أوضاع صعبة.. العطش يهدّد 50 مدينة مغربية وإجراءات طارئة لمواجهة الجفاف

دعوات لاستراتيجية زراعية جديدة للحدّ من إهدار الماء ونشر التوعية بين المواطنين
أوضاع صعبة.. العطش يهدّد 50 مدينة مغربية وإجراءات طارئة لمواجهة الجفاف

في ظل تراجع مردود السدود والجفاف الذي شهدته البلاد الناجم عن قلة الأمطار، إلى جانب تراجع المساحات المائية؛ تحارب السلطات المغربية الوقت لمواجهة أزمة الماء التي تلوح في الأفق، معلنة مجموعة من الإجراءات لترشيد استعمال الموارد المائية وكبح إهدارها.

وفي ظل ما وصفته بالوضعية "الصعبة"، دعت وزارة الداخلية، في بيان لها، الولاة والعمال إلى تفعيل لجان المياه للسهر على تطبيق إجراءات صارمة لتنظيم استعمال المياه.

قيود لمواجهة "الإجهاد المائي"

ونصّ البيان، وفق "سكاي نيوز عربية"، على ضرورة تطبيق القيود على تدفقات المياه الموزعة، مع العمل على منع استعمال المياه التقليدية، مياه الشرب السطحية أو المياه الجوفية، في عملية سقي المساحات الخضراء وملاعب الغولف.

وشددت على ضرورة حظر السحب غير القانوني للمياه من الآبار والمجاري المائية، إلى جانب حظر غسل الشوارع والأماكن العامة بمياه الشرب، ومنع استعمال هذه المياه لغسل الشاحنات والآليات.

ويأتي هذا البيان في الوقت الذي دقّ وزير الماء نزار بركة، ناقوس الخطر بخصوص تهاوي مخزون الماء.

وحذّر المهندس البيئي الخبير في قضايا المناخ، محمد بنعبو، من زحف العطش إلى حوالي 50 مدينة، وهي تنبؤات نبه إليها الخبراء منذ بداية السنة.

وتابع بنعبو: "حاليًّا وصلنا إلى مرحلة صعبة، يجب تدبيرها بحكمة؛ لأن السدود تتعرض لضغط كبير، بسبب الحاجة المتزايدة للمياه".

في هذا الاتجاه شرعت السلطات المحلية بعدد من المدن في خفض تدفق المياه؛ حيث ستضطر ساكنة حواضر وأقاليم، إلى التأقلم مع الوضع الجديد المترتب عن اضطراب التزويد بالماء.

وكانت الوكالة المستقلّة الجماعية لتوزيع الماء والكهرباء بكل من الجديدة وسيدي بنور "غرب"، ونظيرتها بتازة "شرق"، أعلنت اللجوء الاضطراري لخفض ضخّ المياه الصالحة للشرب، ابتداء من 25 يوليو 2022.

من وجهة نظر الخبير الاقتصادي رشيد ساري، فإن الأزمة الحالية ليست وليدة اللحظة، بل ترجع لأكثر من عقد من الزمن، حين قرّر المغرب اعتماد زراعات ترتكز على "تصدير الماء"، من خلال الطماطم والحوامض والأفوكادو وغيرها، وهي زراعات استنزفت المساحة المائية في ظل وضع مناخي يتسم بالجفاف.

وأضاف الخبير: أن "ما يُتعارف عليه أن الدول التي لا تتوفّر على 1000 متر مكعب لكل فرد تعتبر فقيرة مائيًّا. وللأسف حصة كل فرد في المغرب انتقلت من أربعة آلاف متر مكعب في ستينيات القرن الماضي إلى 630 مترًا مكعبًا سنة 2021".

ودعا الخبير لاستراتيجية زراعية جديدة للحد من إهدار الماء، مؤكدًا أن "الخطوات التي سيتم اعتمادها بشكل عاجل فيما يخص استهلاك المواطنين، لن تكون كفيلة لوحدها بحل المشكلة، خاصة إذا علمنا أن القطاع الزراعي يستهلك أكثر من 80 في المئة من مجموع الاستهلاك العام".

وخلُص رشيد ساري إلى "أننا اليوم أمام كارثة حقيقية، خاصة أن نسبة السدود تحت عتبة 30 في المئة، وهو وضع غير مسبوق، وربما سنعيش انقطاعات في التزود بالماء بشكل دوري خلال هذا الصيف، وهذا الوضع كان منتظرًا منذ أبريل الماضي".

من جانبها شدّدت فاطمة ياسين، باحثة في المجال البيئي، على أهمية الإجراءات التي أوصت بها وزارة الداخلية، لافتة إلى أهمية التوعية في إشراك المواطن في عملية الحفاظ على الماء وتجنب إهداره، لا سيما خلال فترة الصيف التي تعرف استعمالًا مفرطًا لهذه المادة الحيوية.

وأكدت على "ضرورة تكثيف عمليات التوعية في الشواطئ والمخيمات الصيفية وحتى المساجد، بغرض نشر ثقافة الحفاظ على الماء، خصوصًا في هذه الأجواء الحارة التي يلجأ فيها البعض للاستحمام لمرات متكررة خلال اليوم، أو لإهدار الماء أثناء الوضوء".

كما حثّت عضو المنتدى العربي للبيئة والتنمية، على "ضرورة اللجوء إلى استعمال المياه العادمة لسقي ملاعب الغولف والمساحات الخضراء، إلى جانب مراقبة وصيانة المسابح، وكذا استعمال الأدوية لتفادي تجديد مياهها بشكل مستمر".

يُذكر أنه حتى 18 يوليو 2022، سجل المعدل الوطني لمعدل ملء السدود الرئيسية في المغرب 29.2 في المئة فقط، بانخفاض يقارب النصف، مقارنة بـ45.2 في المئة المسجلة في الفترة ذاتها من العام الماضي، أو حتى عام 2020 الذي سجل 44.4 في المئة. ويبتعد الرقم أكثر فأكثر عن نسبة 53.8 في المئة المسجلة في نفس التاريخ من عام 2019.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org