الملك سلمان في خطابه السنوي: هذه رسالة السعودية للعالم

الملك سلمان في خطابه السنوي: هذه رسالة السعودية للعالم

{وشاورهم في الأمر}، {وأمرهم شورى بينهم}. آيتان قرآنيتان كريمتان، افتتح بهما خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله - خطابه السنوي لهذا العام تأكيدًا لسياسة السعودية الجديدة، وذلك في مرحلة في غاية الأهمية من تمرير خططها الإصلاحية الكبيرة.

أيضًا أبرز الخطاب الملكي شفافية السعودية في طرح ملامح سياستها أمام العالم بوضوح تام؛ إذ كشفت عن أولويات لسياستها وفقًا لمتطلبات المرحلة، مع ثبات في المبادئ والأسس التي قامت عليها المملكة العربية السعودية منذ بناها مؤسسها المغفور له - بإذن الله - الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود.

حقيقة التسامح الإسلامي

لقد أفصح الملك سلمان - حفظه الله – للعالم عن كيف ترى السعودية وجودها في محيطها العالمي، وكيف تنظر لمعايير التعايش العالمي في مرحلة انتقالها لمصاف الدول المتقدمة؛ فهي كما ورد في أعمق مضامين خطابه - حفظه الله - تنطلق إلى ذلك مطبقة أسمى رسالة إنسانية للإسلام العظيم والكامل، ومطبقة شرع الله، ومعززة مبدأ العدل، ومرسخة لنهج الاعتدال والوسطية، ومقبلة على الانفتاح على العالم وفق رسالة الإسلام للتعايش معه، مقدمة تنوعًا كبيرًا متناميًا في تشجيع الاستثمار الأجنبي واستقطابه بما يعود بالنفع على مواطني هذا البلد الكريم.

كما تسعى لتمرير إصلاحاتها بالتعاون مع الدول المتقدمة في المجالات كافة منطلقة من (الحكمة ضالة المؤمن، حيثما وجدها فهو أحق بها)، ولتبقى منارة للتصدي للتطرف والإرهاب بتجربتها الفريدة.

السعودية الجديدة - كما ورد في الخطاب الملكي - مستمرة في فتح المزيد من المجالات للمرأة السعودية؛ لتقوم بدورها المنتظر في تنمية بلادها، وهي التي تشارك الآن في صناعة القرار، وتشارك سياسيًّا وانتخابيًّا في مجالات كثيرة.

جزء من العالم

يقول - حفظه الله -: "إننا جزء من هذا العالم، وعضو فاعل في الأسرة الدولية، وتشارك السعودية بفاعلية في مجال التنمية الدولية، والإغاثة الإنسانية. وقد قامت السعودية بجهود ظاهرة في هذه الجوانب، وبخاصة الجانب الإنساني، بما تقدمه من دعم وإسهام في التخفيف من معاناة المحتاجين من جراء الكوارث الطبيعية، أو بسبب الحروب...".

هذه الجزئية تقدم منهجًا رئيسيًّا لما تعمل عليه المملكة العربية السعودية في تعاملها مع العالم من حولها؛ فرسائل مثل السلام والتعايش السلمي والمشاركة في التنمية الدولية وتقديم المساهمات الإنسانية كلها رسائل إسلامية رئيسية، تجلت في سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ إذ نصت حكمة الخالق على التعايش ورفض العدوان و{لا إكراه في الدين}، ورفض التطرف والتعصب بأشكاله ومظاهره كافة.

نصرة الأشقاء

كما أكدت السياسة السعودية الجديدة على لسان قائدها رؤيتها لأبرز الأحداث التي تشارك بها السعودية، سواء ضمن تحالفات مثل الأزمة اليمنية؛ إذ أكد أن "عاصفة الحزم وإعادة الأمل لم تكن خيارًا لدول التحالف لدعم الشرعية في اليمن، بل كانت واجبًا علينا جميعًا لنصرة إخواننا أبناء الشعب اليمني الشقيق". ومؤكدًا - حفظه الله - التزام السعودية بأولوية الحل السياسي وفق قرارات مجلس الأمن. وكذلك كون القضية الفلسطينية غير قابلة للنقاش في عدالتها، ورفض القرار الأمريكي الأخير بشأن القدس.

سياسة متزنة

لقد ورد في خطاب خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - قرابة 20 محورًا رئيسيًّا في سياسة السعودية الحالية، أبرزها كما ورد في كلمته -حفظه الله -: "تطبيق شرع الله، وتعزيز مبدأ العدل"، و"تطوير الحاضر بما لا يتعارض مع ثوابت العقيدة والقيم والتقاليد"، و"ترسيخ نهج الاعتدال والوسطية"، و"خدمة الحرمين الشريفين"، و"المضي قُدمًا في التنمية، وتوفير سبل الحياة الكريمة"، و"تنويع مصادر الدخل، واستغلال الطاقات والثروات والإمكانات المتاحة"، و"نقل المملكة العربية السعودية لمصاف الدول المتقدمة"، و"تطوير مرافق القضاء"، و"الاستمرار في تطويق الفساد وبتره"، و"تشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي، والمنافسة، ودعم القطاع الخاص"، و"التوسع في الخصخصة"، و"استقطاب الكفاءات، وتوطين التقنية، وتضييق الفجوة بين احتياجات سوق العمل وبرامج التعليم والتدريب"، و"تحسين أداء القطاع العقاري، ورفع مساهمته في الناتج المحلي"، و"تمكين المرأة السعودية، ومشاركتها في التنمية وصناعة القرار"، و"تعزيز التعاون العالمي للتصدي للإرهاب وتجفيف منابعه"، و"استمرار السعودية في دورها المؤثر في المحافل الدولية وخدمة القضايا الإسلامية والعربية"، و"الرسالة الإنسانية للمملكة دون تفرقة أو اعتبار لاختلاف الجنس والدين واللون"، و"رفض التدخل في شؤون الغير".

إنها سياسة متزنة، مرنة ومتفهمة، وهي تتسق مع متطلبات المرحلة وواقع العالم من حولنا، ونحن جزء لا يمكننا الانفصال عنه؛ إذ العزلة أمر مرفوض دينيًّا ومنطقيًّا في زمن يستدعي الحكمة والاعتدال ومواكبة التسارع من حولنا، وتنقية صورة الإسلام من أي تشويه أُلحق به.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org