
في الماضي كانت تقتصر خدمة نقل الركاب داخل المدن على سيارات الليموزين التي تملكها شركات ينحصر اهتمامها في استلام اليومية من السائقين, مما أدى إلى تدهور الخدمة حيث انعدمت ثقافة التكلفة العادلة (تشغيل العداد) وأصبح السائد نظام المفاصله واستغلال العرض والطلب في لحظة طلب الخدمة.
إلا أننا شهدنا خلال السنوات الأخيرة نشاط تطبيقات الأجهزة الذكية لتوجيه سيارات الأجرة الذي اضاف العديد من العناصر التي كانت مفقودة في النموذج القديم مثل: التكلفة العادلة حسب الوقت والمسافة, معايير مركبات عالية الجودة, توفر عملاء و مركبات بلا حدود زمانية ومكانية, أنظمة ولاء ومكافئات للعملاء ومقدمي الخدمة (صاحب المركبة).
مؤخرا, اتجه العديد من الشباب السعودي إلى (طلب الرزق) كمصدر أساسي للدخل عن طريق الشركات المرخّصة في هذا النشاط والتي وفرت تطبيقات أصبحت في متناول جميع شرائح المجتمع, مما ساهم في توفير فرص عمل طموحة أدت إلى تأمين الحياة الكريمة للعديد من الأسر. بالإضافة الى فئة اخرى وهم الموظفين ذوي الرواتب دون المتوسطة الذين أتيحت لهم فرصة تأمين دخل إضافي ممتاز لكفهم عن الاحتياج إلى الغير وذلك طموحا منهم في المساهمة في العجلة الاقتصادية المتسارعة والمتغيرة؛ متفائلين بقرار مجلس الوزراء الخاص بقصر ممارسة نشاط نقل الركاب من خلال خدمة توجيه المركبات بالتطبيقات الذكية على السعوديين. وكما أكد سعادة رئيس هيئة النقل العام فإن دعم تنظيم عمل هذا النشاط ساهم في خلق فرص عمل للمواطنين وصلت إلى 167,000 فرصة عمل.
فتح السوق لهذا النشاط لعدة شركات؛ أدى إلى منافسة كانت صحية في البداية حيث وفرت العديد من فرص العمل من جهة وخدمة عملاء بمعايير أعلى من جهة أخرى. بدليل أن آلاف الشباب السعودي يلتحق بالعمل كصاحب مركبة يوميا بالإضافة إلى أن الآلاف من العوائل يتلقوا خدمة ٥ نجوم يوميا لم نشهدها من قبل في الفنادق.
لكن المنافسة بين الشركات على الاستحواذ على الشريحة الأكبر من العملاء باستخدام عنصر الأسعار؛ أدت إلى منحنى اخل بمصلحة أحد الأطراف الرئيسية في المنظومة وهو صاحب المركبة الذي يتحمل التكلفة المباشرة في التشغيل .وحيث أن أصحاب المركبات يعملوا بدون عقود مما لا يوفر لهم أي حماية واضحة من مضاعفات هذه المنافسة؛ بالإضافة إلى أنهم يرغبوا في تقديم الخدمة عن طيب خاطر وليسوا مجبورين أو بداخلهم غبن كامن؛ انطلقت خلال الثلاثة أيام الماضية 3 هاشتاقات بشكل يومي في تويتر تعكس معاناة هذه الفئة في محاولة أولية لإيصال صوتها إلى العامة لينظروا للقضية من منظور صاحب المركبة وليس فقط من منظور العميل ولنقل الصورة الكاملة إلى متخذي القرار.
جميع المنتجات في العالم يتم حساب سعرها بإضافة هامش ربحي على تكلفة إنتاجها. وبتحليل تكلفة تقديم خدمة النقل عن طريق التطبيقات الأجهزة الذكية نجد أنها تشمل (الاتصال بالانترنت, الاتصال بالعميل عن طريق الجوال, البنزين, نظافة المركبة اليومية, تكلفة الساعة لصاحب المركبة, تكلفة صيانة المركبة "زيت, فرامل, الخ"). في المقابل نجد أن السعر الذي يتلقاه صاحب المركبة يكون بين 60-85 هللة للكيلومتر بغض النظر عن التكاليف الآنف ذكرها. وفقا لذلك أصبحت تكلفة الخدمة اعلى من سعرها وبالتالي هامش الربح المرجو أصبح خسارة مؤكدة. ونظرا لأن معظم الشباب مرتبط بأقساط المركبة فإنهم يحاولوا من تخفيف حجم الخسائر بمواصلة العمل على أمل أن تفرج. ويجدر بالذكر أن سعر الخدمة لسيارات الأجرة العامة (الليموزين) حسب العداد والمحدد من هيئة النقل هو 1.70 للكيلو بدون تحديد نوع المركبة.
بالإضافة إلى هذه الحسبة الغير منصفه, لوحظ مؤخرا تخفيض السعر الابتدائي (الحد الأدنى) للرحلة من 7 الى 5 ريال. وفي المقابل, لا تجد ليموزين يقبل برحلة اقل من 15 ريال في الفترة الحالية.
قيادة المركبات في الشمس الحارة (تؤدي لارتفاع الضغط) بالإضافة إلى تعرض السيارة (رأس ماله) للأذى في الشوارع المليئة بالمطبات والحفر بالإضافة إلى الإحتكاك بسائقي المركبات الآخرين في شوارع بلدنا الحبيب (من جد ابتلاء), كلها عوامل ادت الى زياده الضغط النفسي على الكباتن.
بالإضافة إلى عدم توفر قناة اتصال فعالة للتواصل مع الدعم حيث توفر الشركات خدمة تفاعل "آلية" فقط عن طريق قناة تليجرام لا تستوعب أيا من قضايا أصحاب المركبات بل تزيد من الفجوة بين الجانبين.
منح الأولوية في الطلبات والحجوزات إلى شركات الأجرة الخاصة!
تغيير نسبة العمولة الخاصة بالشركة وزيادتها عن المتفق عليه في أغلب الأحيان رغم تخفيض قيمة الحد الأدنى للرحلات وسعر الكيلو!
بعض الشركات تقوم بالتسعير في كل مدينة بمعايير مختلفة عن المدن الأخرى وذلك حسب احتياجها مع العلم بثبات التكلفة على أصحاب المركبات!
تحميل صاحب المركبة قيمة الرحلات التي لا يتم دفعها من قبل العملاء!
رغم أن هيئة النقل قد وضعت عدداً من الاشتراطات اللازمة لترخيص الشركات، تَضَمّنت وجود نظام إلكتروني لدى الشركة المتقدمة لإدارة وتوجيه وتتبع المركبات؛ حيث يضمن هذا النظام. تقديم خدمة أفضل لطالبي سيارات الأجرة بتحديد فئة السيارة؛ إلا أنه لا توجد معايير واضحة في تصنيف المركبات من قبل هذه الشركات فنجد مثلا كورولا, كامري, اينوفا, لاندكروزر جميعها تحت تصنيف وتسعيرة واحدة!
وضع عقوبات غير مسموح بها مثل حذف الحساب اذا ثبت ان صاحب المركبة قام بالعمل مع شركة أخرى!
حمايتهم وحفظ حقوقهم من قبل هيئة النقل وذلك بحل جميع الإشكالات بشكل قاطع لا يترك مجالا للشك.
التزام الشركات بمعايير ثابتة لاحتساب تكلفة الرحلة .
عدم منح الأولوية بالطلبات والحجوزات لأي فئة كانت وفتح المجال للجميع.
توفير خط مجاني للتواصل مع العميل أو الدعم صاحب المركبة على مدار الساعة وليس فقط في حال خدمته لعميل.
في حالة عدم توافر؛ أي صاحب مركبة إلا أبعد من 5 كيلومترات, يجب فرض رسوم إضافية عن المسافة الزائدة حسب سعر الكيلو.
توفير عروض واضحة مجزية لأصحاب المركبات لما يتعلق بصيانة السيارات وتنظيفها, أو مبلغ مستقطع لمن يكمل عدد ساعات معينة.
التمكين من الاعتراض على تقييم العميل إذا كان غير منصف أو مخالف كمثال العميل المدخن والذي لا يستجيب لصاحب المركبة.
توفير بطاقة تعريفية لصاحب المركبة (بطاقة عمل) معترف بها لدى الجهات الأمنية أو توفير اثبات فوري معتمد بالرحلات الموكلة إليه من قبل التطبيق.
توحيد نظام فئات المركبات بعدد مقاعد المركبة. كمثال في دبي, تقتصر سيارات الأجرة العامة على كامري (5 مقاعد) و اينوفا (7 مقاعد) ولكل فئة تكلفة مختلفة.
كما اقترح بعض أصحاب المركبات إنشاء نقابة مهنية (أو جمعية) لاحتواء مطالبات وتساؤلات الكباتن , وضمان شفافية الشركات المشغلة. ويتم إنشاء فروع لها في المدن الرئيسية تمثل كل من ينتمي لهذه الفئة وتعمل على:
التكامل مع الشركات المشغلة وهيئة النقل في ما يتعلق بتسهيل دخول السعوديين لهذا المجال وتدرجهم فيه باحترافية.
إيصال مطالبهم نوعيا وكميا بشكل دوري عن طريق اجتماع رسمي مع مسئولي هيئة النقل ومسئولي الشركات
تأكيد الشفافية بين جميع الأطراف ذوي الصلة في تطبيق تشريعات هيئة النقل.
هذه الشركات الرائدة دخلت السوق وقلوبنا بذكاء وحكمة، لكن ان يصل الامر الى ان عنصرا جوهريا من هذه المنظومة يعاني فلابد لنا من وقفة للخروج جميعا من هذه الأزمة برضا وقناعة
ونختم بأن أي مشروع ريادي يرتكز على فكرة لتلبية حاجة، تمويل، تقنية، تسويق، تنفيذ عمليات تحافظ على القيمة "شريك نجاح"