كشف برنامج "ما وراء الخبر" على قناة الجزيرة القطرية عن تورط إيران في تمويل حزب بوديموس اليساري الذي احتل المرتبة الثالثة في الانتخابات التشريعية الأخيرة في إسبانيا، وفقاً لمصادر إعلامية إسبانية، حيث تلقى الحزب مساعدات غير قانونية عبر شركات إنتاج تلفزيوني تستخدمها طهران لتمويل زعيمه بابلو أغلثياس. وأشارت المصادر إلى أن الشرطة فتحت تحقيقاً في الموضوع.
تأثير غربي
وفتحت حلقة أول من أمس من برنامج "ما وراء الخبر" ملف التدخل الإيراني، وسلطت الضوء على الجدل بشأن محاولات إيرانية للتأثير في أطر صناعات القرار الغربية، في ضوء ما يثار حول تورط إيران في تمويل الحزب الإسباني.
جهود سرية
يأتي ذلك في ظل الجهود السرية التي تبذلها حكومة الملالي لجذب المعارضين في دول العالم الثالث خلال السنوات الماضية وفقاً لمعتقداتهم، والتي أدت إلى تدخلات غير مقبولة في عدد من الدول، وصلت حالياً إلى قلب أوروبا.
تورط إيراني
رئيس مؤسسة الثقافة العربية في إسبانيا سعيد إدى حسن أكد خلال مداخلته في الحلقة أن ما أوردته التقارير الإعلامية ليس اتهامات، وإنما هي وقائع صرح بها صديق وشريك رئيس حزب بوديموس، وهو من كشف التورط الإيراني بعدما أبلغ مصلحة الضرائب الإسبانية بالموضوع.
وأشار إلى أن النظام الإيراني يعمل بذكاء شديد على التغلغل في إسبانيا، وهو يتجه إلى الأحزاب اليسارية لعلمه بأنها أصبحت قوة حقيقية داخل المجتمعات الأوروبية، مثل حزب بوديموس الذي حصل على خمسة ملايين صوت خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة، وأثبت أن بمقدوره تحريك الجماهير.
استمالة العرب
كما أن النظام الإيراني -يضيف إدى حسن- يحاول استمالة الجالية العربية والإسلامية المقيمة في أوروبا، حيث أسست طهران منذ بضعة أشهر مؤسسة "آل البيت" لهذا الغرض.
وكانت بعض الوثائق التي تم تسريبها إلى الإعلام الإسباني كشفت أن شركة "غلوبال ميديا" التابعة لرجل الأعمال الإيراني زاده عظيمي، كانت تعطي فواتير مضخمة لشركات تابعة لزعماء حزب بوديموس مقابل خدمات وهمية.
الأحزاب المتطرفة
من جهته، لم يستبعد الباحث في المعهد الدولي للدراسات الجيوسياسية خطار أبو دياب تورط إيران في تمويل الحزب اليساري الإسباني، باعتبار أن هذه الدولة تحاول أن تنسج علاقات حتى مع الأحزاب اليمينية المتطرفة في فرنسا مثل حزب الجبهة الوطنية، ومع أحزاب اليسار المتشدد ومع نواب وشيوخ من اليمين واليسار.
البحث عن نفوذ
وقال إن إيران تحاول القيام باختراق سياسي لبناء الصداقات والنفوذ، وإن لها عملاً واسعاً في أوروبا منها "مؤسسة آل البيت" الموجودة بقوة في عدد من الدول الأوروبية مثل بلجيكا وفرنسا وألمانيا، وهو أمر طبيعي -في نظر دياب- لأن هناك بعض المؤسسات التابعة لدول معنية تنشط خارج إطار حدودها.
ورأى دياب أن الإيرانيين يركزون على إسبانيا لأن فيها جالية عربية كبيرة من المغرب العربي، وخاصة من المغرب.
٥٠٠ مليون
الباحث في الشؤون الإيرانية حسين رويوران استبعد أن تكون إيران مولت حزب بوديموس، لأنه لم يصدر حتى الآن أي موقف رسمي في إثبات أو رد الادعاء، ولأن البلاد كانت في حالة حصار وتفتقر إلى السيولة، باعتبار أن التقارير الإعلامية تتحدث عن دفعها 500 مليون دولار للحزب الإسباني، ثم إن دعم التيارات اليسارية ليس وارداً في السياسة الإيرانية، وأخيراً لأن إسبانيا ليست دولة مؤثرة في الاتحاد الأوروبي ولا في مجلس الأمن الدولي.
خارج الحدود
غير أن "رويوران" اعتبر أن كل دولة في العالم تبحث لها عن نفوذ خارج إطار حدودها، معرباً عن اعتقاده بأن أولوية إيران تقتصر على منطقة الشرق الأوسط وليس على أوروبا أو أميركا، "نعم هي تبحث عن نفوذ، لكن ليس في الغرب".