عظماء ولدوا في رمضان.. العالم المسلم الذي " علم البشر" قواعد السياسة والاجتماع ..وهذا ما فعله مع التتار

ولد ومات في شهر رمضان
المؤرخ العربي عبدالرحمن بن خلدون
المؤرخ العربي عبدالرحمن بن خلدون

يشهد التاريخ في مراحله المتعددة للكثير من العلماء المسلمين البارزين الذين قاموا بإسهامات عديدة في العلوم العلمية والتطبيقية والدينية واللغوية والعقائدية والفلسفية والطبية والاجتماعية وغيرها.. بل وقاموا بتأسيس مناهج وقواعد علمية متكاملة لأشهر العلوم وأهمها التي أفادت البشرية كلها حتى وقتنا هذا ومنهم عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن خلدون المؤرخ العربي الذي ولد في تونس أول رمضان عام732 للهجرة و عاش بعد تخرجه من جامعة الزيتونة في مختلف مدن شمال أفريقيا حيث رحل إلى الجزائر و مصر حيث أكرمه سلطانها الظاهر برقوق وظلَ بها ما يناهز ربع قرن (784-808هـ)، حيث تُوُفِّيَ عام 1406 عن عمر بلغ ستة وسبعين عامًا.

حفظ القرآن الكريم في طفولته وكان أبوه هو معلمه الأول شغل أجداده في الأندلس وتونس مناصب سياسية ودينية مهمة وكانوا أهل جاه ونفوذ، نزح أهله من الأندلس في منتصف القرن السابع الهجري وتوجهوا إلى تونس خلال حكم دولة الحفصيين.

اهتم الكثير من علماء الغرب والمفكرين والمؤرخين والمستشرقين بأفكار ابن خلدون كما أظهروا إعجابهم الشديد به إلا أن بعضاً منهم عَمد إلى تجريده من أصوله العربية وإنكار أن يكون مسلماً أمّا ابن خلدون فقد لقبه الفيلسوف الإسباني خوسيه أورتيجا أي جاست بفيلسوف التاريخ الإفريقي بينما يعتبر المستشرق الإسباني بونس بويجس أن ابن خلدون من أعظم الشخصيات التي فسّرت التاريخ الفلسفي على المدى البعيد.

وتعتبر المقدمة التي وضعها ابن خلدون أول كتاب يؤلف في فلسفة التاريخ وقدم ابن خلدون العديد من المؤلفات والكتب في الكثير من المجالات والعلوم سواء في علم الاجتماع أو التاريخ أو الفلسفة أو الفقه أو الحساب أو المنطق أو علم الكلام.

تعد المقدمة من أهم مؤلفات ابن خلدون وترجمت إلى العديد من اللغات الأجنبية فنالت شهرة كبيرة عُرف على إثرها ابن خلدون عند الغرب قبل الشرق.

كما تعد موسوعة تظهر الكيفية التي تطورت فيها المجتمعات البشرية وتشرح كيفيّة التعامل مع التغيرات التي أدّت إلـى التحرك الاجتماعي أو التي أدّت إلى انهيار هذه المجتمعات وتأخرها كما تُبين طُرق علاجها.

أدخل ابن خلدون علوماً جديدة في عصره وهي فن العمران الذي يُسمى في الوقت الحالي بعلم الاجتماع والسياسة والاقتصاد السياسي والاقتصاد الاجتماعي وفلسفة التاريخ والقانون العام.

تعد مقابلة ابن خلدون مع القائد التتري المعروف باسم" تيمور لنك" في مدينة دمشق، مـن أكثـر مراحل حياته إثارة حيث تظهر هذه الحادثة خبرة ابن خلدون في أساليب التعامل مع الحكام واستخدام الدبلوماسية للوصول إلى الغاية إذ يظهر ذلك عندما قرر ابن خلدون الذي كان موجوداً في دمشق أثناء حصار تيمورلنك لها عام 803هـ الوصول إليه راجياً إياه بألا يستبيح دمشق وأهلها وألا يقوم بتدميرها فتدلى بحبل إلى أن خرج من أسوارها ووصل تيمور لينك واستخدم ما يعرفه عن هذا القائد من معلومات تشير إلى إيمانه الشديد بعلوم التنجيم والطب إذ عرف عنهم ملازمته له لاعتماده الكبير عليهم واستشارتهم في كل ما يقوم به من أمور وما يتّخذه من قرارات مما دفع ابن خلدون للاعتماد على معرفته بالمنجم والطبيب اليهودي المشهور "إبراهيم ابن زرزر" للتأثير على تيمور لنك حيث أخبره بأن ابن زرزر كان قد تنبأ بظهور تيمور لينك قبل عشرين عاماً وتنبأ له بأنه سيصبح ذا شأن عظيم بالإضافة إلى ما استخدمه ابن خلدون من رصانة في الأسلوب ومنطق في الكلام لإقناعه بأنّه كان يتمنى أن يحظى بلقائه منذ أربعين سنة فأُعجب تيمور لنك بكلام ابن خلدون وطلب منه البقاء إلا أنّ ابن خلدون الذي لم يرفض طلبه هذا استأذنه للسفر لإحضار أهله وكتبه فسمح له بذلك فغادر ابن خلدون إلى مصر بأعجوبة.

عاش ابن خلدون مراحل حياته الأخيرة زاهداً معتزلاً مفاتن الدنيا فقد عزم على الانقطاع وترك منصب قاضي المالكية إلا أن حاله في ذلك تراوح بين عزل وإعادة مرات عدة غير أنه استمر في مهنة التدريس والتعليم إلى أن توفي فجأة في السادس والعشرين من شهر رمضان عام 808هـ عن عمر يناهز الثمانية والسبعين عاماً ودفن في مدينة القاهرة.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org