عظمة الإسلام، الذي يمثل جوهر الوسطية والاعتدال دون غلو ولا جفاء ولا إفراط أو تفريط.

وأشار "ابن معمر" إلى أن النهج الوسطي المعتدل لن يتحقق بأدوات ووسائل تقليدية كانت فاعلة وناجحة سابقًا؛ ما لم يتم استنفار جميع الأدوات والوسائل الممكنة لتمكين الأفراد والمجتمعات من الالتزام بالوسطية والاعتدال اللذين ننشدهما.

وقال: "من واقع الخبرات المحلية والإسلامية والعالمية التي تشرَّفنا باكتساب المعارف من خلالها؛ فإن العالم الإسلامي بحاجة ماسة إلى إطلاق حوارات متنوعة على الصعيد المحلي والإقليمي والعالمي للمساهمة في إحياء مبدأ التعارف وتجسير المعرفة وإعلاء القواسم المشتركة ونشر ثقافة الحوار المرتكزة على أدبياته العظيمة.. في الإصغاء واحترام الاختلاف واعتبار التعددية والتنوع إثراءً وتعزيزًا لقيم المجتمع وحيويته وترسيخًا للقيم الدينية والإنسانية؛ والمشاركة في بناء السَّلام والتفاعل مع مختلف التوجهات بحيث تُسهم هذه القيم الكبرى في ترسيخ الوسطية والاعتدال والتسامح بما يحقق العيش المشترك في ظل المواطنة المشتركة".

وأكّد "ابن معمر" أن الحوار الحقيقي المبني على أسس علمية صحيحة في المجتمعات الإسلامية؛ يحقق النجاح المرجو من أدواته ووسائله متى ما أُحسِنَ إعدادُها وتطبيقاتها بالشكل الذي يلائم هذه المجتمعات بما هي عليه من قيم سياسية ودينية وثقافية واجتماعية؛ لافتًا إلى أن ذلك يتطلَّب صياغة إستراتيجية شاملة تُسهم في استقطاب جميع فئات المجتمع بمشاركة الأغلبية الصامتة لمكافحة الغلو والتطرف والظواهر المجتمعية السلبية ووضع الخطط لمعالجتها وذلك من خلال استنفار جهود دُوْر العبادة والمدارس والأسرة والإعلام بحيث ترتبط قيم التعايش والتسامح واحترام التنوع وقبول التعددية بأسس المواطنة المشتركة بما يحقق الوسطية والاعتدال والأمن الشامل للمجتمعات وحماية كل ذلك بالأنظمة والقوانين.

واشترط ضرورة أن يصاحب هذه البرامج والمشروعات المتنوعة والمرتبطة بالمؤسسات المشار إليها- المتابعة والإشراف والتقويم وتطبيق المخرجات وربط المقترحات والنتائج بصناع السياسات، بحيث يضمن الجميع أن جهودهم مقدَّرة وأن الجميع شركاء في المسؤولية.

ودعا الأمين العام لمركز الحوار العالمي، المجتمعات الإسلامية إلى بناء علاقات متكافئة مع أتباع الأديان والثقافات المتنوعة التي تتطلبها الظروف والتحولات والمتغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم اليوم؛ فقد أسهمت الأحداث المفجعة في العالم الإسلامي وارتكاب مجموعات متطرفة وإرهابية أعمالاً إجرامية باسم الدين، والدين منها براء، إلى قيم الوسائط السياسية والإعلامية والغربية بتغذية الحكم بسلوك جماعات متطرفة بعينها وإسقاطه على دين وثقافة كاملة.

واستعرض "ابن معمر" تجربة مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، في التعايش.

وكشف عن الجهود المؤسسية للمركز في تطوير مشروعات للعيش المشترك واحترام التنوع وقبول التعددية تحت مظلة المواطنة المشتركة في مناطق متعددة من العالم، وبموجب تلك الجهود؛ فقد أسهم المركز في تصحيح الصورة عن المسلمين بجانب السعي لبناء علاقات تعايش واحترام بين المسلمين وغيرهم، مشيرًا إلى تفرُّده في تعزيز دور الأفراد والقيادات والمؤسسات الدينية لمساندة صانعي السياسات؛ ما أهله ليكون مساهمًا في رئاسة المجلس الاستشاري للدين والتنمية في الأمم المتحدة، وكذلك مع مؤسسة التعاون الدولي ومنتدى دول العشرين للقيم الدينية والإنسانية جنبًا إلى جنب مع بناء علاقات متنوعة مع صانعي السياسات في المؤسسات الدولية.

وقدّم بعض التوصيات، التي يأمل في أن تُسهم في تحقيق أهداف هذا اللقاء الذي تقوده رابطة العالم الإسلامي بالرعاية الكريمة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، حفظهما الله، منها: غرس منهج الوسطية والاعتدال في حياة الأفراد انطلاقًا من الأسرة والمدرسة والجامعة ودور العبادة والإعلام بأشكاله المتنوعة ومؤسسات التنشئة الاجتماعية المختلفة؛ وتبني إستراتيجية وطنية من شأنها إعلاء القيم المجتمعية السوية وترسيخها في نفوس الشباب والأجيال الجديدة المعرَّضة أكثر من غيرها لخطر التيارات الفكرية غير السوية جنبًا إلى جنب مع تجسير القيم الدينية والإنسانية وتجذير دعائم الوسطية والاعتدال والتسامح والأخذ في الاعتبار تطوير البنية التحتية للأنظمة وسن القوانين لمواجهة ظاهرة التطرف والعنف والإرهاب والحض على الكراهية؛ لأن الله تعالى يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن؛ بالإضافة إلى ضرورة تعاون المنظمات الحكومية ومنظمات المجتمع الأهلي وتوكيد التنسيق فيما بينها، لإيجاد مجتمع متنوع، تسوده روحُ المحبة والألفة وقبول الآخر واحترامه؛ حتى يصعب اختراقه من قِبل تيارات الغلو والتطرف؛ جنبًا إلى جنب مع الوعي التام بأن فراغ الفكر؛ يملؤه سُعار التشدد المُجرَّم، وفراغ الحوار يتبعه مباشرةً كراهية الآخر، وغياب الرؤية الوطنية الجامعة؛ ما يؤدي إلى التفكك وجنوح الأفراد إما إلى انتماءات فئوية يدمر بعضها بعضًا ؛ وإما إلى الهرب للأمام باتجاه انتماءات منفلتة، بحثًا عن جمع الشراذم؛ وصولاً إلى الخروج على الإنسانية، بل وعلى الحياة نفسها.

ودعا "ابن معمر" إلى ضرورة التفاعل مع التحولات التي تعيشها أوطاننا الإسلامية والتغيرات الإيجابية التي يعيشها أبناؤها عبر إيجاد المنظمات الحوارية الفاعلة، والارتقاء بمستوى برامجها وتطبيقاتها لخدمة مجتمعاتها؛ لتصبح منصات مستدامة للحوار وتبادل الآراء وليست طرفًا فيها، وتهيئة الأجواء الودية المناسبة لديمومته؛ كونه الوسيلة الفاعلة في رُقي الشعوب وتقدُّمها.

وناشد التوجهات الفاعلة في المجتمعات الإسلامية كافةً إلى تكريس ثقافة الحوار والتعايش، والتسامح بين جميع فئات المجتمع وخصوصًا لدى الشباب، وإعدادهم إعدادًا سليمًا لوقايتهم من التطرُف أو التحلُّل، أو اللامبالاة والتهاون والضعف أو حتى الحيرة وإنقاذهم من نزعات الشك، وزعزعة الثوابت واليقينيات وازدراء الأديان أو التطرف والغلو والإرهاب؛ والإدراك الواعي بالعصر وقضاياه؛ بالانفتاح على الآخر المختلف، مهما كانت صيغة الخلاف؛ وعيًا بأن (الاختلاف)، هو تنوع بشري لازم للمجتمعات الحية.

وفي ختام كلمته، قدم "ابن معمر" الشكر للدكـتــور محــمد بـن عبد الكريم العيسى، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، على تنظيم الرابطة لهذا المؤتمر المهم، تواصلاً مع جهوده المضنية والمشكورة؛ لرسم هذه الحالة المبهجة التي يرى الجميع عليها هذا التوجُّه الشمولي للرابطة دعويًا وفكريًا، دعمًا للوعي العام العالمي، وتكريسًا لمبادئ التسامح، وقيم الاعتدال والوسطية والحوار.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org