استضاف المركز الأعلى للدراسات الدفاعية والاستراتيجية في مدريد الأمير منصور بن خالد بن عبدالله الفرحان آل سعود، سفير خادم الحرمين الشريفين لدى مملكة إسبانيا، الذي ألقى محاضرة عن السياسة الخارجية للمملكة، ومواقفها تجاه القضايا والأزمات الإقليمية في المنطقة، وذلك أمام 250 طالباً وضابطاً من طلاب وضباط إسبانيا و25 دولة، يمثلون خمس قارات، ضمن الحلقة الدراسية المخصصة لطلبة الدورة السابعة عشرة لأركان القوات المسلحة، وذلك بحضور رئيس المركز الأعلى للدراسات الدفاعية والاستراتيجية الفريق الفونسو دي لاروسا مورينا، ورئيس الكلية العليا للقوات المسلحة الإسبانية اللواء رافائيل سانشيث اورتيجا.
وقد بدأ الأمير منصور محاضرته بمقدمة موجزة عن المملكة العربية السعودية، وجهود تأسيسها على يد المغفور له جلالة الملك عبدالعزيز - رحمه الله -، مشيراً إلى المكانة الروحية الخاصة التي تحتلها السعوديةفي العالم الإسلامي الذي يحوي أكثر من مليار ونصف المليار مسلم؛ لاحتضان أراضيها البقاع المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة، ولتشرفها بخدمة الحرمين الشريفين، ولما تقدمه السعودية من جهود وخدمات لخدمة الحجاج والمعتمرين المتوقع أن يصل عددهم خلال السنوات الخمس القادمة إلى ثلاثين مليوناً سنوياً بعد الانتهاء من مشاريع توسعة الحرمين الشريفين، ولاعتزاز المواطن السعودي بدينه وهويته الوطنية وانتمائه العربي والإسلامي وإسهام الحضارة العربية الإسلامية في الحضارة الإنسانية المتعددة الثقافات والأديان والأعراق، وللإنجازات التنموية التي حققتها السعودية منذ تأسيسها، وجعلت منها اليوم دولة رفاهية قوية ومستقرة ومؤثرة سياسياً واقتصادياً على المستويَيْن الإقليمي والدولي.
وأشار إلى النقلة النوعية والإصلاحات السياسية والاقتصادية التي شهدتها السعودية خلال عام واحد منذ تولى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود مقاليد الحكم في السعودية، والتي شملت تحديث وتطوير هياكل الدولة، وآليات عملها، بما فيها إنشاء مجلس الشؤون السياسية والأمنية، ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، بما يضمن رفع كفاءة وأداء الأجهزة الحكومية لخدمة مواطنيالسعودية، ودفع مسيرة وبرامج التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والخدمية.
كما أشار إلى أن السعودية شهدت حدثاً مهماً، تمثل في مشاركة المرأة السعودية في الانتخابات البلدية اقتراعاً وترشحاً، وأن المرأة السعودية حققت بجدارة فوزاً مهماً في الانتخابات، يعزز من مكانتها ومشاركتها في الحياة العامة، ويضاف إلى دورها ومشاركتها الفعّالة في مجلس الشورى والمؤسسات المختلفة الأخرى.
كما تحدّث السفير عن دور السعودية القيادي في مجال الطاقة، وأنها تنتهج سياسة بترولية معتدلة ومتوازنة، تراعي مصالح المنتجين والمستهلكين، مع الحرص على نمو وازدهار الاقتصاد العالمي. وأشار إلى الأزمة الحالية التي تواجهها السوق البترولية العالمية نتيجة انخفاضأسعار النفط، مؤكداً أن السعودية والدول المنتجة للبترول في أوبك أوضحت أن الأزمة الحالية يعود سببها للفائض النفطي من خارج دول الأوبك، وأن مسؤولية تنظيم السوق البترولية ورفع الأسعار واستقرارها لا يجب أن تتحملها دولة واحدة أو دول عدة، وأن ذلك يتطلب تعاون وتنسيق الدول المنتجة للبترول من خارج أوبك.
وحول العلاقات السعودية - الإيرانية أوضح السفير أن المملكة العربية السعودية حرصت على مد يد الصداقة والتعاون إلى النظام الجديد فيإيران بعد الثورة الإيرانية في العام 1979م، إلا أنه آثر سعيه المحموم لتصدير ثورته للبلدان المجاورة، والتدخل في شؤونه الداخلية، ومع ذلك التزمت السعودية بمبدأ حسن الجوار، كما اتبعت سياسة عقلانية، تقوم على الحلم والصبر، وتخفيف التوتر، وعدم التصعيد في مواجهة الاستفزازات والتهديدات الإيرانية المستمرة التي كان من بينها استغلاله لمواسم الحج السنوية لتعكير أجوائه الإيمانية، بالإصرار على تنظيم المسيرات، ورفع الشعارات السياسية وأعمال الشغب، التي أدت إلىقتلى وجرحى في العام 1987م. واستمر هذا السلوك سنوات عدة مع زيادة التحريض الطائفي وإثارة النعرات الطائفية في المنطقة، والقيام بأعمال تخريبية لإشاعة الفوضى وزعزعة الأمن والاستقرار. كما عمدإلى دعم وتدريب الخلايا الإرهابية، وتوجيهها للقيام بأعمال إرهابية داخل السعودية، كان من بينها تفجير الخبر في العام 1996م. ولاحت خلال فترة حكم الرئيس الإيراني الأسبق خاتمي فرصة قصيرة لتحسين العلاقات بين البلدين، إلا أن الطبيعة الأيديولوجية الطائفية لهذا النظام، وسعيه الحثيث للهيمنة والتوسع، لم يساعدا على تحقيق النجاح المنشود لبناء علاقات طيبة، كانت تسعى السعودية إليها بكل نية حسنة.