"سكة القريات" تُركت بلا إصلاح.. و"الأهالي" يتساءلون: ما نتائج التحقيق؟ ومتى تشغيلها؟

جرفته السيول قبل 5 أشهر وموقعها تسبب بكارثة بيئية
"سكة القريات" تُركت بلا إصلاح.. و"الأهالي" يتساءلون: ما نتائج التحقيق؟ ومتى تشغيلها؟

ما زالت سكة الحديد لقطار الشمال، والتي أنشأتها شركة سار بمحافظة القريات، على حالها منذ جرفتها السيول التي اجتاحت القريات وقراها نهاية العام الماضي، وتسببت بإتلاف جزء منها، وذلك منذ نحو خمسة شهور، وعلى الرغم من توجيه هيئة النقل العام في ذلك الوقت، عبر بيان صادر عنها، بإجراء تحقيق عاجل في مسببات انجراف الرمال أسفل مسار السكة؛ إلا أنه ما زال الأهالي ينتظرون إعلان نتائج التحقيق ومعالجة وإصلاح الهيئة للسكة، وانطلاق رحلات القطار من مدينتهم القريات إلى بقية مدن المملكة التي يصلها القطار، والذي سيوفر عليهم وسيلة نقل حديثة وسريعة اننظروا تشغيلها طويلاً، والذي سيختصر عليهم المسافة والوقت والجهد، لاسيما وأن مدينتهم تقع في أقصى شمال المملكة، وتبعد عن عاصمتها ومدنها المقدسة والكبيرة آلاف الكيلو مترات.

وجاء في بيان هيئة النقل العام الذي أصدرته عبر حسابها الرسمي بموقع "تويتر" بتاريخ (12/11/2018) وهو فترة وقوع الحادثة: "وجه رئيس مجلس إدارة هيئة النقل العام الدكتور نبيل العامودي الهيئة وفق مهامها التنظيمية، بإجراء تحقيق عاجل في مسببات انجراف الرمال أسفل مسار سكة قطار شركة سار الواقع بمحافظة القريات، حيث جاء الانجراف بعد هطول أمطار غزيرة على المنطقة".

ومنذ ذلك التاريخ وحتى اليوم وهذه السكة باقية كما هي من حالة التلف والتكسير والانحراف عن مسارها بسبب السيول، دون إصلاح أو بوادر عمل ظاهرة من الشركة المنفذة للمشروع؛ الأمر الذي أقلق الأهالي بعدم وجود نيّة قريبة لانطلاق رحلات قطار الشمال بمحافظتهم في وقت كانوا يرون قدومه بات وشيكاً، وهو الذي تعلنه "سار" لأكثر من مرة، لتخرج لهم بموعد آخر، وهكذا، علماً بأن آخر إعلان للشركة بانطلاق رحلات محطة القريات هو خلال عام (2019) الحالي، والذي اقتربنا من منتصفه، ولا بوادر لذلك حتى الوقت الحالي، في حين كان الموعد الأول المفترض لانطلاقته هو عام (2018) الماضي!

وحظي الأمر باهتمام أمير منطقة الجوف الأمير فيصل بن نواف بن عبدالعزيز، والذي سرعان ما عقد اجتماعاً مع وزير النقل الدكتور نبيل بن محمد العامودي؛ لبحث احتياجات المنطقة من الخدمات التي تقدمها منظومة النقل، والتي من أبرزها مشاريع تطوير مطار القريات، وتم بحثه معه والعمل على سرعة البدء فيه.

كما استعرض أمير المنطقة مراحل العمل في مشروع تشغيل محطة القطار بمحافظة القريات، والأعمال المتعلقة بإصلاح خط سكة الحديد التي تأثرت جراء الأمطار الغزيرة التي هطلت على محافظة القريات في فترة سابقة، حيث أكد الوزير "العامودي" لأمير المنطقة أن ذلك يأتي ضمن الأولويات التي تعمل عليها المنظومة لخدمة المنطقة.

يأتي ذلك على الرغم من جاهزية محطة الركاب بالقريات بشكل كبير، والتي تم إنشاؤها على طراز حديث، وينتظر أن تشغل الكثير من الرحلات وتزايد أعداد الركاب على متنها؛ نظراً لموقع القريات الحدودي كبوابة للوطن من جهته الشمالية، والتي يسكنها نحو (200) ألف مواطن ومقيم، وتحتضن أكبر منفذ حدودي برّي بالشرق الأوسط، وهو "منفذ وجمرك الحديثة" الذي يحمل أهمية اقتصادية كبيرة، ويستخدمه المسافرون من المواطنين والمقيمين القادمين ذهاباً وإباباً من خلاله إلى مدن المملكة المختلفة، أو من وإلى دول الخليج العربي واليمن والأردن وسوريا ولبنان وتركيا وعدد من دول الاتحاد السوفيتي (سابقاً) لأغراض مختلفة كالعمل أو الحج والعمرة أو الزيارة، والبالغ عددهم سنوياً مليوني مسافر تقريباً، وهو رقم قد يتزايد مع تشغيل محطة القطار بالقريات وتوسعة مطارها الذي أعلن عن مشروعه مؤخراً.

وتقع سكة الحديد المتضررة شرق محافظة القريات وفي منطقة قريبة تُعرف لدى الأهالي منذ القدم بأنها مجرى للسيول الكبيرة القادمة من أكبر أودية وشعاب مملكة الأردن الشقيقة والمجاورة للقريات، والتي انقطع جريانها بكميات كبيرة وخطيرة عدة سنوات لتعود للجريان في السنوات الأخيرة وكان آخرها ما شهدته القريات العام الماضي، وأغرقت معها شوارع رئيسية وقرى كـ"غطي والعقيلة" اللتين تقعان على مسارها، وتسببت لهما بأضرار كبيرة؛ ما استدعى تدخل أفراد الدفاع المدني بالقريات لإنقاذ الأهالي الذين يتهمون "سكة القطار" بأنها المسؤول -بعد قضاء الله- عن ذلك؛ نظراً لاعتراضها مسار جريان تلك الأودية والسيول؛ ما تسبب بتجمعها ورجوعها بكميات كبيرة على منازلهم، واستقرارها بها، وأدّى ذلك لتلك الكارثة التي تضرر بسببها عدد كبير من منازلهم ومواشيهم وبعض ممتلكاتهم.

وفي حديث لـ"سبق" قال رئيس الجمعية التعاونية متعددة الأغراض بالقريات ورئيس الجمعية الخيرية بالحديثة وأحد رجالات القريات المعروفين والمهتمين بشؤونها محمد بن علي العليان: "القريات هي المحطة الأخيرة لقطار الشمال، وهي الأكثر حاجة لخدمات القطار للتنقل من القريات وإليها، وكان الأهالي يتساءلون عن موعد وصول القطار بعد أن وصل إلى كل المحطات الأخرى كـ(المجمعة، القصيم، حائل، الجوف)؛ ما أصابهم بالملل؛ لكثرة المواعيد المحددة لوصوله مع كل مسؤول جديد في وزارة النقل، وبسبب كثرة التأجيل".

وأضاف: "شاء الله -سبحانه- أن يرزق بلادنا كافة بموسم أمطار غزيرة جرت على إثرها أودية كبيرة وصغيرة، وكان أكبر هذه الأودية يقع شرق مدينة القريات، وهو (وادي باير)، وهو وادي فحل نظراً لحجمه الكبير وقوة جريانه، وعندما يجري فهو يجرف كل ما أمامه رغم وجود سد كبير عليه، وكانت سكة الحديد تمر بهذا الوادي الكبير، والعبّارات الموضوعة صغيرة، ولا تتناسب مع السيل وحجمه، ولاحظ ذلك كثير من الأهالي والجهات، لكن الشركة المنفذة أصرّت على ما قررته، ونفذت السكة بردمية ترابية وعبَارات صغيرة لم تتحمل السيل الجارف، فانهارت الردمية، وتعلقت السكة".

ويروي "العليان" قصصاً وحوادث قديمة لذلك الوادي فيقول: "وادي باير هذا له سوابق كان آخرها عام 1421هـ عندما جرف سيارة حكومية وغرق به ثلاثة أفراد، ومنذ ستة أشهر تقريباً زار الموقع المنهار مسؤولون وفنيّون من شركة سار، ومنهم مديرها التنفيذي "بشار خالد المالك" على أن يتم إصلاح ما تسبب به السيل خلال فترة، ولكن وحتى الآن والوضع كما هو، والسكة كما هي والخراب قائم، والقطار لم يصل إلى محطته الأخيرة "القريات"، وأهلها ما زالوا ينتظرون، وشركة سار ما زالت صامتة، في حين وزارة النقل لا تحرك ساكناً، وهذا يعني أموالاً مهدرة؛ لعدم الاستفادة من المشروع، ويجب أن يوضع له حد".

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org