رحلات البحث عن "الفقع".. مَواقف مؤلمة وأخرى مضحكة.. والعقوبات والسجن تنتظر المخالفين

مواطنون و"آسيويون" يغامرون في الصحاري والأودية من أجل التسلية والـ٥٠٠ ريال
رحلات البحث عن "الفقع".. مَواقف مؤلمة وأخرى مضحكة.. والعقوبات والسجن تنتظر المخالفين
تم النشر في

(تصوير: ماجد البقمي) لا يخلو موسم البحث عن الفقع -أو كما يسمونه "الكمأ"- في السعودية والمنطقة الشرقية خاصة، من مواقف طريفة تارة أو مؤلمة تارة أخرى.

 

وقد لا يبالي الباحثون بهذه المواقف وتوابعها؛ ما داموا قد عاودا إلى ديارهم سالمين غانمين كميات وفيرة من الفقع، يوزعونه على الأهل والأقارب والأصدقاء، أو يحتفظون به لأنفسهم، أو قد يَعرضونه للبيع بأسعار قد تُلامس 500 ريال للكيلو جرام.

 

ويتزامن موسم البحث عن الفقع، مع أول زخات مطر تلمس الأرض في موسم الوسم من كل عام. واعتاد الأصدقاء والجيران والأهل، على القيام برحلات برية قد تستغرق ساعات قليلة، وقد تمتد لأيام، في الصحاري والأودية؛ بحثاً عن الفقع أينما وُجد.

 

ولأن غالبية الباحثين عن الفقع في الصحاري من محبي المغامرات؛ فقد يتعرضون إلى مواقف، بعضها ظريف ومضحك، والبعض مؤلم ومُضر، وقادت رحلات البحث عن "الفقع" بعض الشباب إلى تحقيقات الجهات الأمنية، ثم السجن، والبعض الآخر كان عُرضة للموت جوعاً وعطشاً.. وربما خوفاً، وآخرون تعرضوا لمفاجآت غير سارّة.

 

ونجحت مواقع التواصل الاجتماعي، في رصد بعض هذه المواقف في مقاطع فيديو، تنتشر بين أوساط المجتمع.

 

الحبس 30 شهراً

ومن آخر المواقف التي وقعت لمحبي البحث عن الفقع في المنطقة الشرقية؛ ما أعلنت عنه دوريات حرس الحدود البرية في قطاع الخفجي، قبل أيام، من إلقاء القبض على شخصين آسيويين أثناء محاولتهما التسلل إلى دولة الكويت، كما أوقفت دوريات قطاع حفر الباطن 12 شخصاً لدخول منطقة الحدود أثناء بحثهم عن الفقع.. وقالت قيادة حرس الحدود في المنطقة الشرقية: إن دوريات حرس الحدود البرية بقطاع الخفجي تَمَكّنت من القبض على شخصين من جنسية آسيوية، كانا متجهيْن ناحية أراضي دولة الكويت سيراً على الأقدام؛ في محاولة لعبور الحدود بطريقة غير مشروعة (التسلل)؛ حيث تم القبض عليهما وإيقافهما وجرى تفتيشهما، ولم يُعثر معهما على أي من الممنوعات أو المحرمات، وجرى تحويلهما للتحقيق واستكمال الإجراءات النظامية بحقهما. وأضافت أن دوريات حرس الحدود بقطاع حفر الباطن أوقفت 12 شخصاً، داخل حرم الحدود، بعد تخطيهم الساتر الترابي؛ حيث تم إيقافهم وتفتيشهم، واتضح أنهم يبحثون عن الفقع، وجرى إحالتهم لاستكمال الإجراءات النظامية بحقهم، وتطبيق نظام أمن الحدود ولائحته التنفيذية. وقالت دوريات حرس الحدود: إن العقوبة تصل إلى الحبس 30 شهراً.

 

عقوبة مضاعفة

وأظهرت مَواقع التواصل الاجتماعي الكثير من المواقف الطريفة والمخيفة، التي وقعت للباحثين عن الفقع؛ حيث قامت أخيراً قيادة حرس الحدود في الحدود الشمالية، بعد اطلاعها على مقطع فيديو يُظهر أفراداً من حرس الحدود في قطاع جديدة عرعر، يبحثون عن الفقع، بتحويلهم إلى التحقيق. وأوضحت مديرية حرس الحدود، أن عقوبات مضاعفة تنتظر أفراد حرس الحدود؛ لأنهم استغلوا وجودهم في المناطق الحدودية، وقاموا بجمع الفقع في مخالفة صريحة للنظام.

 

وأظهر مقطع الفيديو الذي انتشر في بعض مواقع التواصل الاجتماعي، أحد منسوبي حرس الحدود متحدثاً عن القبض عليه، وإيقاع عقوبات بسجنه وتغريمه بسبب الفقع، وقال: إن مجموعة من أفراد حرس الحدود قاموا باستغلال وجودهم أثناء العمل داخل منطقة الحدود، وارتكبوا إحدى المخالفات التي نص عليها نظام أمن الحدود ولائحته التنفيذية.

 

كاد يفقد حياته

وكاد الشاب ماجد سعود أن يفقد حياته، أثناء رحلة للبحث عن الفقع، ويقول: "خرجتُ في أحد الأيام مع مجموعة من الأصدقاء، في 3 سيارات، واتفقنا على أن تذهب كل مجموعة في جهة للبحث عن الفقع؛ على أن نجتمع بعد صلاة العصر في مكان حددناه مسبقاً".

 

وأضاف: "خرجتُ بمفردي في سيارتي، ونتيجة للبحث الطويل في البر، وكثرة الدوران بالسيارة في عدد من المواقع التي كنت أنظر فيها طيلة الوقت من نافذة السيارة إلى الأرض بحثاً عن نبات الفقع، ولم أرفع رأسي طوال مدة الرحلة، لمعرفة الاتجاهات، ومدى ما قطعته من مسافات.. فجأة اكتشفت أن سيارتي تاهت في البراري، ولم أعد أعرف أين موقعي بالضبط، ولا إلى أين سأتجه، وانقطع بي وقود السيارة، وبقيت في مكاني أنتظر المساعدة".

 

وتابع "ماجد": "عاد زملائي إلى منازلهم، وظنوا أنني قد سبقتهم إلى المدينة؛ غير أنهم في اليوم التالي، عرفوا أنني تُهت بعد أن تَغَيّبت عن العمل، وتأكدوا من ذلك، بالاتصال بأسرتي، التي عرفوا منها أنني لم أرجع إلى البيت، وقد خرجوا مع مجموعة من الزملاء والمعارف في رحلة أخرى للبحث عني؛ حتى وجدوني نائماً في سيارتي".

 

حلقة مفرغة

ولا تختلف قصة الشاب فواز الشمري كثيراً عن قصة "سعود". ويقول: "دخلت بسيارتي في عمق الصحراء، ونزلت منها وترجلت؛ بحثاً عن الفقع، ويبدو أنني قد قطعت مسافة طويلة دون أن أدري؛ حتى اقتربت الشمس من المغيب، وعندها أردت العودة إلى مكان السيارة، بعد أن جمعت كمية لا بأس بها من الفقع؛ غير أنني ونتيجة للظلام الدامس والإرهاق؛ أضعت مكان السيارة التي ابتعدت كثيراً عنها في سيري على الأقدام".

 

وتابع: "بقيتُ لساعات أبحث عن السيارة؛ حتى أعياني المسير؛ مما جعلني أترك حصيلة ما جمعته من فقع؛ بسبب التعب والإجهاد، وعندما يئست من العثور عليها، اضطررت عندها للنوم في العراء؛ لحين طلوع النهار لعلي أرى بشكل واضح، ووجدت مع طلوع الفجر أنني طوال الليل كنت أدور في حلقة مفرغة؛ بينما كانت السيارة قريبة مني جداً؛ ولكن يبدو أن للظلام دوراً في ذلك".

 

شاب آخر، راهن زملاؤه على البحث عن الفقع في صحراء الخفجي، وجمع أكبر كمية منه، وبعد ثلاث ساعات من البحث المكثف، لم يجمع سوى أربع حبات صغيرة من الفقع،

وشعر الشاب أن زملاءه سيكسبون الرهان، وبالتالي سيكون عُرضة للسخرية والتهكم من قِبَلهم؛ مما اضطره إلى التوجه إلى أحد الأسواق وشراء أربعة كيلوجرامات من الفقع، والعودة سريعاً إلى الصحراء. وقال: "التقيتُ أصدقائي، وأخبرتهم أنني جمعت كمية كبيرة من الفقع، وبدت الدهشة على وجوههم، وأخبروني أنهم لم يتمكنوا من جمع أي كميات تُذكر، واعترفوا لي بالخبرة والمهارة، وكسبتُ الرهان، وحتى هذه اللحظة، يُشيدون أمام الجميع بمهارتي في جمع الفقع".

 

محاولات التحايل

فيما أظهرت عدد من مقاطع الفيديو التي نُشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، محاولة عدد من المواطنين التحايل على رجال حرس الحدود؛ حتى لا يتم القبض عليهم وهم يقومون بالبحث عن نبات "الفقع" بالقرب من المراكز الحدودية، والتي يُمنع الاقتراب منها؛ حيث أظهرت مقاطع الفيديو بعضَ المواطنين يختبئ خلف الحشائش والأشجار، والبعض الآخر ابتكر لباساً من الأشجار؛ حتى لا يتم القبض عليه؛ ولكن جميع هذه الحيل باءت بالفشل، وتم كشفها من قِبَل رجال الأمن.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org