فرصٌ واعدة وبرامج مميزة.. كيف أعدت السعودية مواطنيها لمستقبل ما بعد النفط؟

استراتيجية طموحة أسفرت عن نمو نوعي يعزز فرص الشركات الوطنية وخطط تنويع مصادر الدخل
فرصٌ واعدة وبرامج مميزة.. كيف أعدت السعودية مواطنيها لمستقبل ما بعد النفط؟

على الطريق إلى بناء اقتصاد تقوده التكنولوجيا الرقمية؛ كانت رؤية المملكة 2030، حاضرة بأهداف فريدة من نوعها، لدفع برنامج التحول الوطني في السعودية، ولإعداد الشباب فكريًّا وعمليًّا لمرحلة ما بعد النفط.

تلك الاستراتيجية آتت أكلها سريعًا، بنمو نوعي حققه الاقتصاد السعودي، لم يكن ناتجًا عن ارتفاع أسعار النفط؛ بل من خلال القطاع غير النفطي الذي يشهد توسعًا أفقيًّا ورأسيًّا، من خلال برنامج يعزز فرص نمو الشركات الوطنية، وخطط لتنويع مصادر دخل المملكة.

فرص الابتكار

وبينما يمر الاقتصاد السعودي بتحولات وطنية لم تكن موجودة في السابق؛ ولّدت تلك التحولات فرصًا للابتكار في الأنشطة التجارية والاستثمارية، والتي لاقت قبولًا واسعًا وإقبالًا كبيرًا من الشباب السعودي، بسبب انخفاض المخاطر في ظل الاعتماد على اقتصاد متنوع، لم يكن متبعًا في السابق.

فمن رحم الاستراتيجية السعودية الجديدة، وُلِدت قطاعات جديدة وفرص هائلة للشباب في قطاعات التجارة والصناعة مرورًا بالسياحة والترفيه إلى الخدمات اللوجستية والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والخدمات الرقمية؛ مما شجع الكثيرين منهم على الانخراط في تلك المجالات، والتي كان بعضها مقتصرًا على غير السعوديين؛ فيما سبق.

وتَخَطى الشباب السعودي حاجز المألوف في المهن والوظائف؛ فباتت بصماته واضحة في كل المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، ومختلف قطاعات التنمية؛ بل إنه أصبح العمود الفقري لتلك المهن، في إطار استراتيجية السعودية لتوطين تلك الوظائف، والدفع بأبنائها إلى شغلها.

كسر حاجز المألوف

فمن الطبخ، والعمل في الفنادق مرورًا بالمحال التجارية إلى فتح ورش للميكانيكا وغيرها من الأعمال الحِرَفية، كسر الشباب السعودي حاجز المألوف، وسلكوا طرقًا عبّدتها لهم المملكة التي تشهد تحولات وُصفت بـ"الثورية"، في إطار سعيها للتخلص من قبضة النفط على الاقتصاد، بتنويع مصادر دخلها.

فكيف هيّأت السعودية مواطنيها لتلك الخطوة؟

تقول مجلة "فاست كومباني" الأمريكية: إن المملكة العربية السعودية وضعت على عاتقها هدفًا أن تكون مركزًا عالميًّا للأحداث؛ فشكّلت تحالفًا من قِبَل "إنفورما" والاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز؛ للمساعدة في تنويع اقتصاد المملكة.

وبحسب المجلة الأمريكية؛ فإن السعودية اتخذت خطوات مبهرة لتحسين بيئة أعمالها وجذب الاستثمار الأجنبي، وتقليل اعتمادها على النفط؛ مشيرة إلى أنه لتحقيق هذه الطموحات، أدركت المملكة قيمة الأحداث الدولية لبناء صناعات ذات أهمية استراتيجية داخل الدولة.

تحالفات هامة

وأكدت المجلة الأمريكية، أن تحالفًا من خبرات إنفورما العالمية سيعمل على إنشاء قطاع مناسبات عالمي المستوى لزيادة التنويع الاقتصادي، وتوفير الوصول إلى أسواق جديدة للشركات الدولية، وجذب الاستثمار الأجنبي ودعم تحديث النشاط التجاري في المملكة.

وسيدعم التحالف -أيضًا- إنشاء مسارات وظيفية جديدة للشباب في المملكة والموهوبين والمتمرسين رقميًّا؛ ليس فقط في الأحداث؛ لكن أيضًا في الاقتصادات الإبداعية والرقمية الأوسع نطاقًا، من الاتصالات والعلامات التجارية إلى التسويق الرقمي وتطوير المنتجات الرقمية.

وستوفر أكاديمية تحالف مجموعة سنوية من المهنيين السعوديين الشباب، فرصة لاكتساب تدريب عملي وخبرة في الأحداث الدولية، من خلال سلسلة من المناوبات، والاستفادة بشكل أكبر من برنامج اعتماد احترافي معترف به في الصناعة.

ويقول مايكل تشامبيون نائب الرئيس التنفيذي الإقليمي لـ"إنفورما": إن أحداثنا وعملياتنا المحلية ستدعم خلق فرص عمل جديدة، وتبادل المعرفة، والتطوير المهني في المنطقة.

من جانبه، قال فيصل الخميسي، رئيس مجلس إدارة الاتحاد السعودي للأمن السيبراني: إن التحالف سيعمل على خلق فرص عمل للشباب السعودي في القطاعات الديناميكية والمهنية، وسيساهم أيضًا في التنويع والتحديث العام للصناعات الرئيسية في المملكة العربية السعودية.

صناعة الأحداث المزدهرة

وتقول المجلة الأمريكية: إن السعودية أدركت أن صناعة الأحداث المزدهرة ستخلق وظائف جديدة للشباب الماهر رقميًّا في البلاد؛ ليس فقط في الأحداث؛ لكن أيضًا في الاقتصادات الإبداعية الأوسع نطاقًا؛ بدءًا من الاتصالات والعلامات التجارية إلى التسويق الرقمي وتطوير المنتجات الرقمية.

ومن المتوقع أن تجتذب الفعاليات التي يديرها التحالف حوالى 500 ألف زائر سنويًّا بحلول عام 2028؛ مما يساهم في توظيف ما يقرب من 200 متخصص في السنوات الخمس المقبلة.

برنامج التحول الوطني

الجهود السعودية لم تقتصر على إبرام اتفاقيات مع تحالفات خارجية؛ بل إنها جاءت متسقة مع أهداف برنامج التحول الوطني التي وضعها على عاتقه؛ بينها تطوير البنية التحتية اللازمة، وتهيئة البيئة الممكنة للقطاع العام والخاص وغير الربحي لتحقيق رؤية المملكة 2030، بالتركيز على تحقيق التميز في الأداء الحكومي، ودعم التحول الرقمي، والإسهام في تنمية القطاع الخاص، وتطوير الشراكات الاقتصادية، وتعزيز التنمية المجتمعية، وضمان استدامة الموارد الحيوية.

وبحسب الموقع الرسمي لـ"رؤية 2030"؛ فإن برنامج التحول الوطني الذي أطلق في عام 2016، سعيًا لتحقيق التميز في الأداء الحكومي وتأسيس البنية التحتية اللازمة لتحسين عوامل التمكين الاقتصادي ورفع مستوى المعيشة؛ ساهَمَ خلال المرحلة السابقة في تحقيق العديد من الإنجازات المهمة والمؤثرة في تطوير الأنظمة الحكومية، وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين، وتوفير فرص عمل للشباب السعودي في قطاعات غير نفطية، وتسهيل ممارسة الأعمال، والتوسع في التحول الرقمي والحلول التقنية، إلى جانب تنظيم سوق العمل، وتمكين المرأة وزيادة مشاركتها في القوى العاملة؛ فضلًا عن تنمية القطاع غير الربحي، وتطوير القطاع السياحي.

البنية التحتية

ويسعى البرنامج في المرحلة المقبلة لاستكمال العمل على تطوير البنية التحتية اللازمة، وتعزيز التنمية المجتمعية، وضمان استدامة الموارد الحيوية، وتحقيق التميز في الأداء الحكومي، ودعم التحول الرقمي، وزيادة جاذبية سوق العمل، لتهيئة البيئة الممكنة للقطاع العام والخاص وغير الربحي لتحقيق رؤية المملكة 2030.

أبرز المستهدفات بنهاية عام 2025

ويهدف البرنامج في أن يساهم الاقتصاد الرقمي بنسبة 19.20% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2025، بالإضافة إلى أن يصبح مستوى نضج تحول الخدمات الحكومية الرئيسية رقميًّا 92%، ورفع حجم تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى 95.4 مليار ريال في الفترة نفسها.

هل حقق إنجازات؟

وفقًا للموقع الإلكتروني لـ"رؤية 2030"؛ فإن المملكة تمكنت من الحصول على المركز الأول في أكثر الدول تقدمًا في التنافسية الرقمية من بين دول مجموعة العشرين، بالإضافة إلى أن معدل المشاركة الاقتصادية للإناث السعوديات والوصول زاد إلى 35.6%.

لماذا التوقعات متفائلة؟

يقول الكاتب السعودي الدكتور صلاح بن فهد الشلهوب، في مقال له: إن ارتفاع نسبة النمو في المملكة في المرحلة المقبلة؛ قد يكون سببُها الرئيسي الإصلاحات الهيكلية في المرحلة الحالية للاقتصاد؛ بما في ذلك مرحلة التحول والتخصيص لمجموعة من الوحدات الحكومية، لتكون جزءًا من القطاع الخاص.

وأشار "الشلهوب" إلى أن من الخطوات التي حققت نجاحًا كبيرًا خلال الفترة الماضية في المملكة، دعم القطاع الخاص لتعزيز نمو الناتج المحلي من القطاع غير النفطي؛ مما سيحقق نتائج كبيرة خلال الفترة المقبلة نتيجة نمو الشركات والبرامج النوعية.

ولفت إلى أن التحديات للوصول إلى اقتصاد متنوع بكفاءة عالية وتنافسيته؛ أمر يحتاج إلى جهود كبيرة وتنسيق عالٍ من مختلف الجهات ذات العلاقة، وأشار إلى أن من المهم بناء الكفاءات للعمل في الأنشطة المختلفة والمتنوعة بكفاءة عالية، وليكونوا قياديين في المرحلة المقبلة لزيادة تنافسية جاذبية المملكة للاستثمار من مختلف دول العالم.

وفي مقال ثانٍ تحت عنوان "مؤشرات الفرص التنموية في الاقتصاد السعودي"، قال الشلهوب: إن الفرص في الاقتصاد السعودي متنوعة، وستزيد في ظل تكامل المشاريع التنموية التي يتم العمل عليها؛ مما يؤدي إلى إتاحة فرص جديدة ومتنوعة للمستثمرين.

وأشار إلى أن أمام الشباب فرصة كبيرة في مختلف الأنشطة الاقتصادية؛ مؤكدًا ضرورة العمل على مجموعة من البرامج لدعم التفكير بشكل أكثر شمولية للشباب في البحث عن الفرص في قطاعات التجارة والصناعة والسياحة والترفيه والخدمات اللوجستية والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والخدمات الرقمية.

كما شدد على ضرورة أن تكون ريادة الأعمال مقررًا دراسيًّا في المراحل التعليمية بشكل مباشر في المرحلة الجامعية والبرامج المهنية والتطبيقية، ومدرجة ضمن المقررات الدراسية في المدارس ضمن الأمثلة التعليمية والتدريبية والأنشطة اللاصفية.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org