إمام المسجد النبوي: النفس لا تسلم من الجهل إلا بالعلم النافع الذي جاءت به الشريعة

قال: للشيطان مع ابن آدم 7 أحوال يجب الحذر منها
إمام المسجد النبوي: النفس لا تسلم من الجهل إلا بالعلم النافع الذي جاءت به الشريعة

تَحَدّث إمام وخطيب المسجد النبوي بالمدينة المنورة الشيخ الدكتور علي بن عبدالرحمن الحذيفي، في خطبة الجمعة اليوم، عن وعد الله الحق لعباده؛ موصياً بتقوى الله تعالى، والمسارعة إلى الخيرات، ومجانبة المحرمات؛ للفوز بأعلى الدرجات والنجاة من المهلكات.

وقال إمام المسجد النبوي: الله وعدكم وعد الحق، ولا إخلاف لوعده، ولا معقب لحكمه، وعد عباده الطائعين بالحياة الطيبة في دنياهم، ووعدهم بأحسن العاقبة في أخراهم، يحل عليهم رضوانه، ويمتعهم بالنعيم المقيم في جنات الخلد مع النبيين والصالحين الذين اتبعوا الصراط المستقيم، قال تعالى: {ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض}، وقال تعالى: {ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا لكفرنا عنهم سيئاتهم ولأدخلناهم جنات النعيم، ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم}؛ أي لو أنهم آمنوا بالقرآن وعملوا به مع إيمانهم بكتابهم من غير تحريف له؛ لأحياهم الله حياةً طيبة في الدنيا والآخرة.. وقال سبحانه في ترغيب نوح عليه السلام لقومه: {فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً، يرسل السماء عليكم مدراراً، ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً}.

وأردف: وعد الله حق لا يتخلف منه شيء؛ لقوله سبحانه {ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد}، ووعدهم الحق في آخرتهم بقوله تعالى: {وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبةً في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم}؛ مشيراً إلى أن المؤمنين يشاهدون ما وعدهم ربهم في حياتهم الدنيا، ويتتابع عليهم ثواب الله، وتتصل بهم وتترادف عليهم آلاء الله كما قال تعالى: {فآتاهم الله ثواب الدنيا وحُسن ثواب الآخرة والله يحب المحسنين}، وسيجدون في الآخرة الأجر الموعود، والنعيم الممدود؛ لقوله سبحانه: {أفمن وعدناه وعداً حسناً فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا ثم هو يوم القيامة من المحضرين}.

وتابع: الإنسان قد ابتُلِيَ بما يصرفه عما ينفعه ويوقعه فيما يضره؛ ابتلاء وفتنة تثبط عن الطاعات وتزيد المعاصي؛ ليعلم الله مَن يجاهد نفسه ويخالف هواه ممن يعطي نفسه هواها ويتبع شيطانه؛ فيفاضل بين المهتدين بالدرجات ويعاقب أهل الأهواء الغاوية بالدركات؛ لقوله تعالى: {ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم}.

وقال إمام المسجد النبوي: النفس لا تَسلم من الجهل إلا بالعلم النافع الذي جاءت به الشريعة، ولا تسلم من الظلم إلا بالعمل الصالح، ولا بد للمسلم أن يرغب إلى الله دائماً ويدعوه لصلاح نفسه؛ فإذا لم تتزكَّ النفس وتتطهر بالعلم الشرعي والعمل الصالح؛ استولى عليها الجهل والظلم، واتحدت مع الهوى؛ فكذب صاحبها بوعد الله، واتبع الشهوات؛ فتردى في دركات الخسران والعذاب والهوان وخسر الدنيا والآخرة.

وأضاف: للشيطان مع ابن آدم سبعة أحوال؛ فهو يدعوه إلى الكفر والعياذ بالله؛ فإن استجاب الإنسان فقد بلغ منه الشيطان الغاية وضمه لحزبه، وإن لم يستجب للكفر؛ دعاه للبدعة؛ فإن نجا من البدعة بالاعتصام بالسنة والمتابعة للكتاب والسنة؛ دعاه للكبائر وزيّنها له، وسوّف له التوبة، فتمادى في الكبائر حتى تغلب عليه؛ فيهلك؛ فإن لم يستجب له في الكبائر، دعاه إلى صغائر الذنوب، وهوّنها عليه؛ حتى يصر عليها ويكثر؛ فتكون بالإصرار كبائر؛ فيهلك لمجانبة التوبة؛ فإن لم يستجب له في الصغائر دعاه إلى الاشتغال بالمباحات عن الاستكثار من الطاعات، وشغله بها عند التزود والاجتهاد لآخرته؛ فإن نجا من هذه دعاه إلى الاشتغال بالأعمال المفضولة عن الأعمال الفاضلة لينقص ثوابه؛ فإن الأعمال الصالحة تتفاضل في ثوابها؛ فإن لم يقدر الشيطان على هذا كله سلّط جنده وأتباعه على المؤمن بأنواع الأذى والشر، ولا نجاة من شر الشيطان إلا بمداومة الاستعاذة بالله منه ومداومة ذكر الله تعالى والمحافظة على الصلوات جماعة؛ فهي حصن وملاذ ونجاة.

وأردف "الحذيفي": الدنيا عدو الإنسان إذا استولت على قلبه فاشتغل بها وأعرض عن عمل الآخرة، ولا نجاة من شرها وضررها، ولا وقاية من سوء أحوالها إلا باكتساب مالها بالطرق المباحة المشروعة، وبالتمتع فيها بما أحل الله، من غير إسراف وبذخ وتبذير، ومن غير استعلاء وتكبر على الخلق؛ مبيناً أنه يجب على المسلم فيها أن يؤدي حق الله فيها، ويؤدي فيها حقوق الخلق الواجبة، وهي: أداء الزكاة، والنفقة على الأهل والأولاد والضيف، ومساعدة المحتاجين.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org