أصبحت السعوديات في هذا العصر ينافسن الرجال بأغلب الوظائف، بل أصبحن في بعضها يتفوقن عليهم .. "سبق" تقدم نموذجين لشابتين سعوديتين اقتحمتا عالم الجوالات وصيانتها، وأثبتتا جدارتهما فيها.. في البداية كانت هواية، ومن ثم تحولت إلى مصدر دخل يغنيهما عن أي وظيفة كانتا التحقتا بها.
"سبق" رصدت اثنتين من تلك التجارب، والقصص الخاصة بمواطنتين دخلتا سوق العمل في هذا القطاع، واستمعت لحكاياتهما ومسيرتهما.
الجوهرة القحطاني، وهي صاحبة شركة صيانة جوالات والطاقم الموجود معها نسائي سعودي ١٠٠ ٪ والتي تخرجت من قسم شبكات وأنظمة الاتصالات من جامعة الأميرة نورة، فقد قادتها هوايتها إلى إصلاح جهاز "بروجكتر" متعطل منذ فترة في الجامعة، فكانت نقطة انطلاقها.
تقول "الجوهرة": خلال دراستي تمكنت من إصلاح أجهزة أهلي وصديقاتي، ومن ثم أصبحت أقوم بإصلاح أجهزة الطالبات، حينها قررت أن أنقل هذه الهواية من مرحلة الممارسة إلى مرحلة الاستثمار، وهو ما دفعها إلى إنشاء حساب لها في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" لاستقبال الطلبات للدارسات في الجامعة.
وشجعها ذلك، على استقطاب كوادر سعودية شاركنها في إدارة العمل وإنجاز الطلبات بسبب كثرتها بكل كفاءة واقتدار، ليحتفلوا أخيرًا بأول أعوام باكورة فروعهن، واللاتي تمكنّ من خلاله تقديم أكثر من ألفي خدمة متنوعة بين إصلاح أجهزة الحواسب والهواتف المحمولة، لتحقق وفريقها المرتبة الثالثة للمشاريع الصغيرة في مسابقة "get in the ring" ، إضافة إلى إجرائهن دورة تدريبية لطالبات الجامعة لمدة أسبوعين، للتدريب على كيفية صيانة الأجهزة والشبكات بهدف التعريف بأنظمة تشغيل الحاسبات ومكوناتها وكيفية الكشف عن المشكلات وحلها إضافة إلى مهارات أخرى.
وكشفت الجوهرة لـ"سبق"، العديد من المواقف التي تمر عليهن ومنها إحضار زوجات أجهزة أزواجهن الذكية لتفتيشها وفتيات أيضًا نرشدهن كيفية التوجه للهيئة لحل بعض المشاكل المتعلقة بجوالاتهن مثل تهديد أو ابتزاز، وأغلب الحالات نحولها للإرشاد الاجتماعي، وان العملاء من الجنسين النساء والرجال حيث يحضرون أجهزتهم مع أخواتهم أو إرسالها مع سواقينا.
والنموذج الآخر غادة عبدالرحمن الترجمي لم تجد فرصة وظيفية بعد حصولها على درجة البكالوريوس في قسم اللغة العربية، ولكن لم تتوقف بل التحقت بإحدى الدورات التدريبية في المدينة المنورة، وحصلت على دبلوم في الحاسب الآلي، وهو المجال الذي وجدت نفسها تبرع فيه؛ كونها تتعامل يوميًا مع الأجهزة الحاسوبية والذكية، لتبدأ في تطوير مهاراتها، وتجعل هوايتها وشغفها مصدر دخل لها منذ ثلاثة أعوام بدلاً من الوظيفة التي لم تتحصل عليها.
وبدأت "غادة" نشاطها في المحيط القريب بشكل محدود، وهو ما وجد قبولاً لدى أهلها وأقاربها، الذين بدؤوا في تفضيل قيام غادة بصيانة أجهزتهم بدلاً من اللجوء إلى محال الصيانة المنتشرة في أرجاء المدينة، الأمر الذي أغراها بتأسيس مركزها الخاص في طريق الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز بالمدينة المنورة، على الرغم من استغراب الكثيرين من اقتحام امرأة مجال الصيانة والبرمجة، لكنها تمكنت من كسب ثقة عملائها الذين بدأت تتوسع دائرتهم شيئًا فشيئًا، حتى أصبحت السيدات والشابات يتوجهن مباشرة إلى غادة لإصلاح أجهزتهن أو الاستعانة بمعرفتها بطرق الاستخدام وكيفية تفعيل بعض الخدمات.
يُذكر أنه منذ صدور قرار وزارة العمل القاضي بقصر العمل في قطاع الاتصالات بأكمله على السعوديين والسعوديات، تفاءل الكثير من المواطنين والمواطنات بالقرار وتفاعلوا معه، خصوصًا أولئك الذين بدؤوا بالعمل في هذا المجال بإمكانات محدودة وتمكنوا من حجز مكان لهم في هذا القطاع، يقصده العملاء دون غيرهم من العمالة الوافدة، وذلك من مبدأ الثقة بالأيدي العاملة الوطنية، والكفاءات المتميزة من أبناء هذا الوطن.