رسائل "الشثري" للخطباء: عليكم بأحوال الناس.. هكذا تتعاملون مع المُوَسْوِس

شدد بالملتقى العلمي الثالث للدعاة بالمنامة على المصادر الموثوقة وأعلاها القرآن
رسائل "الشثري" للخطباء: عليكم بأحوال الناس.. هكذا تتعاملون مع المُوَسْوِس

أكد المستشار في الديوان الملكي عضو هيئة كبار العلماء الدكتور سعد بن ناصر الشثري، أهمية وضرورة أن يحرص الخطباء والدعاة والمدرسون على تعلم الأمور الاجتماعية والاهتمام بها، ومعرفة أحوال الناس وأمورهم النفسية؛ بهدف الإصلاح، وغاية التقويم والترشيد؛ وذلك لأهمية الأمور الاجتماعية وضرورتها لنجاح مهمة الداعية والخطيب؛ لافتًا إلى أن أهل العلم والدعوة ورثوا الأنبياء في هذه الأمور أي المعوقات التي تواجههم في أثناء الدعوة، كما أنهم ورثوا العلم.

جاء ذلك، خلال مشاركته في اليوم الأول للملتقى العلمي الثالث للخطباء والدعاة، الذي تُنَظمه وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف البحرينية ممثلةً في إدارة الأوقاف السنية بمملكة البحرين، تحت عنوان: "الدور الاجتماعي للخطيب والداعية"؛ حيث تستمر فعالياته حتى الثالث والعشرين من شهر شعبان، في مركز عيسى الثقافي بالعاصمة البحرينية المنامة.

وتناول "الشثري" موضوع الوساوس؛ سواء في الاعتقادات أو العبادات أو العلاقات الاجتماعية أو غيرها؛ لافتًا إلى أن لها آثارًا سلبية، وأن إبليس لا يقف فيها عند حد، ومن ثَم يلزم الداعية عدمُ إجابة السائل المُوَسْوِس إلى ما يريد، وعدم التمادي معه في وساوسه، وضرورة طمْأنته نفسيًّا، وحثه على الانصراف عن الوساوس وعدم الالتفات إليها، وألا يعمل أي عمل مترتب عليها.

وتابع: "ينبغي للداعية والخطيب أن يوجه طاقة الموسوس إلى الأشياء النافعة المفيدة والعناية بما يُصلح شأنه وحياته، والإكثار من الذكر، مع البعد عن الوسوسة والحرص على ذلك، مع الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، والانتهاء عن الاسترسال في الوساوس الشيطانية التي مصدرها الشيطان عدو الإنسان اللدود".

وفي ذات السياق، تَطَرّق "الشثري" إلى مشكلة نفسية أخرى هي حب الانتقام؛ موضحًا أنها مُضِرة جدًّا بالإنسان وتزيد المشكلات أضعافًا مضاعفة، وأن حلها الرئيسي هو غرس حب العفو والصفح في النفوس، وتأمل أثر قوله عليه الصلاة والسلام: "وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًّا"، وأن يعلم الإنسان أن الانتقام ليس من شأن الكرام، ولا من خلق أهل الفضل، وأن العاقبة الحميدة إنما تكون لأهل العفو.

ونوّه بأدوية المشكلات النفسية وعلاجاتها وشفاء ما في النفوس، وقال: "تأمل السنن الكونية، نحو قوله تعالى: {ومن يتقِ الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب}، وقوله: {ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله}، وقوله: {وأن الله لا يهدي كيد الخائنين} وأثرها الكبير في نفوسنا، وفي إزالة المشكلات، وكذا الإيمان بالقضاء والقدر والتذكير بقدرة الله تعالى، وأن التصرف والأمر لله؛ فيطمئن المرء ويرتاح؛ مذكّرًا بأن الغفلة عن الإيمان باليوم الآخر تُورِث النفوس أمراضًا كثيرة.

وواصل يقول: "إن الاعتماد في التلقي على المصادر الموثوقة شفاء للنفوس، وأولها وأعلاها كتابُ رب العزة والجلال، وفيه من معالجة النفوس وزرع الطمأنينة الشيء الكثير، من مثل قوله تعالى: {إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد}؛ فهذه الآية مثلًا دواء وعلاج ناجع للمُحبَط والمتشائم وذي النظرة اليائسة. كما أن من المصادر الموثوقة السنة المطهرة، مثل: طمأنينة النبي صلى الله عليه وسلم في غار ثور حين قال لأبي بكر رضي الله عنه: (ما ظنك باثنين الله ثالثهما لا تحزن إن الله معنا).

وخلال محاضرته عن "دور الخطباء والدعاة في تعزيز الترابط الأسري"، لفت معاليه إلى ضرورة عدم اقتصار توجيهات الخطباء والدعاة على المصلين الذين يؤمون المساجد؛ بل لا بد من توجيه مَن وراءهم من أسرة وذرية وأهل.

وقال: "إن ترابط الأسر وتواصلها مما يبارك الله به في الأوقات، والوقت مِنحة من الله سبحانه وتعالى، ومن ثم لا ينبغي ولا يليق أن يتعلل الناس بأنهم مشغولون؛ جاعلين شغلهم عذرًا عن الترابط والتواصل فيما بينهم؛ فهناك بركة في الأوقات، كما أن هناك بركةً في الأرزاق والأموال، وشاهد ذلك قول الله تعالى: {إن سعيكم لشتى فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى}، و"أعطى" تشمل الإعطاء من المال والوقت والنصيحة والعلم والدعوة ومن كل خير".

يشار إلى أن "الشثري" حرَص على إثراء اللقاء من خلال الاستماع لمداخلات الدعاة والخطباء، وأن يسردوا تجاربهم وخبراتهم فيما تناوله معاليه من قضايا وأمور؛ مما أثمر خروج الجميع بأكبر قدر ممكن من الفوائد والنفع.

يُذكر أن الملتقى الذي يرعاه ويحضره الدكتور راشد بن محمد الهاجري رئيس مجلس الأوقاف السنية، يشهد حضورًا كبيرًا للخطباء والدعاة وطلبة العلم في مملكة البحرين، وأن مشاركة "الشثري" تأتي ضمن البرامج التي تشرف على تنفيذها وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، بتوجيهات الوزير الشيخ الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ، امتدادًا للتعاون بين الجهات المعنية في البلدين لخدمة الدعوة إلى الله تعالى، وتعزيز دور الخطباء والدعاة، وتأهيلهم لتوعية الناس وإرشادهم على خير وجه.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org