إدمان "المنصات والألعاب".. ناقوس خطر يهدد الصحة النفسية ويسبب الاعتلالات الجسدية

دراسات أثبتت: الوعي أهم سبل العلاج .. والعقاقير الطبية لا تفيد
إدمان "المنصات والألعاب".. ناقوس خطر يهدد الصحة النفسية ويسبب الاعتلالات الجسدية

في أحد الفواصل على منصة تواصل اجتماعي تظهر فتاة عربية وهي تضع هاتفها الذكي جانبًا وتقوم باحتساء كوب من الشاي ممسكة كتابًا تقرؤه، لتوصل رسالة مفادها الابتعاد عن الهواتف والاستمتاع بالوقت بعيدًا عنها، وعدم الاعتماد عليها كليًا وإنما لبعض الوقت.

يُعد اعتماد ابنائنا على منصات التواصل الاجتماعي المُختلفة، ناقوس خطر، حيث إن هذه المواقع لم تُخترع من أجل الاعتماد عليها بشكل كلي في حياتنا، ولا يجب أن تكون مصدرًا لمعلومات أبنائنا في الحياة بشكل عام، فهي لم تكن سوى وسائل للتواصل الاجتماعي؛ لجعل العالم أجمع قرية صغيرة يلتقي فيها الجميع من خلال الهواتف الذكية أو أجهزة الكمبيوتر.

إن الاستخدام القهري لمنصات التواصل الاجتماعي؛ ينتج عنه ضرر فادح في أداء الأفراد في مختلف مجالات الحياة لمدة طويلة، حيث توصل خبراء إلى وجود علاقات بين استخدام الإعلام الرقمي والصحة العقلية، مؤكدين في بحوث علمية أن إدمان منصات التواصل الاجتماعي، يؤثر على جميع أفراد المجتمع، وذلك حسب المنصة المُستخدمة.

وأوضحت دراسة تم إجراؤها في جامعة ولاية ميشيجن، خلال عامي 2015 و2016م، أن مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي أقل عرضة بنسبة 63 % للاضطراب النفسي الشديد مثل الاكتئاب والقلق من السنة الأولى إلى التالية، كما أن المستخدمين الذين يتواصلون مع أفراد الأسرة المُمتدة أكثر تقل اضطراباتهم النفسية ما دام هؤلاء الأفراد بصحة جيدة.

وأُجريت دراسة منهجية وتحليل شمولي عام 2018م، وجاءت نتيجتها لتنفي كل ما جاء في الدراسة السابقة، مؤكدة أن الاستخدام المُفرط للفيسبوك ينتج عنه آثار سلبية على العافية (Well-being) لدى المراهقين وصغار السن، وأن الاضطرابات النفسية مُرتبطة بالاستخدام المُفرط لمنصات التواصل الاجتماعي.

كما تم إجراء تحليل شمولي لدراسة استخدام منصة فيسبوك، عام 2019م؛ لمعرفة أعراض إدمان استخدامه، وتبين أن بينها وبين أعراض الاكتئاب ارتباطًا بحجم تأثير بسيط، وعند بعض الأشخاص يتم استخدامه لتحسين الحالة المزاجية.

ولذلك أصدرت "الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال"، توصية للوقت الذي يقضيه الأطفال على منصات التواصل الاجتماعي، والإنترنت بشكل عام، وشملت بعض التدخلات العلاجية التي أصدرتها أندريسين:"المساعدة الذاتية وتشمل استخدامًا مؤقتًا للتطبيقات- العلاج السلوكي المعرفي ودعم المنظمات والمدارس".

يُذكر أنه لم يتم إثبات فعالية العقاقير الطبية في التجارب العشوائية المُحكمة للحالات المُتعلقة باضطراب إدمان الإنترنت أو اضطراب ألعاب الفيديو، ولذلك تم زيادة وعي مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي وخصوصًا أولياء أمور الأطفال الذين يستخدمون هذه المواقع، تجاه هذه القضايا.

كما تعاونت مجتمعات التقنيات الحديثة مع الطب، وتم تطوير إصدارات الكثير من المنتجات لعمل تطبيقات تُحدد الوقت الذي يقضيه كل طفل أو فرد ما، على منصات التواصل الاجتماعي، حيث أصدرت شركة ابل تطبيق طرف ثالث يعرف بـ"وقت الشاشة"، وأدرجته في هواتفها كجزء من تحديثها في النسخة الثانية عشرة (IOS 12)، كما طورت شركة تقنية ألمانية هاتف أندرويد مُصمم خصيصًا لكفاءة وتقليل وقت الشاشة، وأصدرت نيوز كروب طرقًا عديدة لتقليل وقت الشاشة.

وبنهاية شهر يوليو عام 2019م، قدم عضو مجلس الشيوخ جوش هاولي، تقنية الحد من إدمان منصات التواصل الاجتماعي (SMART)، والتي تهدف إلى وضع إجراءات صارمة على الممارسات التي تستغل نفسية الإنسان ووظائف الدماغ وتُعيق حرية الاختيار إلى حد كبير، وتمنع هذه التقنية بعض الميزات تشمل التصفح اللا نهائي والتشغيل التلقائي.

ولذلك يجب على جميع العائلات وأولياء الأمور خاصة، الانتباه إلى أطفالهم، وعدم جعل منصات التواصل الاجتماعي تدخل في شخصياتهم وتكوينها، ولا يربط الطفل بينها وبين المصداقية والشفافية والنزاهة فيما يتم تداوله عبر تلك المنصات، وتفتيح عقول أطفالهم ببعض المعلومات المهمة عن منصات التواصل الاجتماعي.

كما يجب أن يكون لدى جميع الأهالي خلفية موسعة عن إدمان منصات التواصل الاجتماعي، لفهم كيفية التعامل مع أبنائهم عند الإصابة بهذا النوع من الإدمان، وعمل اللازم عند فرط استخدام الإنترنت وخصوصًا منصات التواصل الاجتماعي؛ حتى لا يُصاب الطفل بأي مكروه قد يُصيبه؛ إثر الاستخدام المُفرط لمنصات التواصل الاجتماعي.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org