قال مدير عام المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون الخليجي؛ الدكتور توفيق خوجة، إن مشكلة "السكري" لا تتحمّلها وزارة الصحة وحدها فحتى وزارة التعليم، ووزارة التجارة، وهيئة المواصفات والمقاييس لها دور في تفشي الإصابة، كاشفاً عن دراسة بيّنت أن نمط الحياة في المجتمع السعودي وجملة "اعزمني وأعزمك" أسهما في رفع النسبة إلى 25 %.
وأضاف "خوجة"؛ عقب نهاية المؤتمر التعريفي للمراكز الدولية لرعاية وعلاج مرضى السكري "ترينا هيلث 2016"، الذي أُقيم برعاية من أمير منطقة الرياض، أن داء السكري ليس مشكلة وزارة الصحة إنما مشكلة الأمة من وزارة التعليم ووزارة التجارة وهيئة المواصفات والمقاييس، كما أن المراكز الصحية لم تقم بدورها الأساسي، والدراسة التي أُقيمت في مدينة الرياض وجدنا أن بعض الأمراض، مثل أمراض السكري والربو والقلب لم تأخذ حيزها في الرعاية.
وتابع، ما بين 5 - 7 % فقط مسجّلون في المراكز الصحية وهؤلاء يحظون برعاية طبية، ويجب إلزام الأطباء بتطبيق برامج التثقيف على أنفسهم قبل توعية المريض، مشيراً إلى أن مراكز الرعاية الأولية في المملكة تئن من عدم وجود طبيب أسرة ومجتمع مختص، وتحتاج إلى 18 ألف طبيب أسرة.
وكشف الدكتور توفيق، عن أن ما تقوم به وزارة الصحة من جلب أطباء من جمهورية باكستان وغيرها لا يفي بالحاجة، وفي أمريكا وبريطانيا وكندا وهولندا والبحرين وعُمان نجحت المراكز الصحية في محاربة مرض السكري، وتحسين بيئة المريض، ولأهمية أطباء الأسرة في المجتمع فقد اشترت أمريكا معظم عقود أطباء الأسرة في العالم، ويتقاضى طبيب الأسرة أعلى أجراً من طبيب القلب.
وأوضح أن هناك دراسة للدكتور خالد الربيعان؛ عن ازدياد مطرد للمصابين من النساء بالسكري والسمنة أكثر من الرجال، مرجعا ذلك لنمط الحياة وطريقة الأكل، والوجاهة الاجتماعية و"اعزمني وأعزمك"، والتسريع في الأكل، وأيضاً الوجبات السريعة والحلويات والتدخين.
وأشار "نحتاج إلى تحفيز المواطن وتمكينه من تخفيض نسبة السكر، وبريطانيا تقدّمت في هذا الشأن حيث تضع ضرائب على السكر، والكويت والبحرين وعُمان بادرت كذلك، ولابد من وضع مبادرات بالنسبة للمراكز الصحية التي تستطيع تخفيض عدد دخول الأشخاص من المصابين بالسكري، بحيث يعطي أفراده حوافز مادية؛ لأنه استطاع أن يخفّض المعدلات، ويرفع مستوى الوعي.
وطالب الدكتور توفيق خوجة؛ بإيجاد مرشدة صحية في المدارس لأن الاستثمار في الطلاب والطالبات هو استثمار للمستقبل، متمنياً في الوقت ذاته أن تكون هناك رياضة للبنات في المدارس حسب الشريعة الإسلامية، وأن تراعى حفظ الكرامة والخصوصية بهذا الشأن، معللاً ذلك بإصابة 20 % من البنات بالسمنة، ونصف تلك النسبة مصابة بضغط الدم.
من جانبه، قال رئيس مركز "ترينا هيلث" الأمريكي لعلاج ورعاية مرضى السكري؛ الدكتور "جيلبرت فورد"، إن البحث عن مفاهيم جديدة في أمراض السكري والاستفادة منها قد تخفّف من نسبة الإصابة وتؤدي للشفاء منه، ومرضى السكري يعانون الاكتئاب، وأمراضاً أخرى ويعانون عدم التعايش مع المرض، وفي أمريكا ابتكروا بعض المفاهيم الاجتماعية لتسهيل التعامل مع المرض.
وبيّن أن دورهم في هذه المبادرة مع جمعية السكري السعودية الخيرية هو رفع الوعي التام للمريض، وكذلك تخفيض التكاليف على الحكومات، وأن يعيش المريض حياة أفضل، وأن يكون نظام التمثيل الغذائي مناسباً وملائماً، واستطاعوا بأفكارهم في الولايات المتحدة من تخفيض مليارات الدولارات، وتحسين طريقة التعايش مع المرض.
وتابع، نعمل في مراكزنا على طريقة علاج مريض السكري لإعادة الإنسان ليكون شبه طبيعي في سلوكياته الداخلية للجسم في إحراق "الهيدروكربونات" والسكر، و93 % من المرضى في أمريكا استطاعوا التعافي من الأمراض الجانبية، مثل الفشل الكلوي والأعصاب، بسبب تعاملهم مع مركز الدماغ في إحراق "الهيدروكربونات"، والتجاوب مع المبادرات التي تعتمد على إعادة بناء الإنسان الفكري والمعرفي.
وأضاف "فورد": في أمريكا يعيدون التعامل مع السكري؛ بحيث يتبنون أفكاراً جديدة، ودراساتهم أثبتت أن عمليات "الأيض" هي تحضير لمراكز الدماغ في التعامل مع مشكلة السكري، وليس فقط إعطاء المريض دواءً، وهذا أثبت النجاح لمحاربة المرض في أمريكا.
وختم بقوله: "عملنا في مركز (ترينا هيلث) دراسات مسحية على كل الأعراق في العالم إلا أستراليا، ولاحظنا أن كلهم لديهم النمط نفسه و التوجهات نفسها، ووجدنا أن التوعية والتمكين هما وحدهما الكافيان لمحاربة السكري، وأخيراً كل سلوكيات المجتمع ترجع إلى الوعي.
وفي السياق ذاته، قال الدكتور عوض الشهراني؛ استشاري غدد صمّاء، إن مرض السكري عام 1982 م، كان يشكّل نسبة 2 % في المجتمع آنذاك، وفي عام 2016م، بلغ 25 %، والفئة الغالبة في الإصابة بالسكري من الجنسين هم المراهقون بنسبة 35 %، وأصبحت السمنة هي بوابة الدخول للمرض.
وأضاف: لا بد من تكاتف المجتمع مع الوزارة ومؤسسات المجتمع، وجمعيات السكري لوضع تدابير تخفض نسبة الإصابة؛ لأن مريض السكري يُصاب بسببه بأمراض أخرى تكلّف الفرد والدولة.
بدوره قال استشاري غدد صماء ورئيس اللجنة العلمية للمؤتمر؛ الدكتور ناجي الجهني، إن الأرز من بين أسباب الإصابة بالسكري، ففي عام 1999م، كان حجم الاستهلاك بالنسبة للفرد 18 كيلو جراماً في السنة، والآن 35 كيلو.
وأشار إلى أن مرض السكري في المملكة أصبح يشكل هاجساً كبيراً للسعوديين؛ حيث أظهرت الإحصائيات خطورة الإصابة به، وأصبح يكلف خزينة الدولة 15 % من إجمالي اقتصاديات الصحة.
وذكر رئيس مجلس إدارة جمعية السكري السعودية الخيرية؛ الدكتور عبدالعزيز الحميدي، أن الجمعية استطاعت الوصول إلى المدارس وتوعية الطلاب والطالبات، ووجدوا حالات كثيرة، واتفقت مع وزارة التعليم على تدريب مشرفين في المدارس، ووزّعت 25 ألف جهاز لكشف السكر مجاناً، وهناك قافلة السكري تجوب محافظات الرياض وقراها للتوعية، وغطت الجمعية 35 مستشفى.