"أي إصبع يأتي للمملكة سنقطعه".. الحزم السعودي مع كندا سبقته مواقف مشابهة مع دول أخرى

الموقف الرادع لمحاولات فرض الإملاءات والمساس بالسيادة كان حاضراً في أكثر من مناسبة
"أي إصبع يأتي للمملكة سنقطعه".. الحزم السعودي مع كندا سبقته مواقف مشابهة مع دول أخرى

جاء رد وزارة الخارجية السعودية قوياً وحازماً على التصريحات غير المسؤولة والاستعلائية لوزيرة الخارجية الكندية والسفارة الكندية في المملكة، التي شملت تدخلاً سافراً في الشأن السعودي الداخلي؛ وذلك باستدعاء سفير خادم الحرمين في أوتاوا، واعتبار السفير الكندي شخصاً غير مرغوب فيه، فضلاً عن تجميد كل التعاملات التجارية والاستثمارية الجديدة بين المملكة وكندا مع احتفاظها بحقها في اتخاذ إجراءات أخرى.

وعبر التاريخ قابلت المملكة محاولات تسييس القضايا الداخلية السعودية، أو التدخل في الشأن السعودي العام بكل حزمٍ، وكان الرد السعودي حازماً وعلى لسان وزير خارجيتها الراحل الأمير سعود الفيصل؛ حينما قال في كلمة شهيرة له: "أيّ إصبع يأتي للمملكة سنقطعه" .. في دلالة واضحة على رفض المملكة القاطع والحاسم أيّ محاولات تدخل في شأنها الداخلي، النابع من كون المملكة لا تتدخّل مطلقاً في شؤون الدول الأخرى.

وكان الردع السعودي لمحاولات فرض الإملاءات من قِبل القوى الغربية، والمساس بالسيادة السعودية حاضراً في أكثر من مناسبة مع دول عدة، وهو ما حدا بتلك الدول إلى الاعتذار للمملكة تارة، أو تخفيف تصريحاتها والقول بالتباسها تارة أخرى، بعد ما وجدوا رداً حازماً لا يقبل المساس بالشأن المحلي السعودي.

اعتذار سويدي سريع

عدم تهاون المملكة مع التعدّي على سيادتها والتدخّل في شؤونها الداخلية تبلور في الأزمة الدبلوماسية مع السويد، التي نشبت في مارس 2015، على خلفية التصريحات التي أطلقتها مارجو والستروم؛ وزيرة خارجية السويد، أمام البرلمان السويدي، وتطرقت خلالها إلى الشأن الداخلي السعودي، موجّهة انتقادات لأوضاع المرأة السعودية، وبعض الأمور التي زعمت علاقتها بالحريات.

وكرد فعل عربي مشترك، تضامنت جامعة الدول العربية مع السعودية؛ ليتم إلغاء كلمة وزيرة الخارجية السويدية في الجلسة الافتتاحية لاجتماع وزراء الخارجية العرب بالقاهرة، الذي عُقد في 9 مارس 2015، بعد أن وصلت مارجو والستروم؛ بالفعل قُبيل الاجتماع بيوم، تلبية لدعوة تلقتها من الجامعة الدول العربية، إضافة إلى بيانات الشجب والتنديد التي انطلقت من بعض العواصم العربية والخليجية، حتى وصلت إلى قيام الإمارات باستدعاء سفيرها لدى ستوكهولم.

ولم تكتفِ المملكة ببيانٍ شديد اللهجة أصدره مجلس الوزراء برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز؛ بل لوّحت كذلك بمراجعة علاقتها مع السويد، مؤكدةً رفضها التدخّل في شؤونها الداخلية، وشدّدت على أن القضاء مستقل في السعودية، "ولا سلطان عليه سوى الشريعة الإسلامية".

وانتهت الأزمة سريعاً بعد أيامٍ معدودة؛ عقب الجهود التي قادها ملك السويد، حيث اختار الملك إرسال شخصية رفيعة المستوى مُمثلة في وزير الدفاع السويدي السابق البارون بيورن فون سيدو؛ ممثلاً فوق العادة يحمل رسالة الملك الشخصية ورسالة رئيس الحكومة استيفان لوفين؛ إلى خادم الحرمين، وتتضمن اعتذار الحكومة وتوضيحاً من لوفين؛ لموقف حكومته الإيجابي من الإسلام، مشيراً إلى أن السعودية تبذل كل جهد للحفاظ على قيم الإسلام الرفيعة والسمحة.

"أنا في طريقي للمطار يا سيد زيجمار"!

كان وزير خارجية ألمانيا "زيجمار جابرييل"؛ بطلاً للأزمة الدبلوماسية التي نشبت بين الرياض وبرلين في نوفمبر 2017م؛ حينما أدلى بتصريحات مشينة وعشوائية اتهم فيها المملكة باحتجاز رئيس الوزراء اللبناني "سعد الحريري"؛ و"زعزعة استقرار دول منطقة الشرق الأوسط"، وهو ما قُوبل باستهجان سعودي رسمي، واستدعت الرياض سفيرها من برلين للتشاور، كما سلّمت سفير ألمانيا لديها مذكرة احتجاج على هذه التصريحات المشينة وغير المبررة.

وجاء رد "الحريري"؛ مفحماً وسريعاً على الاتهامات العشوائية لوزير خارجية ألمانيا؛ حينما كتب تغريدة باللغة الإنجليزية على حسابه في "تويتر" قبل إقلاع طائرته من الرياض إلى باريس: "القول بأني محتجزٌ بالسعودية وغير مسموح لي بمغادرة البلاد كذبة. أنا في طريقي إلى المطار يا سيد زيجمار جابرييل".

وعقب الرد السعودي الدبلوماسي القاسي، وتفجّر الأزمة الدبلوماسية، حاول الوزير الألماني المتسبّب في الأزمة تهدئة الموقف، والرجوع السريع عن موقفه غير المبرر؛ إذ أشار إلى أن تصريحاته أُسيء فهمها، وإن العلاقات الألمانية - السعودية ليست فقط محورية؛ بل إنها مهمة لألمانيا ومنطقة الشرق الأوسط.

بدورها، حاولت "الخارجية" الألمانية تبرير تصريحات وزيرها "زيجمار جابريل"؛ والتخفيف من وطأة الأزمة مع المملكة، وقالت متحدثة باسم الوزارة: "رسالتنا موجّهة إلى المنطقة بأكملها نريد منطقة مستقرة يُسهم فيها الجميع على نحو بنّاء".

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org