دمّروا المئات منها وآخرها جامع مأرب.. لماذا يقصف الحوثيون المساجد؟

استهدافهم لها كشفهم أمام العالم كطرف معادٍ للسلام
دمّروا المئات منها وآخرها جامع مأرب.. لماذا يقصف الحوثيون المساجد؟

يتصدر استهداف المساجد قائمة الجرائم التي ترتكبها مليشيا الحوثي الإرهابية، فمنذ انقلابها على الحكومة الشرعية في 21 سبتمبر عام 2014 وحتى نهاية 2019 دمرت المليشيا الإرهابية 299 مسجداً في أنحاء اليمن، سواء بقصفها بالصواريخ أو إضرام النيران فيها، وكثرة هذا العدد تكشف عن توجه متأصل في الأيديولوجية التدميرية للحوثيين، حوّلت بفعله المساجد إلى أهداف عسكرية، نازعة عنها صفتها الدينية كدور للعبادة لا تمارس فيها سوى الصلوات، وبواعث الحوثيين في ذلك تنطلق من دوافع مذهبية قميئة، وأخرى ناتجة عن قبولهم بأن يكونوا أداة من أدوات السياسة الإيرانية ومشروعها التوسعي في المنطقة.

وآخر جرائم الحوثيين على هذا الصعيد قصفهم بالصواريخ البالستية مساء أمس مسجد معسكر كوفل شمال غربي محافظة مأرب، أثناء تجمّع الجنود والمدنيين فيه لأداء الصلاة؛ مما أدى إلى مقتل وإصابة العشرات منهم، وغني عن القول الإشارة إلى مخالفة النهج الحوثي في استهداف المساجد لتعاليم الأديان، فذلك معلوم منها بما لا يدع مجالاً للشك، كما أنه يتعارض مع القوانين الدولية في هذا الشأن إذ نصّت اتفاقية لاهاي لعام 1907 على وجوب "اتخاذ أي قوات عسكرية كل الوسائل لعدم المساس بالمباني المعدة للمعابد وللفنون والعلوم والأعمال الخيرية والآثار التاريخية"، وكل ذلك ليس غائباً عن الحوثيين، ما يبرهن من ناحية أخرى على توفر نية العمد في ارتكاب تلك الجرائم.

وقصف الحوثيين للمساجد يهدف في المقام الأولى إلى زيادة حصيلة الخسائر في الأرواح في الطرف الآخر، انطلاقاً من استغلالهم للدور الذي تنهض به المساجد في توفير أماكن التعبد للمسلمين خصوصاً في أوقات الصلوات، التي يتجمع فيها أكبر قدر من الأفراد؛ مما يضاعف من الخسائر في حال استهدافها نظراً لمحدودية المساحة واكتظاظها بالمصلين، وهو ما ينطبق على مسجد مأرب وغيره من المساجد، كما يهدف قصف الحوثيين للمساجد إلى التأثير على الروح المعنوية للطرف الآخر المخالف لهم في المذهب؛ ظناً منهم كما يتوهمون أن ذلك قد يوهن من عزائمهم ويضعف مواجهتهم لهم، لكنه محض خيال تكذّبه الانتصارات اليومية التي يحققها الجيش الوطني اليمني على المليشيا الانقلابية في مختلف الجبهات.

وإذا كانت تلك هي أهداف الحوثيين من استهداف المساجد، فإن مدلولها أصبح واضحاً للعالم أجمع، وهو البرهنة على عدم رغبتهم في تحقيق السلام وإنهاء الأزمة اليمنية، وذلك ما أكده الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، في إدانته قصف مسجد مأرب بالقول: "إن الأفعال المشينة للمليشيات الحوثية تؤكد دون شك عدم رغبتها أو جنوحها للسلام؛ لأنها لا تجيد غير مشروع الموت والدمار، وتمثل أداة رخيصة لأجندة إيران في المنطقة"، ومن المرجح أن تؤدي جريمة قصف مسجد مأرب إلى انكشاف الحوثيين أمام الأمم المتحدة والعالم في سيرهم في اتجاه يتعارض مع السلام، الذي وقعوا من أجل إحلاله اتفاق ستوكهولم، وما زالوا يتشدقون بإعلان استعدادها لتحقيقه، ولكن افتضح أمرها ولن يجدوا من يصغي إليهم.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org