شاهد.. تاريخ وفن العمارة الإسلامي يتجسد في محاريب المسجد النبوي

القاصدون يحرصون على مشاهدة الآثار والتصميمات بجمال نقوشها وزخرفتها
شاهد.. تاريخ وفن العمارة الإسلامي يتجسد في محاريب المسجد النبوي

يحرص قاصدو المسجد النبوي الشريف؛ خاصة مَن تكون زيارته هي الأولى، على مشاهدة الآثار والتصميمات المعمارية الفنية بالمسجد، وتعد النموذج الأول لفن عمارة المساجد بما يتلاءم مع العمارة الإسلامية؛ منها المحاريب المتعددة لجمال نقوشها وبديع زخرفتها.

وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس 16 شهرًا تقريبًا، وكان موضع صلاته عليه الصلاة والسلام محاذاة لباب جبريل حتى نزل قوله تعالى: {فول وجهك شطر المسجد الحرام}؛ فتحول إلى الكعبة المشرفة وصلى إلى موضع أسطوانة عائشة رضي الله عنها، ثم تقدم إلى مصلاه في الروضة الشريفة وهو المحراب النبوي، وموقع مصلاه ليس داخل المحراب الموجود حاليًا؛ وإنما بين المحراب عند الراخمة السوداء، فكتبوا في أعلاه (هذا مصلى الرسول صلى الله عليه وسلم)، ويشهد المحراب النبوي أعدادًا كبيرة من المصلين لأداء الصلاة في الموضع الذي أَمّ فيه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم صحبه الكرام وسجدت جبهته الشريفة خضوعًا وعبودية لله عز وجل.

ويدل على موضع صلاته عليه الصلاة والسلام ما رُوي عن أبيّ بن كعب رضي الله عنه: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي إلى جذع؛ إذ كان المسجد عريشًا وكان يخطب إلى ذلك الجذع)، وخلف مصلى النبي صلى الله عليه وسلم أسطوانة ملاحقة للمحراب النبوي الشريف مكتوب عليها (الأسطوانة المخلفة) ففي عهد الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام لم يكن هناك محاريب مجوفة، كذلك في عهد الخلافة الراشدة؛ بل كان هناك جدار مصمت، وأول من أحدث المحاريب المجوفة على هذه الصفة الحالية الخليفة عمر بن عبدالعزيز أثناء عمارته للمسجد النبوي عام 91 هـ.

ويرجع بناء المحراب النبوي الذي يأتي في مقدمة محاريب مسجد خاتم الأنبياء -عليه أفضل الصلاة والسلام- إلى عهد السلطان قايتباي سنة 888هـ، ورمم هذا المحراب في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز ترميمًا شاملًا سنة 1404هـ كما تنص الأسطر الثلاث الأخيرة من هذه اللوحة والمكتوبة بخط الثلث (بعد أن حصل تفكك وتصدع في الفسيفساء والرخام أمر بتجديده الملك فهد بن عبدالعزيز؛ وذلك سنة أربع وأربعمائة وألف)، أما المحراب العثماني فهو في موضع مصلى الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه؛ وذلك بعد توسعته للمسجد في عهده وأحدث عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه هذا المحراب المجوف في الجدار القبلي أثناء عمارة المسجد النبوي سنة 91هـ، واشتهر بالمحراب العثماني.

ويقع محراب التهجد شمال شبك المقصورة من الخارج وهو مصلى الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام بالليل، وثبت أن محراب التهجد كان موجودًا في عصر ابن النجار المتوفى 643هـ؛ فقد جُدد هذا المحراب في عمارة قايتباي ثم جدد في العمارة المجيدية واتخذوا قطعة واحدة من الحجر الأحمر، وأبدعوا في تصنيعه، وكتبوا عليه آية التهجد وحلوْه بماء الذهب، وما زال المحراب موجودًا إلا أنه غُطّي بدولاب المصاحف؛ بينما يقع محراب فاطمة في موقع حجرة فاطمة داخل المقصورة، بني على الأسطوانة، وهو مجوف مرخم مشابه لمحراب النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك على العهد المملوكي.

أما المحراب الحنفي وهو يمين الواقف بالمحراب النبوي عند الأسطوانة الثالثة غربي المنبر، فقد بُني في النصف الثاني من القرن التاسع الهجري، بناه طوغان شيخ سنة 860هـ، وعُيّن فيه إمامًا حنفيًا وهو محمد بن إبراهيم بن أحمد الحنفي؛ ولذلك سُمّي بالمحراب الحنفي، وجدده السلطان سليمان خان المعروف بالقانوني، وزخرفته بالرخام الأبيض والأسود، واشتهر بالمحراب السليماني.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org