منصور بن مقرن.. الأمير الذي لم يهدأ..7 أشهر سجلت له الحب والولاء

مائتا يوم تنفسها بين أهالي عسير قبل أن يرحل
منصور بن مقرن.. الأمير الذي لم يهدأ..7 أشهر سجلت له الحب والولاء
تم النشر في

200 يوم تنفسها الراحل الأمير منصور بن مقرن -رحمه الله- بين أهالي منطقة عسير منذ الأمر الملكي بتعيينه نائبًا لأمير المنطقة في تاريخ 25 رجب من عام 1438هـ، و7 أشهر كانت كافية لتسجيل حالة من الحب والولاء لهذا الرجل الهادئ في طباعه، الودود في تعاملاته.. ليرحل تاركًا "القلب بين الجنوب".

كانت نظرة ولاة الأمر حكيمة باختيار أمير المواطَنة ليساند أمير عسير فيصل بن خالد في منطقة كبيرة جدًا ومهمة، أهلها "جبال" ، وأرضها "أفعال"، مهد العسل والسياحة.

وصل ابن مقرن ذو الثلاثة والأربعين عامًا بلاد الجنوب دون أن تسبقه أي خبرات إدارية وميدانية كبيرة سوى تجربة بسيطة في إمارتي حائل والمدينة المنورة عندما كان الأمير مقرن أميرًا على تلكما المنطقتين، وأيضًا مستشارًا لخادم الحرمين الشريفين وفق الأمر الملكي عام 2015، لكنه يتسلح بالذكاء والانضباط والدقة في المواعيد، وعُرف بالحلم وضبط النفس اللذين اكتسبهما من والده.

كان استقبال المهنئين في مقر إمارة عسير هي المرحلة الثانية بعد أدائه القسم أمام الملك سلمان بن عبدالعزيز، القسم الذي استشعر الراحل منصور كل معانيه لدينه ووطنه، وانطلق للعمل بمعية عضده الأمير فيصل بن خالد، وأذهل بتحركاته ملايين المواطنين، وسُمي بـ"الأمير الذي لا يهدأ"، حيث كان يزور المحافظات ويفتتح المشروعات ويقف مع رجال الحد الجنوبي، ويواسي أبناء الشهداء، ويصغي للحناجر، ويرقص بـ"الخناجر"، بل حمل ذات يوم كيسًا في القرية التراثية بمنتزه السودة وبدأ باجتثاث المخلفات والعبوات، وقال جملته الشهيرة: "هذي ما يبي لها حملة نظافة.. هذي يبي لها سنة عشان تنظف".

وشرع الراحل في العمل الميداني مختلطًا بالمواطنين، وافتتح حديقة وممشى حي المروج بأبها التي تقع على مساحة "94.924"م2، لخدمة الحي وزوار المنطقة، وتشتمل على ممشى بطول 3000 متر، وعدد من الساحات المطلة على وادي المروج، والعديد من المسطحات الخضراء.

كما أسعد الأهالي حين تفقده مشروع تصريف السيول بحي "المنسك" بأبها وهو يقول لأحد سكان الحي: "إذا لم ينته المشروع خلال ٣ أشهر فاشتكيني للأمير فيصل بن خالد".

وشارك المصطافين والسكان في فعاليات وبرامج قرية عسير التراثية في موسمها الثالث، ضمن برامج مهرجان "أبها يجمعنا"، في متنزه السودة السياحي، وافتتح مقر نادي عسير الفوتوغرافي بمركز الملك فهد الثقافي بالمفتاحة .

واستمر في زياراته الميدانية إلى جانب أعماله المكتبية ، ثم جاءت لحظة الفراق عندما ودع أبناءه وأغلق مكتبه وصعد طائرة "البلاك هوك" بصحبة مسؤولي المنطقة في زيارة أهالي محافظة "البرك"، ووصل إلى هناك مزهوًا فرحًا ينثر عبق الابتسامات بين أرواح السكان، وتفقد مخططات الجزر التابعة للمحافظة، وتساءل عن رياضة الغوص وإمكانية تأسيس أندية لها، وأيضًا مدى الإقبال على موسم المنطقة السياحي، ووقف على الشاطئ وسأل عن الخدمات وطريقة وصول المياه إلى الأهالي، وقبل المغادرة حقق رغبة كل من أراد التصوير معه، وخصوصًا طفلة صغيرة كانت تحمل باقة الورد وطبع قبلة على جبينها ..وغادر.

أقلعت الطائرة ناحية أبها وأمنيات الأهالي ترافقه، والأنظار تلاحقه حتى اختفى سوادها بين السحاب، كانت عسير من الأعلى هي النظرة الأخيرة التي أغمضت عليها عينا الراحل قبل أن تسقط طائرته في غابات ريدة، ليرحل إلى ربه تاركًا القلب بين الجنوب.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org