بعد العداء وسوء الفهم الحضاري.. هل تدشن القمة العربية الأوروبية مرحلة جديدة للحوار والتفاهم؟

تستثمر في الاستقرار.. وتبحث قضايا الإرهاب والسلام والهجرة
بعد العداء وسوء الفهم الحضاري.. هل تدشن القمة العربية الأوروبية مرحلة جديدة للحوار والتفاهم؟

العلاقات بين العرب والأوروبيين موغلة في القدم تاريخياً، ومتصلة عبر كل العصور؛ وهي علاقات فرضتها الجغرافيا قبل أي مؤثر آخر، فالتقارب الجغرافي بين أوروبا ورقعة العالم العربي فرضت التواصل على الطرفين بحكم الجوار، وبدواعي تأثير الفرض نفسه يبدأ العرب والأوروبيون فصلاً جديداً في تاريخ علاقاتهم يقوم على الحوار عبر القمة العربية الأوروبية، التي تحتضنها مصر في منتجع شرم الشيخ الأحد، بعد فصول تاريخية أخرى من العداء والحروب والغزو وسوء الفهم الحضاري من جانب أوروبا للبلدان العربية.

المسار التنظيمي

وطبقاً للمعطيات المتوفرة عن مسار تنظيم القمة العربية الأوروبية، فإنها يخطط لها منذ سنوات، إذ يأتي انعقادها بالنسبة للجانب العربي وفقاً لقراري مجلس جامعة الدول العربية رقمي 147 و148، كما أن القادة العرب وافقوا على عقد قمة مع دول الاتحاد الأوروبي، وصدر بالموافقة القرار رقم 691 الصادر عن القمة العربية التي عقدت في البحر الميت بالأردن في مارس 2017، أما بالنسبة لقادة الاتحاد الأوروبي فقد بحثوا مقترح تنظيم القمة الأوروبية العربية للمرة الأولى في سبتمبر (أيلول) الماضي خلال قمتهم في النمسا.

وأعلن مسؤولون أوروبيون في 18 أكتوبر (تشرين أول) الماضي، أن القمة بين قادة الاتحاد الأوروبي والجامعة العربية، ستعقد في مصر خلال فبراير (شباط) في إطار الجهود الهادفة لتشكيل تحالف أوروبي أفريقي جديد لمكافحة تهريب المهاجرين، وفي اليوم التالي للإعلان الأوروبي اتفق الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط ووزيرة خارجية النمسا كارين كنايسل، التي ترأس بلادها الاتحاد حالياً، على اتخاذ الترتيبات اللازمة لعقد القمة العربية الأوروبية.

الحضور دولي

والقمة العربية الأوروبية هي الأولى من نوعها على هذا المستوى تاريخياً؛ لذلك تعد قمة تاريخية وفق هذا المعيار، وعلى المستوى التنظيمي تصنف ضمن القمم الضخمة إذ تعقد دول الجامعة العربية والاتحاد الأوروبي، ومجموع هذه الدول قاطبة 50 دولة، 22 دولة عربية و28 أوروبية، كما سيحضرها بحسب ما أعلنت مصر أكثر من 40 رئيس سلطة تنفيذية، ما بين رؤساء دول وملوك ورؤساء حكومات، والقمة وفق هذه المعطيات ستشهد حضوراً دولياً ضخماً.

ولا تدور القمة في الفراغ، فهناك من الضرورات والقضايا الملحة ما استدعى تنظيمها، ولدى كل طرف العديد من القضايا التي يود مناقشتها بحكم ارتباطها بالطرف الآخر، فالأوروبيون تهيمن على أولوياتهم قضية الهجرة غير الشرعية، والهواجس الأمنية الممثلة في الإرهاب الذي ضرب العديد من دولهم، ويتطلع الاتحاد الأوروبي للوصول إلى شكل من أشكال التعاون مع الدول العربية للحد من الهجرة غير الشرعية باعتبار الدول العربية ممراً ومعبراً لتلك الهجرة قبل أن تكون مصدراً، وكذلك التعاون في مجال مكافحة الإرهاب.

وتتصدر أولويات الدول العربية بحث قضية السلام في الشرق الأوسط، وقضايا النزاع الإقليمي والإرهاب، ورغم عدم الإعلان عن جدول أعمال موحد للقمة، فإنها تشكل آلية جديدة لعرض وجهات نظر الطرفين إزاء القضايا والتحديات التي تفرض نفسها على دولهم في المرحلة الراهنة، فهل تدشن لمرحلة جديدة من الحوار العربي الأوروبي للتوصل إلى تفاهمات مشتركة حول القضايا الجوهرية، التي تمس الطرفين سواء في منطقتهم أو العالم، لا سيما أنها تعقد تحت شعار "الاستثمار في الاستقرار"؟

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org