دماء "قبرص اليونانية" بين 500 عام وأزمتين .. "أردوغان" يتحسّس "أربكان"!

مؤامرات وانقلاب وتنازلات .. الضحية واحدة ومآسي العثمانيين بالجزيرة بلا شفيع
دماء "قبرص اليونانية" بين 500 عام وأزمتين .. "أردوغان" يتحسّس "أربكان"!

جاءت الذكرى الخامسة والأربعون للغزو التركي الغاشم على جزيرة قبرص الصغيرة، بتخطيط من نجم الدين أربكان (1926 - 2011)؛ الأب الروحي لإخوان تركيا، في ظرفٍ يشهد عدواناً تركياً جديداً على يد تلميذه النجيب رجب أردوغان؛ الذي يسعى لتأجيج الوضع في الجزيرة، بهدف الاستيلاء على ثرواتها الطبيعية من الغاز الطبيعي.

وكانت جزيرة قبرص؛ اليونانية الأصل، قد خضعت للاحتلال العثماني منذ 1570م، حتى عام 1878 عندما تنازلت عنها الإمبراطورية العثمانية لبريطانيا مقابل دفع ضريبة سنوية، ثم ضمّتها بريطانيا إليها سنة 1914 بعد وقوف الدولة العثمانية ضدّها في الحرب العالمية الأولى.

وبحسب موقع "عثمانلي"؛ المهتم بالشأن التركي، تنازلت تركيا رسمياً عن الجزيرة لبريطانيا بموجب معاهدة لوزان سنة 1923م، وبقيت الجزيرة خاضعة للسيطرة البريطانية حتى نالت استقلالها في 16 أغسطس 1960، حيث تمّ اختيار الأسقف مكاريوس (1960 - 1977) رئيساً لها، وفاضل كوجك؛ نائباً له.

وبعد استقلال الجزيرة، سعت تركيا لاستعادتها مرة أخرى، ولكن بالمؤامرات هذه المرة، حيث وفّرت أنقرة جميع سُبل الدعم للقبارصة من الأصول التركية سواء بالمال أو السلاح، مما شجّعهم على شن هجمات على القبارصة من الأصول اليونانية وانطلقت المصادمات الدموية بين الطرفين عام 1963م.

القبارصة الأتراك حينها كانوا يريدون الاحتفاظ بالامتيازات التي منحها لهم دستور سنة 1960، الذي فرضته بريطانيا نكاية في المناضلين اليونانيين الذين كافحوا ضدّها حتى حصلوا على استقلال الجزيرة، وكان يقود القبارصة الأتراك "الحزب الوطني التركي" بزعامة فاضل كوجك؛ الذي سعى لتنفيذ مخططات أنقرة بتقسيم الجزيرة.

ومرّ العدوان التركي على قبرص بأزمتين، عُرفت الأولى منها بالأزمة القبرصية الأولى (1963 - 1964) التي شهدت اعتداءات تركية سافرة على قبرص؛ لا سيما المناطق التابعة للقبارصة اليونانيين فيها، وتسليحها "منظمة المقاومة التركية" (تي إم تي) الإرهابية، وقيام سلاح الجو التركي بشن غارات جوية على مناطق القبارصة اليونانيين.

وفي الأزمة القبرصية الثانية بين عامَي (1967 - 1974) جرى الانقلاب على الرئيس القبرصي مكاريوس (1913 - 1977م) الرافض لتقسيم الجزيرة، ومن ثم اتخذت أنقرة هذا الانقلاب ذريعة لغزو الجزيرة، وفي كلتا الأزمتين عاشت تركيا في عزلة دولية سواء في محيطها الإسلامي، حيث وقفت الدول العربية ضدّها وساندت قبرص واليونان، كما عاشت عزلة دولية في محيطها الغربي مع دول حلف الناتو، لا سيما الولايات المتحدة التي فرضت عليها بعض العقوبات، وصارت تركيا دولة منبوذة، كما يعيد التاريخ نفسه اليوم.

ووفق "سكاي نيوز" أعلنت "الخارجية" التركية، اليوم الثلاثاء، أن العقوبات التي أقرّها الاتحاد الأوروبي رداً على مواصلتها أعمال التنقيب غير الشرعية في المياه الإقليمية القبرصية لن تؤثر في تصميم أنقرة على استكشاف الطاقة في شرق المتوسط.

وأقرّ الاتحاد الأوروبي، أمس الإثنين، سلسلة من العقوبات السياسية والمالية بحق تركيا، وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني؛ في ختام اجتماع لوزراء خارجية الدول الـ 28 عُقد في بروكسل "تمّ إقرار إجراءات بحق تركيا، وستعلن خلال الساعات القليلة المقبلة".

ولم تكشف موغيريني؛ هذه العقوبات خلال مؤتمرها الصحافي، لكن مصدراً دبلوماسياً أكّد أنها ستعلن نحو الساعة 20:00 ت غ.

وأفادت مصادر أوروبية عدة، بأن العقوبة الأكبر هي اقتطاع 145.8 مليون دولار من مبالغ تابعة لصناديق أوروبية من المُفترض أن تُعطى لتركيا خلال عام 2020.. كما طلب من البنك الأوروبي للاستثمار مراجعة شروط تمويله لتركيا، حسبما أفادت به مصادر أوروبية عدة.

وعُلم أن الاتحاد الأوروبي قرّر أيضاً تقليص حواره العالي المستوى مع تركيا من دون قطعه.

وقال دبلوماسي أوروبي رفيع في هذا الإطار "من غير المستبعد إقرار عقوبات أخرى لاحقاً".

وكان قادة الاتحاد الأوروبي قد هدّدوا في نهاية يونيو بفرض عقوبات على أنقرة في حال رفضت وقف عمليات التنقيب "غير الشرعية".. إلا أن عمليات التنقيب هذه تواصلت رغم التحذيرات الأوروبية وبات الوضع "غير مقبول" حسب هذا الدبلوماسي.

والمعروف أن جمهورية قبرص العضو في الاتحاد الأوروبي لا تمارس سلطتها سوى على القسم الجنوبي من الجزيرة، في حين تسيطر القوات التركية على القسم الشمالي البالغة مساحته ثلث الجزيرة، وأعلنت فيه "جمهورية شمال قبرص التركية" غير المعترف بها دولياً.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org