لن تجد دولة تدير حشودًا مليونية بكفاءة وجودة ودقة وضَبْط وسلاسة، مع تنقُّل تلك الحشود في أكثر من مكان محدود، وفي أيام معدودات، كالسعودية في إدارتها واحتضانها وإكرامها لجموع الحجاج سنويًّا.
ويكمن النجاح والتميز العالمي في إدارة تلك الحشود في أنها تتصف بعدم التجانس والتباين في اللغة والأعمار، وتتفاوت بين التدريب وعدمه على تطبيق مناسك الحج؛ إذ تحتضن السعودية -رعاها الله- تلك الأيام الفاضلة حجاج بيت الله الحرام وزوار مسجد رسوله الأمين -عليه الصلاة والسلام- احتضانًا نفسيًّا، وصحيًّا، وتعليميًّا، ودعويًّا إرشاديًّا، وتنظيميًّا، يزينه البشاشة والابتسامة والرحابة والكرم من كل من يعمل في خدمة ضيوف الرحمن، بدءًا من القيادة العليا من لدن خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين، وانتهاء بكل العاملين في الحج من مدنيين وعسكريين.
نشاهد مشاعر الحجاج مبتهجة مسرورة آمنة بارتياح وطمأنينة في كل خطواتهم؛ لما يقابلهم من تيسير وتسهيل مقرونًا بدعواتهم وشكرهم لقيادة السعودية وشعبها.
لن نحصر الصور المعبرة التي تغني عن آلاف التحقيقات الصحفية، ولن نتحدث عما يسبق الحج من أعمال أمنية وصحية وقائية واجتماعية وغيرها، تعالج وتسبق ضررًا قد يحصل لاحقًا حيث الرؤية المستقبلية في إدارة الحشود، والاحتياطات الأمنية في تنظيم المرور، وخطة تفويج الحجاج، وفي الخطة الصحية والدعوية الإرشادية والتطوعية لضيوف الرحمن.
وعن كرم الضيافة فلن يحصر من كاميرات المصورين، ولا أخبار المحررين، ولا عيون الناظرين.. كرم يتتابع ويتكامل بعطاء وسخاء لا يحدَّان.
وما يميز جهود حكومتنا -أيدها الله- أن قوة الحج وفرق العمل فيه مستقلة عن خطة النماء والبناء التي تسير عليها بلادنا إلى رؤية السعودية 2030، ومستقلة أيضًا عن تأمين البلاد في الداخل وعلى حدودها حيث رجال الأمن الأشاوس على حدودنا -حفظهم الله وأيدهم بتأييده ونصره-، ورجال الأمن في الداخل –زادهم الله توفيقًا وسدادًا-؛ فلا تتعطل جهة بسبب أعمال الحج. وهذا من توفيق الله، ثم بحنكة قيادتنا الرشيدة.
وخدمة الحرمين الشريفين شرف ورفعة وكرامة، تقلَّدها ملوك بلادنا منذ جلالة الملك عبدالعزيز –طيب الله ثراه- إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز –حفظه الله وأيده بنصره وتوفيقه-، وامتد ذلك الشرف والرفعة والكرامة إلى سمو ولي العهد الأمين، وإلى كل مواطن يخدم ضيوف الرحمن. فهنيئًا لنا بقيادتنا، وهنيئًا لنا ببلادنا.
حفظ الله ضيوف الرحمن، وتقبل الله منهم نسكهم، وأعادهم إلى بلادهم سالمين غانمين مغفورًا لهم.