"التمر" غذاء ودواء.. الذيابي لـ"سبق": منجم معادن.. الشعلان: "دقلة" تشتهر في أمريكا وأوروبا

المقحم: هذه حكاية "الكنز" و"الجصة" والأنواع المفضلة في الرياض قبل 50 عامًا
"التمر" غذاء ودواء.. الذيابي لـ"سبق": منجم معادن.. الشعلان: "دقلة" تشتهر في أمريكا وأوروبا

يؤكد طبيب الباطنية بمستشفى الحرس الوطني، الدكتور: عبدالله الذيابي: "أن التمر يُعد مادة غذائية متكاملة؛ إذ يحوي معظم المركبات الأساسية من كربوهيدرات وبروتينات وفيتامينات وأملاح معدنية وألياف ومركبات أخرى ذات دور فعال في تعزيز الصحة والوقاية من الأمراض".

ويضيف قائلًا لـ"سبق": "يساعد التمر على الحصول على وزن صحي والحفاظ عليه ضمن الحدود الطبيعية؛ حيث تعد التمور غنيةً بالألياف الغذائية التي تساعد على التخلص من الكوليسترول، بالإضافة إلى احتوائها على نسب منخفضة جدًّا من الدهون، الأمر الذي يساعد على فقدان الوزن، كما يعمل على التخفيف من مشاكل الجهاز الهضمي وذلك لطراوة التمور الطازجة وسهولة هضمها، بالإضافة إلى احتوائها على ألياف قابلة للذوبان وغير قابلة للذوبان التي تقلل من الإمساك المزمن والبواسير، وتناول كمية كافية من الالياف يوميًّا يساعد على تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب والجلطة الدماغية، كما أنها تحتوي على أنواع مختلفة من الأحماض الأمينية.

ويتابع: "يحافظ التمر على صحة القلب والجهاز العصبي؛ إذ تعد التمور مصدرًا جيدًا للبوتاسيوم، وفي الوقت نفسه تحتوي على نسبة منخفضة من الصوديوم، ويساعد التمر على الوقاية من فقر الدم، ويعود ذلك لمحتوى الحديد العالي فيه، ويساعد التمر في التخفيف من الحساسية؛ حيث يساعد الكبريت العضوي الموجود في التمر على الحد من الحساسية الموسمية، والحساسية بشكل عام، ويُعد مفيدًا للنساء الحوامل، ويزيد التمر من الوزن لدى الأطفال، جميع هذه الفوائد الصحية ارتبطت علميًّا بتناول التمر؛ إلا أن تأكيد الأمر يحتاج إلى مزيد من الأبحاث".

ويردف الذيابي قائلًا: "التمر مصدر للطاقة؛ لاحتوائه على نسبة من السكريات خصوصًا الفركتوز (سكر الفاكهة)، وهو سكر سهل الهضم منتج للطاقة، كما يحتوي على بروتينات والعديد من الفيتامينات، منها: فيتامين (ج) وفيتامين (أ) ومجموعة فيتامينات (ب) وخاصة الثيامين والريبوفلافين والنياسين"، ويضيف: "التمور منجم للمعادن ومن أبرزها البوتاسيوم والفوسفور والحديد والكالسيوم والمغنيسيوم والصوديوم، وبعض هذه العناصر توجد في التمر بنسب عالية لا تساويها أي فاكهة طازجة أخرى في العموم، ويدخل عنصر الفوسفور في تركيب العظام والأسنان؛ ويساعد عنصر البوتاسيوم على صفاء الذهن والقدرة على التفكير والتركيز والهدوء، وتحتوي التمور أيضًا على مضادات أكسدة متعددة تساهم في مكافحة الأمراض وتقوية المناعة".

ويستدرك الذيابي قائلًا: "لا ننصح مرضى الكلى بتناول التمر بكل أصنافه وأنواعه؛ فهو يحتوي على بعض المعادن بتركيزات عالية مثل البوتاسيوم، لا تتناسب مع الوضع الصحي لمريض الكلى، وخاصة في حالة الإصابة بالفشل الكلوي، ومن الضروري أن يوصى بعدم الإفراط في تناوله خصوصًا لمرضي السكري.

أما المزارع محمد الشعلان، فيقول: قديمًا كانت أنواع الصفري والخضري والمسكاني والخصاب من أفضل الأنواع؛ بل مَن يكون لديه السلج ونبوت سيف، كمن يملك أندر أنواع التمور، والآن اختفت أغلب تلك الأنواع؛ بينما حافظ الصقعي مثلًا على مكانته نظرًا لتميزه في الطعم وسهولة الحفظ.

ويضيف: "ظهرت أنواع السلطان والهلالي ونبتة علي والبرحي والسكري والخلاص والشيشي والرزيز والمجدول والروثان والقطارة، وغيرها من الأنواع، فغطت على أغلب الأنواع الأخرى المشهورة في قديم الزمان".

ويتابع: "عالميًّا تشتهر (دقله نور) (المجدولة)، وتنتشر في أمريكا وأوروبا بنفس الاسم".

ويستطرد قائلًا: في المملكة تزرع أنواع كثيرة وتشتهر بعض الأنواع في بعض المناطق أكثر من غيرها؛ فمثلًا اشتهر السكري والصقعي و"نبتة علي" في القصيم، واشتهرت المدينة بالعجوة والعنبرة والبرني والروثان، وفي الأحساء يشتهر الخلاص والرزيز والشيشي، ويشتهر في الخرج والمناطق المجاورة الخشرم والصقعي والخلاص والخضري والصفري ونبوت سيف، وفي بيشة الصفري، وفي حائل الصفراء لها شهرتها المعروفة، وفي إقليم الوشم اشتهر الخلاص والخضري والصقعي".

ويتابع: "يختلف التركيب الكيميائي لنفس النوع من منطقة لأخرى؛ فمثلًا خلاص الخرج مختلف عن خلاص الأحساء، وكذا خلاص أشيقر وشقراء يختلف عنهما، كما أن هناك أنواعًا أخرى عُرفت واشتهرت مؤخرًا على مستوى المملكة بحكم ترابط مدن وقرى المملكة وزيادة اهتمام الناس بالتمور وتحسينها والعناية بها".

ويقول المواطن عبدالله المقحم أحد المهتمين بزراعة النخيل: كان آباؤنا وأجدادنا عندما يصرمون النخيل ويجنون التمر، يأخذون من محصول التمور جزءًا كبيرًا يعدونه لعملية التخزين "الكنيز" حتى يكون التمر متوافرًا طوال العام؛ لأنه مصدر غذائي مهم لجميع قاطني الجزيرة العربية في ذلك الوقت؛ إذ كان الأجداد يقومون بتلك العملية بأنفسهم في البيوت والمزارع قبل توافر مصانع تعبئة التمور، وأجهزة التبريد في الوقت الحاضر؛ إذ كانوا ينتقون التمور المكتملة نضجًا، التي تكون نسبة الرطوبة فيها قليلة، أي تميل قشرتها إلى الجفاف، لكي يتناسب مع "لكنز" والتخزين، وكانت السلج والخضري أنواعًا مفضلة لدى أهالي مدينة الرياض قبل 50 عامًا، مقارنة بمكانته في الوقت الحالي، الذي قل إقبال الناس على تناوله، سواء أكان رطبًا أم تمرًا".

وأضاف: "تبدأ عملية الكنز بفرز التمر وتنقيته من الشوائب، ثم غسله بالماء بشكل سريع وخفيف، حتى لا يتضرر التمر، ثم ينشر في الهواء فترة زمنية قليلة، لا تتجاوز بضع دقائق، وبعدها يعبأ في أوان كبيرة مهيأة للتمر على شكل قدور أو "تنك"؛ إذ يرص التمر بداخلها بحيث يضاف تمر ثم يرص باليد في وسط الوعاء، ثم يضاف تمر ويرص باليد.. وهكذا تكرر العملية حتى يمتلئ الوعاء، ثم يغطى ويوضع فوقه أحمال ثقيلة من الحجارة ونحوها؛ ليتم "كنزه" بشكل جيد، حتى يصبح بعد فترة من الزمن طريًّا مستساغًا للأكل، وعلامة جاهزيته ظهور الدبس من التمر، وربما يوضع في التمر أثناء الكنز حبوب الشمر، التي تضفي نكهة محببة إلى بعضهم؛ وذلك بحسب رغبة وذوق صاحب التمر".

وتابع "المقحم" قائلًا: "عملية تعبئة التمور وتخزينها تمرّ بمراحل عدة؛ إذ كانت بدايتها بغرفة صغيرة مبنية من الطين تسمى "جصة"، ولها باب صغير من الخشب، يوضع فيها التمر ويرش بالقليل من الماء ويرص، وغالبًا ما تكون وسيلة الرص أو الضغط أقدام الصغار من الأولاد أو البنات، وكذلك أيدي الكبار بعد تغطيته بقطع مصنوعة من الحصير، ثم توضع عليه الأحجار الثقيلة لتثبيت عملية الضغط، ويحكم إغلاق هذه الغرفة المخزون بها التمر، كي يمنع الهواء من الدخول إليها".

وأردف: غرفة "الجصة"، تتسع في الغالي من 150 كيلوغرامًا إلى 800 كيلوغرام من التمر؛ وذلك بحسب اتساع الغرفة وحجمها، ولها فتحة صغيرة يخرج منها الدبس تسمى "مدبسة"؛ إذ يُجمع الدبس الخارج من "الجصة" في وعاء، ويسكب على التمر مرة أخرى، حتى يمنحه طراوة ولمعانًا وطعمًا شهيًّا".

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org