حضر أحد الشعراء السعوديين الكبار - وكان قد بلغ من الكِبَر عتيًّا - حفل تكريمه المهيب وأسطوانة الأكسجين خلف ظهره، بينما أنبوبها متصل بأنفه.. أثنى عدد كبير من الحضور المهيب على إرثه الشعري، ومواقفه، ذائقته الأدبية، وقدَّموا له العطاءات والدروع التي تنوء بها العصبة أولو القوة، وما هي إلا ثلاثة أشهر حتى انتقل إلى رحمة الله!
أحد الفنانين الطاعنين في السن كرمته جمعية الثقافة والفنون بالأحساء، وصرح إلى إحدى القنوات السعودية في لقاء إعلامي بهذه المناسبة قائلاً بصوت مثقل: "الحين يوم جيت أموت جوني يطلعوني شوي.. توهم يحسون فيني"؟!
إن حفلات تكريم الرواد والمبدعين في أرذل العمر أشبه ما تكون بحفلات تأبين ووداع!.. فهل من التكريم أن يصعد المحتفَى به المسرح بمساعدة أحد أقاربه، ويستلم جائزته، بينما ينتظره القدر عند أدنى درجة في سلم المسرح؟!
تكريم الفاعلين في سن العطاء بعد كل إنجاز يحققونه يدفعهم لتحقيق المزيد. أما ما يسمونه تكريمًا في سن متأخرة جدًّا فهو تأبين حتى ولو سُمي بغير اسمه!
ما أصدق أبو القاسم الشابي حين قال:
الناس لا ينصفون الحي بينهم
حتى إذا ما توارى عنهم ندموا!