العقوبات الأحادية على سوريا ودورها في إعاقة إغاثة منكوبي الزلزال...  وموقف السعودية بارقة أمل

في وقت تواصل فيه المملكة تسيير جسر جوي للمساعدات الطبية والغذائية واللوجستية اللازمة
وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله
وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله

أسفر الزلزال المميت الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سوريا في 6 فبراير عن خسائر فادحة لم يتبين كامل حجمها بعد، ففي سوريا وحدها، تضرر أكثر من 9 ملايين شخص بحسب تقديرات الأمم المتحدة، في حين تعدى عدد الوفيات 6 آلاف شخص والرقم في تزايد مستمر.


منذ اندلاع الحرب الأهلية السورية عام 2011، فرضت أمريكا والاتحاد الأوروبي عقوبات مختلفة على سوريا، وآخرها قانون قيصر الذي دخل حيز التنفيذ عام ٢٠٢٠، وشملت حظر بيع النفط، والغاز، وفرض القيود على الاستثمارات، والبناء، واستيراد المعدات والتقنيات، وتجميد أصول البنك المركزي، وتقييد ومراقبة الاتصالات كل هذه العقوبات حالت دون تنمية الدولة، وإعاقة إغاثة المنكوبين

ازدواجية المعايير

 إن أزمة الزلازل الأخيرة في سوريا كشفت عن ازدواجية المعايير التي تحكم مفهوم "الإنسانية"، حيث تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية ودول الغرب، أن إنسانية المواطن الأمريكي  والأوروبي  هي الأسمى، على سبيل المثال:  إنسانية الأوكرانيين الذين يساندهم الغرب، الذين انتفضوا واجتمعوا في مجلس الأمن خصيصا  في الـ ٢٧ من فبراير٢٠٢٢، بعد ثلاثة أيام من اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، يبدو أن إنسانيتهم أهم من إنسانية السوريين الذين تعرضوا لزلزال مدمر بكل المقاييس ولم ينتفض له الغرب ومجلس الأمن إلا بعد أن وجهت لهم انتقادات لاذعة، فهذا مارتن جريفيث، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، اعترف في تغريدة له عبر حسابه على "تويتر" قائلاً: "الوكالة الأممية خذلت حتى الآن الناس في شمال غرب سوريا، إن السوريين يشعرون عن حق بأنهم متروكون". فهذا يدعو إلى ضرورة طرح النقاش حول ماهية مفهوم الإنسانية على المجتمع الدولي لإعادة تقييمه بشكل عادل في ظل تغير موازين القوى العالمية التي تتشكل في الوقت الراهن ليصبح العالم القادم أكثر عدلاً.

العقوبات الأحادية

يأتي هذا في وقت أكدت فيه مقرر الأمم المتحدة للحق في الغذاء “هلال إلفر” على أن رفع العقوبات الاقتصادية أحادية الجانب، أمر ملح من الناحيتين الإنسانية والعملية، ودعت إلى رفعها على كل من سوريا وكوبا وفنزويلا وإيران وزيمبابوي وكوريا الشمالية، لضمان وصول الإمدادات الغذائية لسكانها خلال الكوارث، نفس الموقف عبرت عنه مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان “ميشيل بأشليه” عندما دعت في أواخر مارس ٢٠٢٠ إلى تخفيف أو تعليق تلك العقوبات المنهِكة. وشددت على تفادي انهيار النظام الطبي لأي دولة في ضوء ما سيكون لذلك من تبعات كبيرة، تؤدي إلى الموت والمعاناة وانتقال العدوى على أوسع نطاق.

رفع العقوبات مؤقتًا

بعد تفاقم الأزمة السورية، سارعت كل من أمريكا والاتحاد الأوروبي، بالإعلان عن رفع العقوبات "غير الشرعية" عن سوريا لمدة ٦ أشهر، وهو حق يراد به باطل، فوفقًا لرأى الممثل الدائم لسوريا بالأمم المتحدة، فإن أغلب البنوك الدولية ترفض تحويل الأموال إلى سوريا لعدة أسباب: إما أنها لا تجد فائدة مادية لها من هذه التحويلات، او أنها تتجنب الوقوع تحت طائلة العقوبات الأمريكية-الأوروبية خوفًا من سوء تفسير التعامل مع سوريا رغم الإعلان عن رفع العقوبات، وكذلك الأمر ينطبق على الشركات الدولية في المجالات الممنوع التعامل فيها مع سوريا، لذا يمكن القول إن رفع العقوبات التي أعلنت عنها أمريكا وأوروبا هو مسرحية هزلية لتضليل الرأي العام.

العودة لجامعة الدول العربية

ويبقى الحل الأقوى لخروج سوريا من تحت وطأة العقوبات غير الشرعية هو عودتها لجامعة الدول العربية، خاصة بعد أن قامت الدول العربية بموقف مشرف تجاه الأزمة الأخيرة، ومن الأمثلة على ذلك إعلان مجلس الوزراء السعودي دعمه لسوريا منذ اليوم الأول للازمة، وتسيير جسر جوي للمساعدات الطبية والغذائية واللوجستية اللازمة، وتنظيم حملة شعبية عبر منصة "ساهم" لمساعدة ضحايا الزلازل.

موقف المملكة بارقة أمل

وفى طريق العودة إلى جامعة الدول العربية، أعلن وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان: "إن زيادة التواصل مع سوريا قد يمهد الطريق لعودتها إلى جامعة الدول العربية مع تحسن العلاقات بعد عزلة تجاوزت عشر سنوات، لكن من السابق لأوانه في الوقت الحالي مناقشة مثل هذه الخطوة".

وجدد الوزير السعودي التأكيد على أن الإجماع يتزايد في العالم العربي على أن عزل سوريا لا يجدي وأن الحوار مع دمشق ضروري خاصة لمعالجة الوضع الإنساني هناك، يعتبر هذا التصريح بارقة أمل في طريق عودة سوريا إلى حضن جامعة الدول العربية وتوحيد الصف العربي لمواجهة التحديات الدولية التي تعصف بالمنطقة.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org