حرص الباحث في تاريخ المدينة المنورة فؤاد المغامسي منذ أكثر من 5 سنوات على نثر الصور النادرة والقديمة للمدينة المنورة، سواء التي كانت في عهود ماضية أو في عهدنا السعودي في ظل المملكة العربية السعودية، وكذلك حرص على تدوين معلومات بسيطة على الصورة للتعريف بها، وأيضًا إرفاقها بخلاصة توضيحية عما تحويه هذه الصورة بدقة في المعلومة، سواء من كتاب أو ممن عاصروا فترتها.
وتفصيلاً، قال الباحث في تاريخ المدينة المنورة فؤاد المغامسي لـ"سبق": "بالنسبة للصورة التاريخية فقد أسهب كثير من المؤرخين والباحثين والرحالة الاستكشافيين والجغرافيين في وصف أدق التفاصيل للمكان الذي هم بصدد الحديث عنه، وأسهبوا في رسم الصورة للقارئ؛ كي يتمكن من استيعاب هذا المكان من جميع النواحي، وذلك بوصفهم للمناخ وتقلباته، ووصفهم جغرافية المكان وتضاريسه من جبال وأودية وسهول وهضاب".
وأضاف: "كما وصفوا المدن وتقسيم أحيائها والمساجد والمنازل والأسواق وأشكال وملامح الفن المعماري لهذه الأحياء وما تحتويه من طراز في فن العمارة، وما تعطيه من إيحاء لحضارتها في مساجدها ومنازلها وأسواقها، وأيضًا وصفهم للقلاع والتحصينات من أسوار وأبراج تحمي هذه المدن؛ فيأخذ المؤلف - سواء كان مؤرخًا أو باحثًا أو رحالة استكشافيًّا - وقتًا طويلاً كي يسقط ما شاهدته عيناه على الورق ليوثقه".
وبيّن "المغامسي" أن المدينتَين المقدستَين مكة المكرمة والمدينة المنورة كانتا أولى المناطق في المملكة العربية السعودية أو في جزيرة العرب التي وُجد لها صور؛ لحرص الجميع - سواء المستشرقون أو الرحالة بصفة عامة - على تصويرها لأهميتها المكانية والزمانية والتاريخية.
وأفاد: "أصبحت الصورة القديمة وثيقة وسجلاً ومصدرًا تاريخيًّا في بعض الأحيان، بل تحوي الصور قيمة معلوماتية عن ملامح الحياة الاجتماعية، وتفاصيل النسيج العمراني، وتوضح كثيرًا من الأحيان الصبغة الحضارية لذلك الزمان. ومن أهم ما تضفيه الصورة البصرية التاريخية القديمة الواقعية في عملية التوثيق، وتعطي المتأمل فيها إحساسًا صادقًا بالعيش بين زواياها، والبحث فيما ورائها. وكلما كانت الصورة البصرية قديمة جدًّا زادت قيمتها ومكانتها التاريخية".
وأوضح "المغامسي": "المدينة المنورة مع تزايد أعداد الرحالة الذين قدموا إليها للزيارة أو لأي غرض استكشافي زاد وجود هذه الصور لها. ولهذه الصور دور بارز في التعريف بتراثنا ومعالم وملامح الحياة الماضية، وأيضًا الإفادة من الصور بوصفها سجلاً ومصدرًا تاريخيًّا ومعلوماتيًّا؛ ولذلك تقام كثير من المعارض للصور البصرية التاريخية القديمة، وأيضًا كثير من المتاحف تتزين بهذه الصور؛ لترسم للمهتمين والزوار لوحة تاريخية فنية جميلة، وتغذي الذكريات بتاريخ جميل".
واختتم قائلاً: "لا يستغني الباحث التاريخي الذي يستخدم في أبحاثه الصور القديمة أو التصوير التوثيقي عن الوصف الكامل والمفصل ضمن أسس علمية بحثية منهجية؛ لأنه بسرده وشرحه لهذه التفاصيل يعطي للقارئ والمشاهد لهذه الصورة ما تخفيه وراءها".