فروسية وسباحة وغناء ورحلات .. بهذه الأنشطة رفه السعوديون عن أنفسهم أيام المؤسس.. فيديو نادر

اهتمت المملكة بالترفيه ووسائله منذ بواكير تأسيسها في عهد الملك عبد العزيز آل سعود، رحمه الله، باعتباره حاجة فطرية إلى الإنسان لا يمكن الاستغناء عنها، وتحتفظ المدونات التاريخية بالكثير من الوقائع عن مشاركة المؤسس في أنشطة ترفيهية مثل أداء العرضة "النجدية"، وحضور بعض سباقات الفروسية، التي كانت تُقام أسبوعيًا في الرياض تحت رعايته، وحضور مباراة بطولة كرة القدم بين فريقي الاتحاد والصوماليين أثناء زيارته للمنطقة الشرقية عام 1366هـ، وتقديم كأس للفريق الفائز.

توجهات منفتحة

ودفع شيوع أنشطة الترفيه، وتعدد وسائله وطرقه وأشكاله بين منطقة وأخرى من مناطق المملكة، بالباحث الدكتور عبدالله بن ناصر السدحان إلى تأليف كتاب عنها حمل عنوان "الترويح في المجتمع السعودي في عهد الملك عبدالعزيز"، تولت نشره "دارة الملك عبد العزيز"، في محاولة منه لتوثيق تلك الأنشطة واستقصاء الطارئ منها على المجتمع السعودي كلعبة كرة القدم، وتعريف الأجيال القادمة بواحدة من صور الحياة في حقبة المؤسس، لربط حاضرهم بماضيهم، وترسيخ وعيهم بما كان يقره الآباء والأجداد من توجهات منفتحة على الحياة عبر ممارسة أنشطة الترفيه.

ويلفت السدحان في كتابه النظر إلى عدة عوامل جوهرية تتحكم في حاجة أفراد المجتمع إلى الترفيه، موضحًا أن "الأنشطة الترويحية التي يمارسها أفراد المجتمع تُعدُ ظاهرة اجتماعية تتأثر بقيم المجتمع العقدية والثقافية، والأفكار، والعادات، والتقاليد، وغالبًا ما تكون الأنشطة الترويحية السائدة في المجتمع نابعة منها أو متأثرة بها"، كما أرجع اختلاف أنشطة الترفيه في مناطق المملكة إلى "أن طبيعة المناطق في المملكة وتباينها الجغرافي، قد أثّر على نوعية الممارسات الترويحية بشكل واضح، وليس هذا فحسب، بل إن المستوى التعليمي وطبيعة الحياة الدينية التي تمتاز بها كل منطقة وأهلها، كان لها الأثر الواضح في ذلك التمايز".

سمر وشطرنج

وحول الأنشطة الترفيهية التي كانت شائعة في كل منطقة، ذكر السدحان أن منطقة مكة المكرمة والمدينة المنورة شهدت توسعًا أكثر في الممارسات الترويحية، نتيجة انفتاحها على الخارج من خلال الاحتكاك بالشعوب الأخرى في مواسم الحج والعمرة والزيارة، وقد وجد أثر هذا الانفتاح في حياة الأفراد، فكان من عادة أهل المنطقة السمر في البيوت والجلوس في المقاهي للتسلية ولعب الدومنة والطاولة والشطرنج، والاستماع إلى قارئ يسرد حكايات من كتاب" ألف ليلة وليلة" أو سيرة عنترة مقابل بعض المال، ومشاهدة لعبة المزمار، وممارسة الرياضة البدنية، مبينًا أن "أول لعبة رياضية عرفت في المنطقة هي لعبة التنس، أما كرة القدم فأول من نقلها إلى المنطقة بعض الملاويين والإندونيسيين عام 1344هـ، وكان هناك احتفاء كبير بها وهناك فرق رياضية متعددة وتسمّى تجاوزًا نوادي رياضية في كل من مكة وجدة، والطائف، ومن خلال رصد أخبارها في صحافة ذلك الزمن تجاوز عددها الثلاثين فريقًا، وهي أقرب لفرق الحواري الآن".

وذكر السدحان أن سكان الرياض كانوا يمارسون أنشطة ترفيهية يومية عقب انتهاء العمل، منها الاجتماع الذي كان يسمّى"العتمة" للسمر وتبادل الأحاديث عند شخص معروف أو بالتناوب بينهم كل ليلة عند شخص، وأشار إلى الشيوع اللافت الذي حظيت به ألعاب الفروسية في منطقة الرياض كسباقات الخيل والهجن، والتي كانت تنظم لها مسابقات يحضرها المؤسس والأمراء وحشود كبيرة من أهل الرياض وجميع من يفد من ضيوف ونزلاء المدينة، وبالإضافة إلى ذلك مارس سكان الرياض الفنون الشعبية مثل الغناء على الربابة والسامري والعرضة.

رحلات جماعية

وتصدرت العرضة "النجدية" التي كانت تعرف بهذا الاسم حينئذ وسائل الترويح، التي كانت شائعة في منطقة الرياض بين الرجال والشباب، بحسب ما ذكر السدحان، الذي أشار إلى أن "العرضة كانت تُقام في أوقات الحرب كمظهر من مظاهر الحماس الحربي، وشحذ لعزائم المحاربين، وتعبيرًا عن القوة المعنوية, وتقام في أوقات السلم ومناسبات الفرحة تعبيرًا عن البهجة والسرور، وغبطة الانتصار"، كما شاعت بين أهل المنطقة أيضًا الرحلات الجماعية لصيد بعض الحيوانات والطيور البرية.

أما أهل المنطقة الشرقية فتركزت أنشطتهم الترفيهية في السباحة، نظرًا كما قال السدحان "لوقوع معظم مدن المنطقة على ساحل الخليج العربي، وتوفر عيون المياه المتدفقة التي تكونت عند منابعها بحيرات واسعة خاصة في واحتي الأحساء والقطيف، ما مكن معظم السكان من إجادة السباحة والإقبال عليها"، وإضافة إلى السباحة كانوا يمارسون هوايات صيد الأسماك والغناء الشعبي ولعب كرة القدم التي تعرفوا عليها من خلال العمال السودانيين والصوماليين في شركة أرامكو، وقضاء بعض الأوقات في البساتين.