

قال صالح كامل، رئيس مجلس إدارة مجموعة البركة المصرفية مؤسس ورئيس مجلس الأمناء لوقف اقرأ للإنماء والتشغيل: "إن معظم الأسواق في العالم الإسلامي – للأسف - مبنية على التطفيف". مشيرًا إلى أن هناك من يشتري بأرخص الأسعار، وهذا هو التطفيف مع سبق الإصرار، من خلال رفع الأسعار على البسطاء في المجتمع.
وأوضح كامل خلال كلمته التي ألقاها في أولى جلسات ندوة البركة المصرفية الافتتاحية في نسختها الثامنة والثلاثين، التي ينظمها وقف اقرأ للإنماء والتشغيل: "بفضل الله، تبلغ الندوة عامها الثامن والثلاثين، ونريد أن نطرح مفهوم الاقتصاد الإسلامي بمعناه الحقيقي. ولقد أخذنا كلمة الاقتصاد الإسلامي لانتشارها، لا من أجل التمعن في معناها". داعيًا أصحاب الأموال إلى الاستثمار في إعمار الأرض المندرجة تحت العبادة؛ "فلو وضعنا التركيز على إعمار الأرض وتشغيل الناس لما كنا في ذيل الأمم، ولما ظهرت البطالة، ولما ظهر الإرهاب؛ فالبطالة هي أساس كل سوء في مجتمعاتنا".
وبيَّن رئيس مجلس الأمناء لوقف اقرأ للإنماء والتشغيل أن "الجميع يعلم بعلم التنمية المستدامة الموجود في الغرب، ويعجز أي باحث في الشرق أو الغرب عن أن يلخص هذا العلم أبلغ من الأحاديث النبوية؛ فالعلوم الجديدة قد طورت في الغرب، وأصولها ديننا؛ فالإسلام يفضل المستقبل عن الحاضر".
وأضاف كامل: للأسف، كلمة إعمار تعني في الوهلة الأولى لدى الكثيرين بناء أطول الأبراج وأضخمها في العالم، واقتصرت على المباني فقط، وأصبحنا عالة على تراث السلف الذين اجتهدوا، ولم نقدم نحن اجتهادًا يوازي ذلك، بل فقط نبحث عما أوردوه لنا، وهناك معانٍ كثيرة في القرآن لم نصل لتفسيراتها إلى الآن، ورغم ذلك فإن العلوم الجديدة كافة في الغرب جميع أصولها موجودة في كتاب الله وسنة رسوله؛ لذا نحن بحاجة إلى تكريس الجهود في تكريس علوم القرآن في مجتمعاتنا.
واستغرب كامل أن البعض حين التطرق إلى الأعمال الصغيرة والمتوسطة يستدل بالمثل الصيني "علمني كيف أصطاد ولا تعطني سمكة"، ولا يستدلون بحديث الفأس الذي كان يحتطب به الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وللأسف نرجعها للمثل الصيني، ولا نحيلها إلى الحديث النبوي.
وأشار كامل إلى أن دفع المستثمرين 2.5 %، وهي الزكاة، لو كان بانتظام، والجميع يدفعها، لما اضطررنا إلى دفع الضرائب؛ فالحقيقة أن الدين الإسلامي كفل للجميع حقه وحق غيره، وللأسف نحن لم نعمل بالشكل المطلوب تجاه ذلك.
وأكد الرئيس التنفيذي لمجموعة البركة المصرفية عدنان أحمد يوسف تزايد الاهتمام العالمي بالمصرفية الإسلامية، وخصوصًا من قِبل صندوق النقد الدولي؛ إذ زاد من وتيرة اهتمامه بدراسة مميزات الاستقرار التي يتسم بها التمويل الإسلامي، كموضوع مطالبة المجلس التنفيذي للصندوق مؤخرًا بزيادة الاهتمام بنموذج المشاركة في الربح والخسارة من ناحية إدارة المخاطر، وكذلك من ناحية المساهمة في تحقيق الاستقرار المالي على المستويين القطري العالمي. مشيرًا إلى أن هذا الاهتمام يعود في جزء منه إلى تزايد قلق النخب المالية الدولية من استمرار تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي.
ونوه عدنان أحمد يوسف بأداء مجموعة البركة، الذي اعتبره مثالاً يحتذى به في نجاح المصرفية الإسلامية وفقًا لمعاييرها وقيمها في إرساء تجربة متقدمة، لا تقاس نجاحاتها وفقًا لمؤشرات القياس الكمية. موضحًا أن المؤشرات قد تخفي في كثير من الأحيان الحقائق النوعية الأكثر أهمية، التي لا يمكن قياسها إلا من خلال المعايشة للتجربة في مجموعة البركة المصرفية، وكيف انتقلت على مدار عقد من الزمن من مجموعة وحدات متأثرة، لا يجمعها رابط واحد سوى حكمة ورؤية مؤسسها صالح كامل.
واستشهد الرئيس التنفيذي لمجموعة البركة المصرفية بمؤشرات الإنجاز الكمية خلال الفترة من 2003 حتى نهاية مارس 2004؛ إذ ارتفع حجم الأصول من 4.1 مليار دولار في نهاية عام 2003 إلى نحو 23.4 مليار دولار في نهاية مارس 2017، بمعدل نمو سنوي قدره 14 %، وبارتفاع حجم الاستثمار والتمويل من 2.7 مليار دولا في نهاية العام 2003 إلى ما يقارب الـ 17.7 مليار دولار في نهاية مارس 2017، بمعدل نمو سنوي قدره 15 %، وبارتفاع حجم حسابات العملاء من 3.5 مليار دولار في نهاية العام 2003 إلى 19.1 مليار دولار في نهاية مارس 2017، بمعدل نمو سنوي قدره 14 %، وبارتفاع حجم حقوق الملكية من 490 مليون دولار في نهاية العام 2003 إلى نحو مليارَي دولار في نهاية مارس 2017، بمعدل نمو سنوي قدره 11 %، وبارتفاع مجموع الدخل التشغيلي للمجموعة من 182 مليون دولار خلال العام 2003؛ ليتجاوز المليار دولار خال العام 2016، بمعدل نمو سنوي قدره 14 %.
وأضاف بأنه ارتفع صافي الدخل من 43 مليون دولار فقط خلال العام 2003 إلى 268 مليون دولار خلال العام 2016 ، بمعدل نمو سنوي قدره 13 في المائة، وارتفاع إجمالي الموظفين العاملين في شبكة المجموعة من 3233 موظفًا عام 2003 إلى 12593 موظفًا بنهاية مارس 2017، أي أن متوسط الموظفين الجدد بلغ 706 موظفين وموظفات سنويًّا، وبلغ عدد الفروع التي تديرها بنوك المجموعة نحو 702 فرع في نهاية مارس 2017، بالمقارنة مع 132 فرعًا فقط بنهاية العام 2003، أي بزيادة قدرها 43 فرعًا سنويًّا.
وتمنى عدنان أحمد يوسف أن لا ينظر الجميع لهذه الإنجازات كأرقام صماء؛ إذ إنها تعني الكثير بالنسبة للمجتمعات التي تعمل فيها وحداتنا، وساهمت بقوة في تنمية هذه المجتمعات، وتحقيق تطلعات أصحاب المصلحة، سواء مساهمين أو مستثمرين أو مودعين أو موظفين أو غيرهم، من خلال توفير الوظائف للمواطنين، وتحفيز الطلب المحلي، والاهتمام بتوظيف الأموال بطرق آمنة، وتحقيق أكبر قدر ممكن من الشمول المالي، وتوفير التمويل لبرامج التنمية، وتوفير أوعية ادخارية مجزية للمودعين، وعوائد مجزية للمساهمين، وغيرها العديد من العوائد الاجتماعية والاقتصادية الحقيقية لتلك المجتمعات.
وتطرق إلى أبرز المحطات التي ساهمت في تحقيق هدف التحول إلى مجموعة مالية عالمية، منها النجاح في تعزيز القدرات الرأسمالية للمجموعة من خلال تنفيذ واحد من أنجح الاكتتابات العامة والخاصة في عام 2006، وأيضًا النجاح في إصدار صكوك بقيمة إجمالية بلغت 400 مليون دولار لدعم الفئة الأولى من رأس المال، وتعزيز القدرات للمجموعة من خلال تحقيق توسع جغرافي أوسع، والمساهمة في قدرات البنوك التابعة للمجموعة للتوسع والنمو داخل الأسواق التي تعمل بها.
وقدم عدد من الباحثين بحوثًا حول أحاديث في مفهوم الربا، وكذلك كيفية تطبيق الأحاديث النبوية على المعاملات التجارية والمالية المعاصرة، ومن ثم جلسة ثالثة بعنوان (النهي عن بيع عقد مال أو عقار لا يجعل ثمنها في مثلها)، تحدث فيها الباحث منصور الغامدي عن بحث بعنوان (الحول وأثره في الزكاة)، وتطرق إلى مسألتين: المسألة الأولى: تحرير الإجماع في اعتبار الحول.. هل يثبت الإجماع في اشتراط الحول، أم هو من مسائل الخلاف؟ والمسألة الثانية: هل المال الغلة أم الكسب أم الأجرة، ويأخذ حكم المال المستفاد بهبة أو ميراث أم يختلفان في الحكم؟
وأشار رئيس الهيئة الشرعية الموحدة لمجموعة البركة المصرفية الدكتور عبد الستار أبو غدة في ورقته إلى أحد شروط الزكاة، وهو شرط ذو أثر بالغ في التنمية، وهو (حولان الحول) لبيان مشروعيته وتطبيقاته الأساسية، دون الخوض في المسائل والفروع العديدة التي اشتملت عليها المدونات الفقهية، ودوره الاقتصادي.