أكد المتحدثون في الندوة العلمية التي شهدها المؤتمر الخامس لإعداد المعلم بعنوان "إعداد المعلم في ضوء مطالب التنمية ومستجدات العصر"، وأدارها معالي مدير جامعة أم القرى السابق الدكتور سهيل قاضي، ومن الجانب النسائي عميدة الدراسات الجامعية الدكتورة هالة العمودي، أهمية تطوير المعلم، مستعرضين العديد من المبادرات والمشاريع التي تعكف عليها الوزارة من أجل التطوير المهني للمعلم؛ لمواكبة التطورات والمتغيرات التي تشهدها مختلف جوانب الحياة.
واستعرض محافظ هيئة تقويم التعليم العام، الدكتور نايف بن هشال الرومي، الأهداف الرئيسية لهيئة تقويم التعليم العام، التي منها رفع جودة التعليم وكفايته، ودعم التنمية والاقتصاد الوطني. مشيراً إلى أن اختصاصات الهيئة تتمثل في بناء نظام تقويم التعليم العام، وبناء معايير مناهج التعليم العام، وبناء نظام الرخص المهنية، وبناء الإطار الوطني للمؤهلات، وإجراء البحوث ونشر التقارير، وترخيص الأفراد والمنشآت، والتواصل مع الهيئات الدولية المماثلة.
وأكد أن رسالة الهيئة هي لتقويم وتحسين جودة التعليم العام فيالسعودية، وأن الأهداف الاستراتيجية تحديد معايير المناهج الدراسية، ومعايير أداء الطلاب وتحصيلهم، وبناء اختبارات التقويم الوطنية وتطبيقها، وبناء المعايير المهنية ونظام واختبار الكفايات ومتطلبات الترخيص المهني للعاملين في التعليم، وبناء نظام تقويم أداء المدارس بمعاييره ومؤشراته، وتطبيقها على المدارس الحكومية والأهلية، وبناء مؤشرات قياس أداء النظام التعليمي، وإجراء المقارنات الدولية، وتقديم التوصيات، واستثمار نتائج البحوث والدراسات في التطوير، ودعم القرار، وتحسين الممارسات التعليمية، إضافة إلى إعداد إطار وطني للمؤهلات لتسهيل الوصول والتنقل بين مسارات التعليم والتدريب المختلفة.
وأشار إلى أن المتطلبات التي تحتاج إليها الهيئة هي: جاهزية الأشخاص، الجاهزية التقنية، الجاهزية المالية، التميز التشغيلي وجاهزية الأطرافالمعنية. مشيراً إلى أن قيم الهيئة هي (الاستقلالية، إحداث أثر، الشفافية، الشراكة والمهنية). موضحاً أن منهجية العمل التي تتخذها الهيئة دراسة أفضل التجارب الدولية، ودراسة الواقع المحلي، والتعاون مع خبراء محليين ومؤسسات محلية، والتعاون مع خبراء دوليين ومؤسسات دولية، والشراكة مع الميدان.
وأكد الدكتور "الرومي" أن المعايير المهنية لنطاق العمل للرخص المهنية واختبار كفايات المعلمين للمساهمة في رفع جودة أداء المعلمين والعاملين في التعليم، من خلال صناعة مهنة التعليم. مشيراً إلى أنها أصبحت جاهزة للتطبيق بعد أن تم دراسة الاحتياجات والوضع الحالي، وتصميم النسخة الأولية من المعايير بالشراكة مع الخبراء، والتحقق من معايير التطوير والتطبيق الميداني والشراكة.
ولفت إلى أن مرحلة التصميم حرصت على الشمولية، والوطنية، والعالمية، والتوافق مع الميدان والمجتمع. مشيراً إلى أن فريق العمل الذي شارك بلغ أكثر من 20 ألف تربوي، سواء كانت مشاركاتهم بفكرة أو رأي في مشروع المعايير المهنية للمعلمين.
مجاراة المتغيرات
ومن جهته، أكد المدير العام لمكتب التربية لدول الخليج، الدكتور علي بن عبدالخالق القرني، أهمية إعداد المعلم القدير لمواكبة التطورات والمتغيرات التي تشهدها مختلف جوانب الحياة. مشيراً في ورقة العمل التي قدمها بعنوان "نظرة مكتب التربية العربي لدول الخليج إلى إعداد المعلم وتنميته" إلى أن التطور شهدته مختلف جوانب الحياة العلمية والتقنية والسياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، وواكبه تطورات جذرية، انعكست آثارها على المنظومة التعليمية بكامل مدخلاتها ومخرجاتها. مؤكداً أن محاولات مجاراة التطورات والمتغيرات في الحقل التعليمي من خلال الخطط والمشروعات ستظل قاصرة إذا لم يكن لدينا معلمٌ قدير تم إعداده، وفق برامج عالية الجودة، توفّر للمعلم أرقَى الكفايات وأحدثها، وأجود المعايير في الاختيار والإعداد والتدريب والتقويم؛ لتُعدُّه لممارسة مهنة التعليم بمستوى يليق بدوره الفاعل في بناء الأجيال، وإسهامه في تزويد المجتمع بأبنائه القادرين على تحقيقأهدافه بوعيٍ وإخلاصٍ في مختلف الميادين" وقال "القرني": إن المعلم الذي نستهدفه يظل أسير النظرة المجتمعية التي غزّتها الأفكاروالرؤى التي التصقت بوظيفة المعلم منذ أن أصبحت المجتمعات تطلب وتتوقع من المعلم أكثر مما تطلبه وتتوقعه من أصحاب المهن الأخرى:شمولاً في الأداء، وتفانيًا في العطاء؛ ما ألقى بحملٍ كبير وهمٍّ ثقيل على المعلم، يقابله عدم تحقيق لكثيرٍ من متطلباته، بل النظر إليه نظرة دونية في المجتمع مقارنة بغيره. وحين يُجاهر المعلمون بتذمرهم من هذا الوضع نتشدق ونقول لهم إن التدريس رسالة وليست مهنة. وكأننا نريد من المعلم أن يكون زاهداً ضارباً في المثالية، متناسين أنه بشرٌ، له طموحاته، وله احتياجاته، وله مشاعره؛ ما يتطلب مواجهةً صريحة لما آل إليه حال المعلم، سواء داخل المدرسة ذاتها وما يُلقى على كاهله من أعباء، أو خارج أسوار المدرسة وما يراه من ظلم المجتمع له، وما يواجهه من متغيرات تكاد تعصف ببرامج إعداده وتأهيله وتنميته إذا لم نُحسِن التخطيط لها، ويكون المعلم بذاته عنصراً فاعلاً فيها.
وبيّن أن مكتب التربية العربي لدول الخليج يُدركـ عن يقين أن عمليات إعداد المعلم قبل التحاقه بمهنة التدريس، والاستمرار في تنمية كفاياته المهنية والثقافية أثناء العمل، يأتيان في قمة الأولويات لمن يخططون لتطوير التعليم متى ما رغبوا في أن يتحقق لخططهم النجاح؛ ولذلك فقد ترجم المكتب إدراكه هذا منذ تأسيسه، وعلى مدى خططه المتعاقبة واستراتيجيته التي يقوم على تنفيذها.
كما أكد الرئيس التنفيذي لشركة تطوير الخدمات التعليمية المشرف على وكالة المناهج والبرامج بوزارة التعليم، الدكتور محمد بن عبدالله الزغيبي، أن وزارة التعليم تُعِدُّ لتبني مشروعين بهدف التطوير المهني الشامل للمعلم. وقدم الزغيبي عرضاً لمشروع "التطوير المهني للمعلم" في ورقة العمل التي شهدها مؤتمر المعلم الرابع الذي تستضيفه جامعة أم القرى. وبدأ العرض بتحليل طبيعة وسمات النموذج التعليمي العام فيالمملكة العربية السعودية بالمقارنة مع النموذج الصناعي والتمهيني والخاص، ومن ثم تحديد منطلقات التطوير المهني المرتبطة بسمات المتعلم والمدرسة والمعلم، وتحديد عناصر المنحى الشامل للتطوير المهني، الذي يتضمن المعايير والرخص المهنية وأوعية التطوير المهني والحوافز وتقويم الأداء والمحاسبية، وكيف تتناغم فيما بينها لضمان فاعلية واستدامة التطوير المهني.
واستعرض "الزغيبي" تفاصيل المشروعين اللذين يدعم أحدهما النموذج التمهيني في التعليم، وهو مشروع بناء مجتمعات التعلم المهنية في عدد من الإدارات التعليم، بمشاركة أكثر من 800 من منسوبيها. والمشروع الآخر هو تطوير تعليم وتعلم العلوم والرياضيات، الذي يتبنى النموذج الصناعي المعياري في التطوير المهني للمعلم.
واختتم العرض بتحديد المتطلبات المستقبلية التي يُفترض تحقيقها للوصول للتطوير المهني الشامل والفاعل والمستدام.